هاجم حكيم وردي، نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، نقيب المحامين سابقا، عبد الرحيم الجامعي، وذلك على خلفية تصريح صحافي علق فيه هذا الأخير على الحكم القضائي الصادر يوم الجمعة الماضي عن استئنافية البيضاء القاضي بسجن مؤسس يومية “أخبار اليوم”، توفيق بوعشرين، 15 سنة نافذة، ووصف فيه لحسن الطلفي، رئيس الهيئة التي كان موكولا لها النظر في الملف، بـ”الفاقد للبوصلة إثر التقدم في السن”.
حكيم وردي، الذي يفضل في مثل هذه المناسبات أن يقدم نفسه كباحث قانوني ومهتم بشؤون العدالة، ويصر على أن ما يدونه على صفحته بـ”فيسبوك”، لا علاقة له بصفته المهنية المشار إليها سلفا، وجه مجموعة من الانتقادات اللاذعة للمحامي الجامعي، حيث قال في تدوينة فييسبوكية طويلة جاء فيها: “(…) النقيب الأستاذ عبد الرحيم الجامعي، توقف زمنه النفسي عند سنوات السبعينات، ولم يتمكن لعوائق ذاتية وبنيوية عميقة من الانعتاق من كهف أفلاطون حيث المرء لا يرى الأشياء الحقيقية، بل يرى ظلالها المتحركة ويظن بها حقائق”.
وأضاف: “لذلك قلَّما تقرأ للسيد النقيب ذ الجامعي كلاما علميا رصينا مؤسسا على مقتضيات قانونية وآراء فقهية وأحكام قضائية. مقال علمي ثري بالأجوبة الهادئة عن إشكالات قانونية دقيقة بالاحتكام إلى ما يفترض أنه راكمه من معرفة واسعة كنتيجة طبيعية لممارسة ممتدة على أكثر من أربعة عقود داخل المحاكم”.
ومضى متابعا: “ولكن للأسف غالبا ما تكون الخيبة بحجم الانتظارات، وغالبا ما يكرر السيد النقيب الجامعي نفسه بذات الشعارات المنقوعة بأسلوب انفعالي، وثوقي، منغلق على قناعاته الخاصة، يمتح من قاموس ماضوي جامد خارج إيقاع الزمن المغربي المتحرك، فضلا عن عشق غير صوفي لممارسة الأستاذية على الجميع أفرادا ومؤسسات بوهم امتلاك ناصية الخطاب الحقوقي الممانع، وشرعية التخندق التاريخي في صفوف المعارضة الملتحفة بالسواد”.
مناسبة هذا الكلام، يبرز وردي، “ما اجترحه السيد النقيب ذ الجامعي في حق الأستاذ لحسن الطلفي، رئيس غرفة الجنايات الاستئنافية بالدارالبيضاء، قيدوم قيادمة قضاة المادة الجنائية في المملكة، الزاهد الناسك المتعبد في محراب العدالة، العدل، الثقة، الورع، الوافر علما، وعملا ونزاهة وحيادا ونأيا عن الشبهات وخوارم المروءة. القاضي النقي، التقي الذي أمضى أكثر من أربعين سنة في تصريف العدالة الزجرية ولا يملك من حطام الدنيا شيء، والذي لم يتجرأ أحد يوما على نعته بسوء. وحتى الذين يختلفون معه، يشهدون له بالنزاهة، والدقة، والطاقة البدنية والذهنية الفائقة التي تمنحه القدرة على الصمود في جلسات ممتدة لساعات طوال، من الاثنين إلى الجمعة، بدون كلل أو ملل”.
وكان الجامعي قد اعتبر في تصريح لجريدة “أخبار اليوم” أن “الحكم على توفيق بوعشرين بـ15 سنة سجنا يظهر أن القضاء يحن للعهد الماضي ولسنوات الرصاص. وأعتقد أن القاضي الذي يمضي سنوات من العمل بعد بلوغه سن التقاعد يصعب عليه أن يمارس القضاء بشكل رزين وواع، لأن الإنسان كيفما كانت قدرته يضعف، وقواه الصحية والنفسية تضعف، والقاضي كباقي البشر مع التقدم في السن يبدأ في فقدان البوصلة. إن السيد الطلفي أتعبته المهنة وأتعبه الزمن وكان من الأفضل له أن يرتاح ويتوقف عن ممارسة القضاء. ومن سوء حظ العدالة أن بعض من مارسوا القضاء في عهد الرصاص لازالوا يمارسونه اليوم في وقت يجب أن تشيع فيه قواعد العدالة والقانون الدولي وحقوق الإنسان”.
الخطير في هذا الكلام، يشدد حكيم وردي “ليس أنه لا يليق صدوره عن نقيب رفيع المقام، ولكن لأنه يؤسس لنظرية دور البيولوجيا في انتقاد الأحكام، وتصفية الحساب مع القاضي حتى ولو لم تكن عضوا في هيئة دفاع القضية، بل وحتى ولو لم تطلع على ما في الملف من أدلة ومستندات، وما أفضى به الأطراف والشهود من أقوال وتصريحات. ولا ما اتكأت عليه الأحكام من علل وحيثيثات (…) ولو كان التقدم في السن معيارا للحكم على جودة الممارسة لكان السيد النقيب ذ الجامعي الأولى بالتقاعد مخافة تعريض مصالح موكليه للضياع”.
وتابع عضو نادي قضاة المغرب، “ومع ذلك لا نملك غير أن نلتمس للزميل الأعذار فللسن أحكامه، ولذهنية جيل النكبة ترسبات قاعدية من سوء الظنون وكثرة التوجسات والإحباط من ضياع الفرص، وتراكم الانتكاسات أمام شح الموارد والمكافئات، وغربة الصوت النشاز وسط تزايد أوهام الذات عن قداستها”.
المحامي محمد أغناج، دخل على خط هذا التنابز، مدافعا عن زميله عبد الرحيم الجامعي، اللذين جمعهما الدفاع عن معتقلي “حراك الريف”، إذ رد قائلا في تدوينة نشرها على حسابه بـ”فيسبوك”، وسمها بـ”إلى زميلي الباحث في القانون”، “أي شرف هذا الذي حبيت به أستاذنا النقيب الرئيس عبد الرحيم الجامعي، حينما رسمت له تلك الصورة العظيمة، في زمن يخرج فيه القضاة في الجزائر وتونس ولبنان وفرنسا ليصطفوا إلى جانب قوى المطالبة بالحرية والكرامة والعدالة”، قبل أن يستطرد: “حينما عبت عليه تشبته بالأحلام الكبرى التي رافقت شبابه وكهولته من أجل بناء دولة الحق والقانون دولة المؤسسات والديموقراطية”.
وأردف مخاطبا وردي، “حينما قفزت على نضال عمره من أجل استقلال القضاء في وقت لم يكن أحد يستطيع أن ينبس ببنت شفة.. يوم كان المرحوم الحسن الثاني قد حل الجمعية الوحيدة للقضاة وأحلّ محلّها هيكلا رزح تحته أبناء الجسم القضائي لعقود.. يوم كان هو والنقيب الرئيس عبد الرحمن بن عمرو ملجأ كل قاض “دارت بيه السمطة”.. وهو من كابد وكافح ونافح من أجل إبقاء جذوة تلك الأحلام التي رسمت الأمل في أفق أجيال من المعتقلين والمقموعين والمختطفين والممنوعين”.
بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين
قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…