في خطوة وصفت بـ”العنصرية”، أقدمت وزارة التجهيز والنقل على إصدار تعليماتها إلى بعض شركات الأسفار المنتشرة على مستوى تراب المملكة، بمنع بيع تذاكر السفر للمهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، ممن لا يتوفرون على بطاقة إقامة في المغرب. وهو الإجراء الذي يروم قطع الطريق أمام وصولهم إلى مدن طنجة، الناظور، الحسيمة والعيون.

وكشفت وثيقة اجتماع حضره في شهر أكتوبر الجاري المدير الإقليمي لمديرية النقل واللوجيستيك بجهة العيون الساقية الحمراء، إلى جانب رئيسة مصلحة النقل الطرقي وبعض ممثلي وكالات الأسفار في مقدمتها، “ستيام” و”سوبراتور”.

وتقول هذه الوثيقة، التي يتوفر “الأول” على نسخة منها، إن سياق انعقاد هذا الاجتماع يأتي بناء على تعليمات والي العيون الساقية الحمراء، بدعوة شركات النقل المذكورة للتنسيق مع مديرياتها المركزية من أجل توجيه تعليمات لكل الوكالات المتواجدة بشمال المملكة بعدم قبول بيع التذاكر ونقل كل مهاجر سري لا يتوفر على الأوراق القانونية للإقامة بالمملكة المغربية أو العبور.

الوثيقة ذاتها، شددت على لسان المدير الإقليمي، على أن الشركات التي سيثبت في حقها عدم الامتثال لهذه التعليمات ستتعرض للعقوبة التي قد تصل إلى الإيداع بالحجز.

“ستيام” في قلب فضيحة: 

تبعا لذلك، حمل إعلان لشركة “ستيام” موجه للعاملين بهذه الشركة، التنزيل الحرفي لمضامين الاجتماع المذكور، إذ جاء في: “بناء على تعليمات السلطات، يمنع منعا كليا بيع تذاكر ستيام للأفارقة من جنوب الصحراء، الذين لا يبررون إقامتهم بالمغرب أو عبورهم المنتظم بواسطة بطاقة الإقامة، خصوصا المتوجهين إلى شمال وجنوب المغرب: طنجة، تطوان، الحسيمة، الناظور، وجدة والعيون”.

وأضاف الإعلان ذاته الذي تداوله نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، “خلال المراقبة، سيقوم المكلفون بالزبناء بمراقبة أوراق هذه الفئة من المسافرين، وأيضا بمنع المهاجرين السريين المتواجدين بالمغرب بطريقة غير قانونية من السفر على متن حافلات الشركة”، ما أثار موجة استياء واستهجان واسعة في صفوف نشطاء “فيسبوك” الذين اعتبروا مضمون الإعلان “تمييزي” و”عنصري”، علاوة على تناقضه مع الشعارات التي ترفعها الدولة في هذا السياق.

Aucune description de photo disponible.

غالي: قرار تمييزي وعنصري يجسد عودة “أم الوزارت” 

هذا الإجراء الجديد الذي أثار جدلا واسعا واعتبره العديد من المتتبعين يخالف مجموعة من القوانين، سيما تلك التي تجرم التمييز، يراه عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أبرز تجسيد لعودة “أم الوزارات”، وزارة الداخلية، للقبض بيد من حديد على جميع القطاعات، موضحا “فبعدما تدخلت في ملفات الطلبة الأطباء وقبلهم الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، ها هي اليوم تتدخل في قطاع آخر، وهو النقل الطرقي”.

وأكد غالي في تصريح لموقع “الأول”، أن “هذا الإجراء يمس في صميم الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، في مقدمتها حرية تنقل الأشخاص”، معتبرا أنه “يشكل تمييزا واضحا وعنصرية، بتخصيصه فئة المهاجرين من جنوب الصحراء، دون غيرهم، مع أن هناك مهاجرين غير نظاميين آخرين في المغرب مثل السوريين مثلا، ولم يشملهم ذلك”.

الفاعل الحقوقي، أبرز كذلك أن “السلطات بعدما قامت بترحيل عدد من المهاجرين المتحدرين من دول جنوب الصحراء، خلال الأشهر القليلة الماضية من مدن الدار البيضاء والرباط إلى تزنيت وغيرها، اتخذت اليوم هذا القرار غير القانوني، الذي لن يحل المشكل بقدر ما سيعمقه”.

وأكد غالي أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ستراسل رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، وباقي القطاعات الحكومية ذات الصلة بهذا الموضوع، كما ستراسل عددا من المنظمات الدولية النشيطة في قضايا حقوق المهاجرين لإطلاعها بهذه المستجدات الخطيرة.

الشركة تنفي وفيديو يكذبها:

مباشرة بعد موجة التنديد والاستنكار التي تلت هذه الخطوة، خرجت شركة “ستيام” عن صمتها، نافية في بلاغ أصدرته اليوم الأربعاء أن يكون منشور منع المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء من حجز تذاكر السفر إلى مدن الشمال والجنوب، صادرا عنها.

وقالت الشركة المغربية، في بيان لها، إن “الوثيقة لا تمت لإدارة ستيام بصلة”، قبل أن تضيف أنها ضد العنصرية بشتى أنواعها، وموردة أنها “على امتداد قرن من اشتغالها، كانت دائما مرحبة بجميع الجنسيات”.

بالمقابل، أظهر شريط فيديو رد به بعض النشطاء على فيسبوك على بيان الشركة المذكورة، شخص يتحدث عن الإعلان المذكور داخل إحدى شبابيك الشركة في وكالة أسفار تابعة لـ”ساتيام” بالعاصمة الرباط.

https://www.facebook.com/ybelhaissi/videos/2247216665388166/?t=0

 

ومنذ صباح اليوم، حاول موقع “الأول” التواصل مع مسؤولين في وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك، غير أنه لم يتمكن من ذلك، وظل الجواب  الذي يوحد جميع المصالح التي اتصل بها الموقع أن ” الرؤساء في اجتماع”.

التعليقات على “عنصرية وتمييز”.. السلطات تفرض على شركات النقل منع المهاجرين الأفارقة “بدون وثائق” من التوجه نحو مدن الشمال والعيون مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين

قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…