مع دنو موعد استحقاقات 2021 بالمملكة، عادت ملامح التوتر الأزلي الذي يسم علاقة حزب العدالة والتنمية بقنوات القطب العمومي، لتطفو على السطح مجددا، وتتعالى معها شكاوى الحزب القائد للائتلاف الحكومي من تعاطي الماسكين بزمام الإعلام العمومي مع حضوره داخل هذه الوسائط الممولة من جيوب دافعي الضرائب.
وأحيا موقف “البيجيدي” الرافض لاعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في إطار مراجعة منظومة القوانين الانتخابية، الصراع القائم بينه وبين الإعلام العمومي، بعد أن خفتت حدته بشكل لافت، مقارنة مع الفترة التي كان فيها عبد الإله بنكيران، يقود فيها الحزب والحكومة.
وظهرت شرارات المواجهة الجديدة، عندما اتهم بعض أعضاء الحزب قناة “الأولى” بـ”ممارسة التعتيم” و”إقصاء” وجهة نظر الحزب ومن يساندون موقفه بشأن موضوع القاسم الانتخابي، مقابل منح مساحات لأصوات سياسية لتدافع عن تصورها له.
واستحضر الغاضبون في هذا السياق، واقعة قطع الاتصال الهاتفي بشكل مفاجئ مع عبد العزيز قراقي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، خلال استضافته، مؤخرا، في إحدى نشرات الأخبار الرئيسة بالقناة، إذ بمجرد انطلاقه في جرد عيوب والتأثيرات السلبية لهذا التوجه على الديمقراطية الناشئة في المغرب، حتى أعلنت مقدمة الأخبار نهاية الحوار لأسباب، قالت، تقنية.
نفس العذر ستدفع به القناة الثانية لتبرير قرارها القاضي بإلغاء استضافة نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سليمان العمراني، في البرنامج الحواري، “حديث مع الصحافة”، الذي كان سيتزامن بثه، يوم أمس الأربعاء، مع الجدل الواسع المثار حول القاسم الانتخابي وكذا مشروع القانون المتعلق بتقنين زراعة القنب الهندي.
وانبرى العمراني، في رد فعل غاضب إزاء خطوة “2M” إلى مهاجمتها إلى جانب باقي القنوات العمومية، معتبرا أنها تعيش “حالة شرود وتخلّ عن وظيفة تأطير النقاش العمومي”.
الأستاذ الباحث في العلوم السياسية، محمد شقير، يرى أن ما أسماه بـ”التباكي وخطاب المظلومية”، المتجدر في حزب “المصباح” هو الدافع وراء رميه قنوات القطب العمومي بتلك الاتهامات، مبرزا في تصريح لموقع “الأول”، أن “الحزب الإسلامي” مازال يرتدي جبة المعارضة، بينما يوجد في واقع الأمر على رأس السلطة التنفيذية.
ولا يشاطر شقير الرأي مع الأصوات التي تذهب إلى القول بوجود “فيتو” ضد “البيجيدي” في الإعلام العمومي، قناعته في ذلك أنه خلال فترة تولي مصطفى الخلفي وزارة الاتصال، انتعش ظهور الإسلاميين على شاشات التلفاز سواء كانوا وزراء أو قياديين في الحزب أو في الشبيبة، لافتا إلى أن “القناة الثانية، مثلا، فتحت أبوابها قبل أسبوعين لعزيز رباح، وقبله أمينة ماء العينين، ومصطفى الرميد، دون أن ننسى أن الإعلام يقوم بتغطية أنشطة الحزب”، مستدركا: ” إذا رصدنا علاقة العدالة والتنمية بالإعلام العمومي، سنخلص إلى وجود نوع من التشنج، لكنه تشنج مرتبط بأشخاص معينين، وليس بالحزب ككل”.
وأكد المحلل السياسي ذاته، أن “قياديون في الحزب الحاكم يعتقدون أن القنوات العمومية، سيما الثانية، توظف من قبل خصومهم في المربع الملكي للتضييق عليهم، كما يعتبرون أن نفس القناة تُستعمل كأداة لتغذية التوتر وإشعال فتيل الحرب الداخلية بينهم”. هذا الاعتقاد، يؤكد شقير، يكرس ثقافة التباكي لدى “البيجيدي” لكسب تعاطف الرأي العام، خصوصا والبلاد مقبلة على الانتخابات.
كما يشكل هذا اللعب على الحبلين، وفق تعبير محمد شقير، “مفارقة غير مسبوقة في أي نظام سياسي وازدواجية بين الخطاب والممارسة”، متسائلا: ” لا أفهم كيف لحزب يقود الحكومة وفي نفس الوقت يشتكي؟”، قبل أن يرد: “هذا انفصام سياسي. لقد تَعوّد العدالة والتنمية على لعب دور الضحية وإلقاء اللوم على (التحكم) وعلى الآخرين، بدل تحمل مسؤوليته، كما تعوّد على أداء دورين اثنين في الآن نفسه (فاعل ومفعول به)”.
وسجل الباحث في العلوم السياسية، أن “ادعاء المظلومية، ثقافة متجدرة لدى البيجيدي ويصعب عليه القطع معها لأنها تخدم مصالحه”، مشيرا إلى أن ما وصفها بـ”المظلومية” مرتبطة لدى الحزب بخلفية سياسية ودينية وسوسيولوجية، بالنظر إلى طبيعة أعضائه الذين ينتمي السواد الأعظم منهم، إلى قطاع التعليم، ومن المعلوم أن الأساتذة متشبعون بثقافة الاحتجاج”. يخلص محمد شقير.
بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين
قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…