جرائم “ولاد الفشوش” بالمغرب.. قتل واغتصاب ومخدرات و”استعلاء على القانون”

انتشر مصطلح “ولاد الفشوش” في وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب، للإشارة إلى أبناء العائلات الميسورة الذين تُنسب إليهم أفعال تعكس استهتارًا بالقانون واستغلالًا للنفوذ. هذه الظاهرة أصبحت مرادفة لسلوكيات تجاوزت حدود العمل الفردي المعزول، لتثير تساؤلات حول واقع يلعب فيها ولاد الفشوش “فوق القانون”.

الوقائع التي تم وصف مرتكبيها بمصطلح “ولد الفشوش” مرتبطة بأحداث لاقت اهتمامًا واسعًا في المغرب بسبب ارتباطها بسلوكيات تتسم بالغرور والاستهتار بالقانون.

قضية حمزة الدرهم “ولد الفشوش” الشهير

في عام 2017، تسبب حمزة الدرهم، نجل ملياردير مغربي، في حادث سير بالرباط أضر بعدة سيارات، ثم ظهر في فيديو يستهزئ برجال الأمن ويتلفظ بعبارات غير لائقة. أثارت هذه الحادثة استياءً واسعًا من استهتار بعض الشباب بالقانون.

وتحوّلت قضية حمزة الدرهم، وهو شاب في نهاية العقد الثاني، إلى قضية رأي عام في البلاد، حيث ظهر في شريط مصور، وهو يتلفظ بعبارات نابية، ويتهكم على رجال الأمن بعد الحادث. وبدلاً من أن تتخذ التدابير اللازمة في حقه، ركب سيارة خاصة أبعدته عن المكان، وراح ينفث سيجارته وهو يبتسم.

الفيديو الذي تم تداوله على نطاق واسع ساعتها، أثار غضب ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما تفاعلت معه مديرية الأمن الوطني لحظتها، حيث تم اعتقال “ابن الفشوش” والحكم عليه بالسجن، وتوقيف ضابط أمن وشرطي عاينا الحادث.

محاولة دهس شرطية بالرباط

في أحد شوارع الرباط، حاولت سائقة تقود سيارة فارهة من نوع “رانج روفر” دهس شرطية أثناء أدائها لمهامها. الشرطية كانت تحرر مخالفة سير للسائقة التي أظهرت رفضًا للامتثال للقانون، محاوِلة الفرار باستخدام سيارتها. هذه الحادثة أثارت دعوات لتطبيق القانون بشكل حازم بغض النظر عن الوضع الاجتماعي للمخالفين.

بنات الفشوش يهاجمن شرطيًا بالرباط

في قضية أخرى، تورطت شابتان من عائلة نافذة في الاعتداء على شرطي وسط العاصمة. أثناء محاولة الشرطي تحرير مخالفة سير، قامت الشابتان بمهاجمته وسرقة جهازه اللاسلكي ودفتر مخالفاته. الشرطة نجحت في تعقب واعتقال الشابتين، مما أدى إلى فتح تحقيق قضائي ومطالبات بمعاقبتهما على أفعالهما بشكل صارم.

دهس الشاب بدر بالدار البيضاء

في صيف 2023، قُتل الشاب بدر بعد دهسه بسيارة فارهة يقودها شاب ثري إثر شجار. الجريمة التي تم توثيقها بالكاميرات انتهت بحكم الإعدام للجاني، لكنها خلفت صدمة عميقة لدى الشارع المغربي.

دهس دركي في الهرهورة

في أكتوبر 2019، دهس شاب يقود سيارة فاخرة دركيًا أثناء تأدية مهامه في سد قضائي على الطريق الساحلية بالهرهورة. السائق، المعروف بانتمائه لطبقة ميسورة، لم يمتثل لأوامر التوقف وسحل الضحية لمسافة طويلة. الحادثة انتهت بحكم بالسجن 20 سنة، لكنها أطلقت موجة من الغضب الشعبي المطالب بالمساواة أمام القانون.

كما شهد المجتمع المغربي خلال العقدين الأخيرين حوادث عدة ظلت مسجلة في الذاكرة المغربية، كواقعة “ألو بابا .. بيّت لي هذا في الحبس”، المتعلقة بابنة حكيم بنشماس، رئيس مجلس المستشارين والقيادي بحزب الأصالة والمعاصرة والتي استغلت نفوذ والدها وسلطته لحبس مواطن بلجيكي من أصل مغربي لمدة 24 ساعة وترهيب أسرته الصغيرة، بعد حادث مروري عادي في الطريق بالقرب من سوق مارجان كاليفورنيا.

ابن وزير الاتصال السابق، خالد الناصري، والقيادي بحزب التقدم والاشتراكية، والذي تدخل والده شخصيا بعد أن حضر إلى عين المكان على متن سيارته الوزارية ليخلص ابنه من الاعتقال وسط العاصمة، بعد أن وضع رجل الأمن الأصفاد في يديه، وربطها بشبابيك واجهة البرلمان.
“ولد لفشوش” اعتدى بآلة حادة على طبيب مغربي في الشارع العام وأمام البرلمان المغربي دون وجه حق، تاركا إياه ينزف وسط بركة من الدماء، إثر حادث سير عادي وقع بين ابن الوزير والطبيب الشاب.

جرائم الاغتصاب في الدار البيضاء

في حادثة بشعة في نوفمبر 2024، تورط ثلاثة شبان ينتمون لعائلات ثرية في اغتصاب فتاة خلال حفل خاص بفيلا راقية. القضية كشفت عن استخدام مخدر “GHB”، المعروف بمخدر الاغتصاب، ما زاد من حدة الجدل حول أخلاقيات هذه الفئة وأثر الترف على سلوكياتها.

هذه الوقائع تكشف عن مظاهر تعكس أزمة قيم متداخلة مع التفاوت الطبقي، يُعزى جزء من المشكلة إلى ضعف آليات التربية في بعض العائلات الميسورة، إضافة إلى شعور أبناء هذه الفئة بأنهم فوق المساءلة القانونية. كما أن تأثير المال والسلطة أحيانًا يدفع إلى التهاون في تطبيق القوانين بشكل عادل، وهو ما يثير أسئلة حول العدالة الاجتماعية والمساواة أمام القانون، مع مطالب مستمرة بتطبيق قوانين صارمة لضمان حقوق الجميع.

حوادث “ولاد الفشوش” ليست مجرد وقائع فردية، بل هي انعكاس لتحديات اجتماعية أكبر، ومعالجة هذه الظاهرة تتطلب تضافر الجهود بين القضاء، الأسرة، والمؤسسات التعليمية لضمان مجتمع أكثر عدالة وتوازنًا.