مثل كرة الثلج التي تبدأ صغيرة وتكبر بالتدحرج؛ مازال مشروع قانون رقم 22.20، الذي تقدم به وزير العدل الاتحادي محمد بنعبد القادر، يكشف المزيد من الحقائق المثيرة، التي أريد لها أن تُطمس ليمر بعدها في غفلة من الجميع بغرض إعدام أصوات المغاربة على منصات التواصل الاجتماعي.
فبالإضافة إلى خلفيات وحيثيات إعداد مسودته التي يلفها الغموض، تأكد لـ”الأول” بعد الحديث مع عدد من المصادر المسؤولة، أنه تم القفز على بعض المراحل المعروفة في أبجديات التشريع. وهو ما لم ينكره وزير العدل محمد بنعبد القادر في تصريح لموقع “الأول”.
غياب المقاربة التشاركية
ومن جملة التجاوزات التي شابت مشروع القانون هذا، أن وزير العدل، بصفته هو من أعدّه وقدّمه، غيّب المقاربة التشاركية في تدبيج فصوله؛ إذ لم يطلب استشارة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كما تنص على ذلك المادة 25 من القانون رقم 76.15 المنظم له، علاوة على أن الوزير عينه لم يفتح المجال أمام المجلس الوطني للصحافة قصد إبداء هذا الأخير رأيه عملا بالمادة 2 من القانون المحدث له رقم 90.13، ناهيك عن عدم إشراك الهيئات الحقوقية والمجتمع المدني والجمعيات المهنية أيضا وضرب طوق من السرية على تفاصيله الخطيرة التي أصبحت معها حرية المغاربة على كف عفريت.
مجاهد: لم يتم التشاور مع المجلس الوطني للصحافة والحكومة مرتبكة
قال يونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني للصحافة إن من صلاحيات هذا الأخير أن يبدي رأيه في مشاريع قوانين من هذا النوع، مسجلا في حديث مع “الأول” استغرابه من المقاربة التي نهجتها الحكومة في إعداد مشروع قانون تقنين منصات التواصل الاجتماعي.
مجاهد الذي كان قد نبّه، شهر مارس الماضي، في تصريحات صحافية تزامنت مع مصادقة الحكومة على هذا النص التشريعي، إلى خطورة استغلال الحكومات لظرفية جائحة “كورونا” للمس بحرية التعبير، عبر سن قوانين ما كان لها لتمر في مناسبات سابقة؛ شدد في تصريحه لـ”الأول” أنه كان يجب التريث قبل الإقدام على هذه الخطوة في المغرب، مع فتح نقاش عمومي تتفاعل فيه كل القوى الحية، من أحزاب ومجتمع مدني ونقابة الصحافة والمهنيين والناشرين كذلك.
وخلص المتحدث إلى التأكيد على وجود ارتباك لدى الحكومة.
مسؤول في مجلس بوعياش: تم تهميش مؤسسة دستورية
ليس مجلس مجاهد وحده من لم يطلب بنعبد القادر مشورته، بل حتى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وإن كان رأي هذا الأخير ملزما. وهو ما أكده مصدر مسؤول للموقع، بعدما تعذر التواصل مع أمينة بوعياش.
وقال هذا المصدر، غير الراغب في كشف هويته للعموم، إن الحكومة لم تطلب من المؤسسة، إبداء الرأي في مشروع القانون، كما فعلت في مناسبات مماثلة، مؤاخذا عليها تهميش مؤسسة دستورية من حجم الـCNDH في قانون يهم الحريات.
توضيحات وزير العدل
في رده على هذه الملاحظات، أفاد محمد بنعبد القادر بأن نطاق تطبيق قانونه يسثني في المادة 4 منه الصحافيين، موضحا في تصريح لـ”الأول” “بالقول: “تقديرا لمهنة الصحافة وللأدوار المهمة التي تقوم بها، فهي غير معنية بهذا القانون”.
حامل حقيبة العدل في حكومة العثماني زاد: “مهنة الصحافة منظمة بقانون خاص جاري به العمل والصحافيون يخضعون إلى تكوينات في مؤسسات أحدثت لهذا الغرض وهناك أخلاقيات تقيدهم”. على حد تعبيره.
وتنص المادة 4 التي يتحدث عنها الوزير على أنه: “لا تطبق مقتضيات هذا القانون على منصات الأنترنيت التي تقدم محتوى صحفي أو تحريري والتي لا تعتبر شبكة من شبكات التواصل الاجتماعي في هذا القانون وتظل خاضعة للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في مجال الصحافة والنشر”.
أما بخصوص تغييب رأي مجلس حقوق الإنسان فأبرز المصدر ذاته أنه “لا يوجد أي مانع لنستشير معه” دون توضيح ما إذا كان سيكون هناك قرار تصحيحي وكيف سيتم ذلك، علما أن مشروع القانون صودق عليه وأنهت لجنة تقنية مراجعته وهو الآن بين يدي لجنة وزارية.
المسؤول الحكومي خلص إلى أن “مشروع القانون المذكور مازال ينتظره مسار طويل وسيعرض على البرلمان لتجويده بعدما يصبح جاهزا”.
حري بالذكر أن مشروع قانون 22.20، الذي أثار ضجة غير مسبوقة لدى الرأي العام بمجرد تسريب وثيقتين منه، قبل أن يفجر خلافا خادا بين الاتحاد الاشتراكي و”البيجيدي”، أدرجه الأمين العام للحكومة في جدول أعمال المجلس يوما واحدا قبل انعقاده. أي في 18 مارس الماضي. في وقت كان مبرمجا فيه دراسة والمصادقة على مشروعي قانونين اثنين رقم 46.19 و93.17، تم تأجيلهما دون تعليل ذلك. وهو ما يعني وجود طابع استعجالي مثير للريبة لدى الحكومة لتمريره في غمرة انشغال المغاربة بالبحث عن “الكمامات” اتقاء لوباء “كورونا”.
وتنص بعض المواد على عقوبات سجنية تصل إلى ثلاث سنوات حبسا وغرامات تتراوح بين 5000 و50000 درهم في حق دعاة مقاطعة المنتوجات أو التشكيك في جودتهاأو التحريض على سحب الأموال من مؤسسات الائتمان، وبالحبس والغرامة في حال ترويج أخبار زائفة.
بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين
قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…