بعدما أصبح محشورا في الزاوية لوحده، في ظل إجماع باقي الأحزاب السياسية على تعديل القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين، وفشل جميع محاولات التوافق قبل شروع لجنة الداخلية بمجلس النواب اليوم الأربعاء في التصويت على تعديلات مشاريع القوانين المؤطرة للاستحقاقات الانتخابية المقبلة؛ حوّل حزب العدالة والتنمية معركته مع القاسم الانتخابي إلى مواجهة مباشرة مع أحزاب المعارضة وأحزاب الأغلبية التي اصطفت مع بعضها في خطوة يرى فيها “البيجيدي” استهدافا له وتحجيما لحضوره في الانتخابات المقبلة.
وخلال الساعات الماضية، توالت ردود أفعال غاضبة لقيادات في “المصباح” وأعضائه في البرلمان بغرفتيه، مسخرين حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن حنقهم، بعد أن صاروا، قاب قوسين أو أدنى، أمام الأمر الواقع، وسط تكهنات باتجاه الحزب الأول في المملكة إلى رفع هذا الأمر الخلافي إلى المحكمة الدستورية للحسم فيه.
رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين، نبيل شيخي، وصف ما اقترحته أحزاب الأغلبية والمعارضة، بشأن القاسم الانتخابي، “انقلابا” على الديمقراطية وعلى ما تعارفت عليه تجارب الأنظمة الانتخابية العالمية في هذا المجال، قبل أن يعتبر ذلك “سعيا واضحا للالتفاف القبلي على الإرادة الشعبية”، متسائلا: “هل سيبقى معنى للمشاركة في تنافس انتخابي لا يعطي قيمة لما تبذله الأحزاب الجادة من جهود من أجل كسب ثقة المواطنين، ما دام سيتم التسوية بينها وبين احزاب أخرى لم تبذل نفس الجهد ولم تحظ لدى المواطن بنفس درجة الثقة؟”.
كما أثار شيخي ضمن تدوينة طويلة على حسابه بـ”فيسبوك”، مسألة ثقة المواطن في العملية الانتخابية، ما دامت تسوي بين صوته وصوت من قاطع الانتخابات ولم يكلف نفسه عناء التمحيص والاختيار بين المرشحين واستكان في بيته متفرجا، مضيفا: “هل سيحق لنا بعد ذلك أن نتحدث عن الانتخابات كمحطة للتعبير الحر والنزيه عن إرادة الأمة، ما دام أن هذا التعبير سيتم الالتفاف عليه من خلال السطو على الإرادة الحقيقية للمواطنين عبر تمييعها باحتساب الكتلة المعتبرة ممن يقاطعون الانتخابات؟”.
وخلص البرلماني ذاته إلى أن حزب العدالة والتنمية “يكفيه فخرا أن موقفه بهذا الخصوص كان واضحا منذ اليوم الأول من خلال مذكرته الانتخابية، وازداد وضوحا عندما رفض رئيس الحكومة تضمين هذه الخطيئة في مشروع القانون التنظيمي الذي رفع إلى المجلس الوزاري، وتكرس هذا الوضوح عندما أعلن الحزب عن أن فريقاه بغرفتي البرلمان غير مستعدين لتزكية هذا العبث”.

وعلى نفس المنوال سارت النائبة البرلمانية أمينة ماء العينين، معتبرة أن اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، “عصف بكل المكتسبات الديمقراطية الهشة، التي نجح المغرب في ترسيخها”، وأبرزت أن “قراءة هذا المتغير الخطير بربطه بحسابات الخريطة الانتخابية، أو بهزم العدالة والتنمية انتخابيا، هو تحريف للنقاش”، في حين، نقاش القاسم الانتخابي، يعد من زاوية نظرها، “نقاش عميق يهم مستقبل الديمقراطية، ومعنى العملية الانتخابية بغض النظر عن الفائز في الانتخابات”.

من جهته، يرى عضو الأمانة العامة للحزب والنائب البرلماني، رضا بوكمازي، أن تعديل القاسم الإنتخابي وجعل قاعدة المسجلين هي أساس توزيع المقاعدة الاتتخابية “لا يتوقف هدفه فقط على التحكم المسبق في الخريطة السياسية والعمل على تقليص حضور العدالة والتنمية”، بل يتجاوز الأمر، يشدد المتحدث، إلى “قتل ما تبقى من السياسة ووأد مؤسسات التمثيل الشعبي وجعلها فاقدة للمشروعية والمصداقية”.
ويبدو واضحا أن “الحزب الحاكم” ماض في تنفيذ وعيده بعدم التصويت على مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب، بعد أن أيقن بأن تعديل القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين، بات تحصيل حاصل. وهو التهديد الذي جاء على لسان سليمان العمراني قبل يومين، وعاد النائب البرلماني موح الرجدالي، عضو لجنة الداخلية بمجلس النواب ليؤكد التزام الفريقين بتنفيذه.
وشدد الرجدالي على أن فريق “البيجيدي” بالغرفة الأولى للبرلمان، لم يتقدم بأي تعديل يهم القاسم الانتخابي، لأنه لم يرد أي نص بخصوصه في مشاريع القوانين التنظيمية الخاصة بالانتخابات، لافتا في الآن ذاته إلى أنه إذا خالف تصويت اللجنة المذكورة ما يبتغيه الحزب، فإنه سيرفض التصويت.
التعليقات على توافق أحزاب الأغلبية والمعارضة على تغيير القاسم الانتخابي يحشر “البيجيدي” في الزاوية مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين

قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…