اعتبر أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن أشكال الاقتصاد غير المنظم التي تشكل تهديدا حقيقيا لبلادنا ويتعين محاربتها، هي أنشطة التهريب، والممارسات والمعاملات المُسْتَتِرَة (souterraines) التي تقوم بها مقاولات “مهيكلة” (مثل التصريح الناقص برقم المعاملات، والتصريح الناقص بعدد الأجراء، إلخ)، وكذا الوحدات الإنتاجية غير المنظمة (UPI) المنافسة للقطاع المنظم التي تَتَهَرَّبُ عمدا من التزاماتها القانونية رغم توفرِها على البنيات والموارد اللازمة لذلك.
وأوضح الشامي في كلمة له، ألقاها بمناسبة افتتاح يوم دراسي بمجلس المستشارين خصص لتقديم مخرجات تقريرين اعدهما المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول “الاقتصاد غير المنظم بالمغرب”، أن هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تفسر استمرار القطاع غير المنظم بالمغرب، من بينها مستوى التأهيل غير الكافي الذي يُقْصِي العديد من السكان النَشِّيطِينَ من الاشتغال في الاقتصاد المنظم، وقلة فرص الشغل اللائق والدائم بالعالم القروي، وإشكالية تمثيلية الفاعلين المشتغلين في الاقتصاد غير المنظم ووجود مشاكل في تنظيم المهن تُعِيقُ تَحْدِيثَها وإدماجها في القطاع المنظم، واتسام منظومة الحماية الاجتماعية لِحَدِّ الآن بإدماجية ضعيفة ، واستمرار الحواجز القانونية التي تعيق مسلسل إدماج الاقتصاد غير المنظم، وصعوبة الولوج إلى التمويل وإلى السوق والوعاء العقاري، وكذا إلى آليات مناسبة للدعم والمواكبة غير المالية لتيسير الانتقال إلى القطاع المنظم، وومحدودية فعلية القوانين في هذا المجال لاعتبارات مختلفة مما يفسح المجال لممارسات الفساد.
وسلط الشامي الضوء على ما تتسببه الأنشطة الاقتصادية غير المنظمة، التي تمكن شرائح واسعة من السّاكنَة من إيجاد مصدرٍ للعيْش والهروب من البطالة، غير أنها تعمق من الهشاشة في سوق الشغل، وتحرم العاملين من حقوقهم في الشغل اللائق والحماية الاجتماعية، وتمارس منافسة غير مشروعة للمقاولات المنظمة، وتلحق الضرر بالاقتصاد الوطني، إذ تُضَيع على الدولة مداخيل ضريبية مهمة.
ودعا رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، إلى وضع استراتيجية مندمجة وواقعية تهدف مرحليا إلى الحد من حجم الاقتصاد غير المنظم بالمغرب، بحيث يجب أن تكون هذه الاستراتيجية مُعَزَّزَة بمؤشرات قياس ملموسة حسب نوع العراقيل التي تم تسجيلها وحسب فئة الفاعلين في القطاع غير المنظم.
وينبغي حسب ذات المتحدث، أن يُمَكِّنَ تنزيل هذه الاستراتيجية من تقليص حصة الشغل غير المنظم تدريجيا إلى 20 في المائة من إجمالي مناصب الشغل، وهي نسبة قريبة من المتوسط المسجل لدى مجموعة من البلدان المتقدمة، مضيفا “غير أن هذه النسبة المنشودة ينبغي أن تشمل بالأخص الأنشطة المعيشية وكذا الوحدات الإنتاجية غير المنظمة ذات القدرات المحدودة، في حين يجب اعتماد توجه أكثر صرامة يروم القضاء على الأنشطة غير المشروعة والمستترة وعلى ممارسات الوحدات الإنتاجية غير المنظمة المنافسة للقطاع المنظم”.
واقترح رئيس المجلس في هذا الصدد جملة من الإجراءآت الرئيسية، كإزالة الحَوَاجِز التشريعية والتنظيمية والإدارية ذات الصلة، من خلال مراجعة النصوص القانونية المتقادمة أو التي تبين عدم إمكانية تطبيقها، التي تحول دون الاندماج في القطاع المنظم (عبر العمل على سبيل المثال على تحسين وضع “المقاول الذاتي”، من خلال رفع العتبة القصوى لرقم المعاملات السنوي التي يمكن أن يصلها المقاول الذاتي وتخويله إمكانية تشغيل اثنين أو ثلاثة أجراء).
وبخصوص الباعة المتجولين فقد دعا رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى وضع مخطط وطني للإدماج الاقتصادي والاجتماعي للباعة المتجولين منبثق عن الاستراتيجية المندمجة التي يقترح المجلس وضعها للحد من حجم الاقتصاد غير المنظم بالمغرب.
واقترح الشامي عددا من الإجراءات من بينها تبسيط الإطار القانوني المتعلق بالترخيص بالاحتلال المؤقت للملك العمومي من طرف الباعة المتجولين (سواء باستغلال أماكن قارة داخل المجال الحضري أو في التجمعات شبه الحضرية أو القروية، أو باستغلال مركبات، أو باستغلال مواقع على المحاور الطرقية خارج المدن).
كما دعا إلى استثمار فرصة تنزيل مشروع تعميم الحماية الاجتماعية من أجل تعميم انخراط الباعة المتجولين في نظام المقاول الذاتي، وتمكينهم من بطاقة مهنية؛ بالإضافة إلى إحداث منظومة مفتوحة للتكوين المهني لتمكين جزء مهم من الباعة المتجولين من مزاولة أنشطة بديلة؛ وإحداث برامج تكوينية مرنة لفائدة الباعة المتجولين في مجالات محو الأمية، والتكنولوجيات الرقمية، والصحة والسلامة، وخدمة الزبناء، والتسويق، والتدبير؛ وتعميم برامج التأهيل والتصديق على المكتسبات المهنية والحرفية؛
كما دعا إلى تحفيز الاستثمار الخاص للمشاركة في إدماج الباعة المتجولين في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، من خلال إنشاء معاهد التكوين في إطار المنظومة المفتوحة للتكوين المهني، وتطوير وإنتاج التجهيزات الثابتة والمتنقلة التي تستعمل في التجارة الجائلة، وإنشاء مناطق أنشطة اقتصادية لتوطين الأنشطة المهنية والحرفية والوحدات الإنتاجية والخدماتية الصغيرة جدا، وتدبير الأسواق والفضاءات التجارية.
عمدة مدينة الرباط تتفاعل مع فضيحة “تلقي الرشوة” في امتحانات الكفاءة المهنية
وجهت فتيحة المودني، رئيسة المجلس الجماعي للعاصمة، مراسلة إلى فاروق مهداوي، المستشار الجماع…