في خطوة تعد سابقة، أصدر القضاء المغربي أول حكم استئنافي من نوعه قضى بتجريم الاغتصاب الزوجي، عقب إدانة غرفة الجنايات لدى محكمة الاستئناف بطنجة زوجا مغربيا بسنتين موقوفة التنفيذ، من أجل جريمة الاغتصاب رغم وجود عقد زواج يربطه بالمشتكية به.
من عنف وإيذاء إلى اغتصاب زوجي
الحكم الذي صدر شهر أبريل من السنة الجارية، ولم يكشف عن منطوقه الكامل سوى بحر هذا الأسبوع حصل “الأول” على نسخة منه؛ ويتعلق أساسا بملف جنحي سبق لاستئنافية طنجة في المرحلة الابتدائية أن حكمت فيه على المجني عليه من أجل العنف الزوجي والإيذاء طبقا للفصلين 401 و404، ومعاقبته بالسجن النافذ لمدة سنتين، وبغرامة مالية نافذة، كما قضت في الدعوى المدنية بقبولها وبأداء المتهم للضحية تعويضا مدنيا قدره 30.000 درهم.
وبينما علّلت المحكمة قرارها الابتدائي الصادر مطلع شهر أكتوبر من السنة الفارطة بتغيير وصف الفعل من اغتصاب إلى عنف زوجي، بوجود عقد زواج، كيّفت من جهتها غرفة الجنايات الاستئنافية درجة ثانية، بعد إحالة القضية عليها ومناقشة حيثياتها الفعل اغتصابا، مقررة إلغاء القرار الابتدائي ومؤاخذته من أجل المنسوب إليه، والقول من جديد بإدانة المتهم من أجل جريمة الاغتصاب، مع جعل العقوبة المحكوم بها عليه موقوفة التنفيذ وتحميله الصائر والإجبار في الأدنى.
كما قضت المحكمة ذاتها بخصوص المطالب المدنية بإلغاء القرار المستأنف في ما قضى به من تعويض للمطالبة بالحق المدني والتصريح من جديد بالإشهاد على تنازلها عن المطالب المدنية.
حيثيات القرار.. إكراه وابتزاز واجتهاد القضاء المقارن
انطلقت غرفة الجنايات الاستئنافية بطنجة من تعريف الاغتصاب الزوجي، بكونه “إقدام الزوج على معاشرة زوجته بدون رضاها، وباستخدام الإكراه”، معتبرة أنه “لا يقصد بالإكراه، الإكراه المادي فقط، والمتمثل في استخدام القوة الجسدية من أجل إجبار الزوجة على المعاشرة الجنسية، بل أيضا الإكراه المعنوي المتمثل في الابتزاز والتهديد، وكذا ممارسة الجنس بطرق وأساليب من شأنها أن تهين المرأة وتحط من كرامتها”.
ويقول القرار ذاته إن “المشرع المغربي في تعريفه للاغتصاب بأنه مواقعة رجل لإمرأة بدون رضاها، لم يستثنِ المرأة المتزوجة من نطاق تطبيق هذا الفصل”، مستندا في ذلك على مجموعة من الالتزامات التي يفرضها عقد الزواج، وأهمها كون “الزوج مدعوا لحماية شريكة حياته”، وأن “الرابطة الزوجية يجب أن توفر الحماية للزوجة، ولا ينبغي أن تستعمل كذريعة لمواقعتها بطريقة هي غير راضية عنها”.
كما استندت الهيئة التي اتخذت هذا القرار غير المسبوق في المملكة، لكون تهمة الاغتصاب الزوجي لا محل لها في القانون الجنائي، على اجتهاد القضاء الفرنسي، من خلال إشارتها لقرار محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 05/09/1990 الذي جاء فيه أن “القانون الجنائي الفرنسي يهدف الى حماية الحرية الجنسية لكل فرد، وبالتالي فإنه لا يستثنى من الاغتصاب المعاشرة بالإكراه التي تقع بين شخصين تجمعهما علاقة زوجية”.
وقد عللت المحكمة قرارها أيضا بالاستعانة باجتهاد القضاء المقارن، بكون القانون الفرنسي يبقى المصدر التاريخي للتشريع الجنائي المغربي.
وعليه، خلصت المحكمة إلى أن اعتراف المتهم طوال مراحل القضية بمواقعته لزوجته بدون رضاها، وتصريحات الضحية، ومعايانات الشرطة القضائية لملابس الضحية وهي ملطخة بالدماء، هي معطيات تجعل جناية الاغتصاب الناتج عنه افتضاض طبقا للفصلين 486 و488 من القانون الجنائي قائمة، والقرار الابتدائي الذي قضى بإعادة تكييف الأفعال المدان بها المتهم، على أنها تشكل مجرد جنحة الإيذاء العمدي في حق الزوجة طبقا للفصل 404 من القانون الجنائي، ينبغي إلغاؤه، والتصريح من جديد بمؤاخذة المتهم من أجل جناية الاغتصاب الناتج عنه افتضاض.
تفاصيل القضية
وتعود فصول هذه القضية حسب الوثائق الخاصة بها إلى تاريخ 30 يونيو عام 2018، حينما انتقلت الشرطة القضائية بالعرائش إلى مستشفى المدينة بعدما نقلت إليه المشتكية وهي تنزفا دما من فرجها، وعند الاستماع إليها في محضر قانوني أكدت أن المشتكى به زوجها مند حوالي سنة، وأنها دخلت معه في خلاف، وبتاريخ 29/06/2018 عندما كانت معه بمفردها بمنزل والدها، أخبرته بنيتها في فسخ الزواج، وهو ما لم يتقبله المشتكى به، فثار في وجهها قبل أن يتمكن من إسقاطها أرضا ومواقعتها رغما عنها، رغم توسلها إليه للكف عن ذلك، وتمكن من افتضاض بكارتها، وتركها تنزف دما.
وعند إحالة المتهم على أنظار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بطنجة، قرر هذا الأخير إجراء تحقيق من أجل جناية الاغتصاب الناتج عنه افتضاض طبقا للفصلين 486 و488 من القانون الجنائي. وقد أكد المتهم نفس التصريحات التي أدلى بها في محضر الشرطة، وقرر قاضي التحقيق متابعته من أجل نفس الأفعال وإحالته على غرفة الجنايات في حالة اعتقال.
بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين
قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…