تعرف شوارع العاصمة الاقتصادية المغربية، مدينة الدار البيضاء، خلال أيام العيد فراغا وحركة سير خافتة، بعد أن تحول عدد من أحيائها إلى مناطق شبه مهجورة، بسبب إغلاق المحلات في أكبر التجمعات التجارية، كدرب غلف ودرب عمر ودرب السلطان وكراج علال والقريعة وغيرهم.

ومع غياب الرواج التجاري في مدينة مثل الدار البيضاء، تغيب جحافل المتسولين، الذين أصبحوا من معالم العاصمة الاقتصادية، مثل “الكرة الأرضية” أو ساحة الأمم المتحدة، أو مسجد الحسن الثاني، أو غيرها، بل حتى هذه الأماكن التي يرتادها السياح المتوافدين على المدينة، صارت لا تخلو منهم.

زوار الدار البيضاء، أول ما يلاحظوه بعد صومعة الحسن الثاني المطلة على المحيط الأطلسي، التي تبرز لضيوف “كازا بلانكا” من جل مداخل المدينة، هو عدد المتسولين المرابطين عند كل إشارة مرور، يترصدون أصحاب السيارات طلبا لدريهمات، منهم الباحثين عن لقمة عيش بدعوى الجوع، ومنهم من طور من آلياته في كسب الدريهمات، فاتخذ من الحديث الشريف “اليد العليا خير من اليد السفلى” منهجا، غير أنه قام بدمج اليدين فصار يقدم لك سلعة تشتريها وعندما تمتنع ينزل يده إلى أسفل ليطلب منك مساعدته “باشما عطا الله”.

التسول لم يعد مقتصرا على المغاربة فقط، بل تعداه ليجد من يتجول في شوارع الدار البيضاء مجموعات من المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، الذين رمتهم “الأقدار” وحلم الهجرة إلى “جنة أوروبا”، ليجدوا أنفسهم يلتحفون الخلاء ليلا، ويبحثون عن لقمة عيش بين إشارات المرور نهارا.

الظاهرة التي باتت مستفحلة في العاصمة الاقتصادية، أصبحت تحيلنا على عدد من الأسئلة، منها ما هو مرتبط بفائدة العدد الهائل من المعامل والمصانع المتواجدة وسط الدار البيضاء وفي ضواحيها، كما أين ذهبت أموال مخصصة للتنمية مثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؟، كما يمكن أن نسائل المسؤولين والسلطات عن أي تدابير يقومون بها ونحن نرى حشود من المتسولين تغطي أرصفة المدينة؟ وما فائدة القوانين والتشريعات التي تعاقب في مجموعة من فصولها، المتسولين بعقوبات حبسية سالبة للحرية، في ظل غياب وسائل ناجعة لمحاربة هذه الظاهرة؟.

فحسب القانون الجنائي، “تتراوح العقوبة بالفصل 326 من القانون الجنائي من شهر إلى ستة أشهر حبسا، كل من كانت لديه وسائل العيش أو كان بوسعه الحصول على عمل لكنه تعود على ممارسة التسول بطريقة اعتيادية، كما تواجه فئة أخرى من المتسولين عقوبات حبسية تتراوح ما بين ثلاثة أشهر حبسا إلى سنة نافذة، بموجب الفصل 327، إذا ارتبطت الظاهرة بالتهديد أو التظاهر بمرض أو عاهة، كما تكون العقوبة مشددة في أقصاها إذا تعود المتسول على اصطحاب طفل صغير أو أكثر من غير فروعه، أو الدخول إلى مسكن أو أحد ملحقاته دون إذن مالكه أو شاغله، كما يعاقب بالتسول جماعة إلا إذا كان التجمع مكونا من الزوج والزوجة أو الأب أو الأم وأولادهما الصغار أو الأعمى والعجوز أو من يقودهما”، كما نص الفصل 328 من القانون الجنائي بدوره على عقوبات حبسية تضمنها، أيضا، الفصل 327، وتهم من يستخدم التسول صراحة تحت ستار مهنة أو حرفة ما، أطفالا تقل سنهم عن 13 عاما.

وتبقى ظاهرة التسول التي أضحت مستفحلة في مدينة الدار البيضاء، تسائل مسؤولي المدينة وعلى رأسهم المنتخبين، “المتعاقدين” أخلاقيا مع الساكنة على برنامج انتخابي من المفروض أن يكون تنموي بالدرجة الأولى.

التعليقات على المتسولون يغزون شوارع الدار البيضاء.. فأين سياسة الدولة لمحاربة الظاهرة؟ مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

الغموض يلف صفقة تفويت “مارشي الجملة” لبناء ملعب الهوكي بالرباط

علامات استفهام طرحها مستشارون بمجلس مدينة الرباط، بعد نشر وثيقة عبر بوابة الصفقات العمومية…