يجهل معظم الطلبة الذين تسجلوا بنظام “البكالوريوس”، مصيرهم إثر تراجع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عن مواصلة اعتماد هذا الخيار الذي كان صاحبه، الوزير السابق سعيد أمزازي، يعلق عليه آمال واسعة بإعادة الوهج إلى الجامعة المغربية، غير أن مؤشرات دالة تفيد بأنه وئد في مهده، وسط تصريحات رسمية للوزير الوصي على القطاع، عبد اللطيف ميراوي، الذي أكد أن غياب المرسوم القانوني المؤطر لهذا المشروع، يحول دون مواصلة العمل به.
فبالعودة إلى مسار هذا النظام، الذي كان مسطرا العمل به مع بداية الموسم الجامعي 2020.2021، قبل أن يتقرر تأجيله بسبب جائحة “كوفيد 19″، تُجمع تصريحات جل الفاعلين الذين تحدث إليهم موقع “الأول”، على أن حكومة سعد الدين العثماني السابقة، لم تهيء له ظروف النجاح الكافية، كما أنها صمت آذانها عن الملاحظات والمؤاخذات التي رافقت مرحلة الإعداد له ثم تنزيله في معزل عن الأساتذة والطلاب، الحلقة الأهم والمفصلية في أي ورش مماثل.
و”البكالوريوس” (Bachelor)، هو نظام تعتمده عدد من دول العالم، الأنجلوسكسونية منها على وجه الخصوص، يُلزم الطلاب بالدراسة أربع سنوات قبل التحصل على شهادة الإجازة، اعتمدته عشر جامعات مغربية بدل النموذج البيداغوجي الجاري به العمل منذ سنة 2003 في إطار (إجازة، ماستر، دكتوراه – LMD)، لكنه لم يطبق سوى في اثنتين فقط؛ جامعة ابن طفيل بالقنيطرة وجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، كما أن عددا من المؤسسات الجامعية الخاصة طبقته منذ شتنبر الفائت.
وحتّم الرأي الذي قدّمه المجلس الأعلى للتربية والتكوين، بخصوص “الباشلور”، والذي جاء فيه أن اعتماده يطرح مجموعة من الصعوبات التنظيمية والتدبيرية، منها أن إضافة سلك جديد ومواز لا يضمن تحقيق أهداف جودة التكوين بمؤسسات الولوج المفتوح، على الوزارة الوصية توقيف العمل بهذا النظام، نظرا إلى الشوائب التي تعتريه وافتقاره إلى مبررات علمية وبيداغوجية. كما جاء على لسان الوزير ميرواي في اجتماع سابق للجنة التعليم بمجلس النواب.
محمد الدرويش، رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين، قال إن هذا الأخير كان أول تنظيم مدني يصرح جهرا، بأن الظروف المرجوة لإنجاح “الباشلور” في المغرب، غير متوفرة في مشروع يتطلب إمكانات مالية كبيرة وموارد بشرية هائلة، مسجلا في تصريح لموقع “الأول”، الإسراع “غير المفهوم” لوزير التعليم العالي السابق، سعيد أمزازي، في إطلاق هذا المشروع، دون صدور الدفتر الوطني للبيداغوجيا في الجريدة الرسمية ودون إصدار مرسوم الشهادات.
وأضاف الدرويش، “بيداغوجيا، لم تكن، على الإطلاق، الظروف مواتية لتطبيق “الباشلور” في المغرب، بالكيفية المعتمدة في الدول الأنجلوسكسونية، رغم ادعاء الحكومة السابقة قدرتها على إنجاحه”، لافتا إلى أنه لم يتم إشراك الفاعلين في الإعداد له، ومنتقدا في الآن ذاته، ما وصفها بـ”المغامرة الكبيرة” التي قامت بها الحكومة السابقة بالشروع في العمل بهذا المشروع دون إخراج المرسوم القانوني المنظم له، ما يحيل، في رأي الفاعل التربوي نفسه، على “تدبير كارثي وتخبط كبير”.
وتابع الدرويش: “نحن اليوم أمام 23 ألف طالب يدرسون في إطار “الباشلور” موزعين على 163 تكوينا”، مشيرا إلى أن هؤلاء الطلاب تفاجؤوا بإعلان الوزير أنه ثمة صعوبة في الاستمرار في اعتماده استنادا إلى رأي المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وغياب السند القانوني المؤطر له.
وحول مصير هؤلاء الطلاب، يرجح رئيس مرصد “التربية والتكوين”، وفقا لمتابعته الدقيقة لما يجري في الأوساط الجامعية، أن يتم تحويل المنخرطين في هذا النظام إلى إجازة مهنية أو إجازة عادية، مؤكدا أن هذا الأمر لن يؤثر على مسار الطلبة، بقدر ما سيتسبب في حالة ارتباك، شدد على أنها أصبحت “مشكلة بنيوية” في هذا القطاع، متسائلا: “من سنحاسب اليوم على هدر المقدرات المالية الهائلة التي رصت لهذا المشروع، إضافة إلى هدر الزمنين الدراسي والإصلاحي؟”.
بالمقابل، اعتبرت النائبة البرلمانية عن مجموعة العدالة والتنمية، هند الرطل بناني، أن تراجع الوزير عبد اللطيف ميراوي، عن المشروع المذكور، مؤشر إضافي على “العشوائية” التي تدبر بها حكومة عزيز أخنوش عددا من القطاعات المهمة، وأوردت في تصريح لموقع “الأول”، أنه كان يتعين الإبقاء على “البكالوريوس”، إلى حين نهاية الموسم الجامعي الجاري، ثم إخضاع التجربة إلى دراسة وتقييم، قبل حسم أمرها.
وقالت البرلمانية بناني في انتقادها للقرار: “يجب أن نُبعد مثل هذه القضايا المرتبطة بمستقبل المواطنين عن التدافع السياسي. وأنا لا أقول هذا الكلام لأنني أنتمي إلى حزب قاد الحكومة الفائتة، بل لإيماني أن الأمر يتعلق بمصائر الآلاف من الطلبة”، متابعة: “لماذا أوقفنا التجربة في بدايتها دون حتى أن نفتح المجال لتقييمها؟ ولماذا يتراجع اليوم الوزير مع العلم أنه كان عضوا في اللجنة التي أخرجته إلى الوجود؟ ولماذا يتطوع أساتذة لتنزيله طالما أنهم غير مقتنعين به، كما أصبح يُقال اليوم؟”.
برلمانية “البيجيدي”، التي سبق وساءلت الوزير ضمن سؤال كتابي بهذا الخصوص دون أن تتوصل برد إلى حدود اليوم، أقرت في تصريحها لموقع “الأول”، بالتعثر الذي لازم “الباشلور المغربي”، مؤكدة أنه بالفعل كان يتعين تعبئة الأطر مع توفير الموارد اللوجيستية اللازمة لتنزيله كما يجب، لتكون الانطلاقة صائبة.
بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين
قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…