اليوم تحل ذكرى الإضراب العام لـ 20 يونيو 1981، والذي جاء كرد للقيادة التنفيذية للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، على الزيادات التي عرفها المغرب آنذاك وخصوصا في المواد الأساسية، هذه المحطة التي وشمت تاريخ الحركة النقابية بالمغرب واعتبرت من أكثر اللحظات السوداء في تاريخه الحديث، وقد وصف رد الفعل الذي اعتمدته الدولة حينها بـ”الدموي”.
وجاء إضراب 1981، أو كما أطلق عليه وزير الداخلية آنذاك ادريس البصري، متهكما، على شهداء الإضراب بـ “شهداء كوميرة”، (جاء) كرد فعل على سياسات الحكومية آنذاك، أهمها الزيادات في المواد الأساسية، والاعتقالات التي طالت الحركة النقابية بعد تنفيذها لإضراب وطني في قطاعي التعليم والصحة العموميين يومي 10 و11 أبريل 1979، بما ترتب عنه من إجراءات توزعت بين الطرد الجماعي، والتوقيف، والمتابعة القضائية، في حق المضربين، وعلى صعيد آخر، كان المغرب يعيش في تلك الفترة أزمة اقتصادية خانقة بعد تراجع إنتاجية الفوسفاط وانخفاض مبيعاته في السوق العالمية، كما سجل الميزان التجاري عجزاً واضحاً.
يوم 20 يونيو 1981، تحولت العاصمة الاقتصادية إلى مدينة شبح، بعد تدخل الجيش منتصف النهار، مخلفا وراءه مئات القتلى والجرحى في مختلف الأحياء والمناطق التي عرفت مظاهرات احتجاجية صاخبة، واعتقال الآلاف من ضحايا “الغضب الشعبي والعمالي”، كما سماه الرفاق، ومحاكمتهم، وفي مقدمتهم الكاتب العام للمركزية العمالية نوبير الأموي.
بهذه المناسبة نورد إليكم جزأ من الندوة الصحفية التي عقدها الجسن الثاني يوم 2-7-1981، بالرباط والتي عقدت بعد قمة منظمة الوحدة الإفريقية في نيروبي، وكان من بين الحضور صحفيين من فرنسا وبريطانيا والبرتغال والمانيا وامريكا اللاتينية وكذلك الصحافة العربية.
– هل في المستطاع سؤالكم عن الحالة الداخلية وعلى الخصوص عن رأيكم فيما حدث في الدار البيضاء وفي اسباب هذه الحوادث وما يترتب عنها؟
* سأجيبكم باختصار إنني رجل مؤمن ومتفائل، إننا لم نواجه منذ 1965 مشاكل خطيرة، أي ست عشر سنة، وعلى أي فإن هذه المدة بالنسبة لهذه الناحية من الأبيض المتوسط جنوبية كانت أم شمالية مدة لا بأس بها، الأمر يتعلق بألفين من المتظاهرين وهذا ليس بخطر.
– قلتم بخصوص الدار البيضاء أن الأمر ليس بخطر، حيث يتعلق الأمر بألفي متظاهر لا أكثر، فهل معنى ذلك أنكم تميلون إلى العفو أم بالعكس إلى القمع؟
* لا ينبغي الحكم مسبقا، إن بلدنا يتمتع ينظام فصل السلطات، فلا يمكن لعفو الملك أن يصدر إلا بعد أن يقول القضاء كلمته، شأن الملك شأن جميع رؤساء الدول، قلت الأمر ليس بخطر، كتظاهر، ولكن الأعمال بالعكس كانت خطيرة لأنها مست بممتلكات المواطنين وأملاك الدولة كما مست بالحياة الآمنة للمواطنين، بل أخطر من ذلك، إن أغلبية الخسائر تكبدتها أقل الطبقات العاملة يسرا لأن الحوادث جرت في أحياء آهلة بالسكان، كل السيارات التي احرقت وكل الدكاكين التي اتلفت بضائعها كانت ملكا للطبقة الضعيفة من الشعب ولبعض من وفروا دريهمات فشاهدوا في ظرف ساعتين من الزمن كل ما يملكون تلتهمه النيران او تعبث به الأيدي.
زد على ذلك دور التأمين في العالم أجمع لا تؤمن مع الأسف من الاضطرابات والقلاقل فإلى من سيلتجئ هؤلاء المصابون في ممتلكاتهم؟
ثم إنه وجد أطفال صغار من بين المتظاهرين..
أولا إن هؤلاء الأطفال كانو في عطلة مدرسية فحرضوا على إلقاء الحجارة والأطفال لا يرحمون، كما في المثل. لقد بدأوا برمي الحجارة ثم تلاهم أفراد معروفون ألقي عليهم القبض وحكم على بعض منهم صباح هذا اليوم بالذات وهم معروفون بنشطاهم التخريبي فمن بين الألفين الذين ألقي عليهم القبض النصف معروفون بسوابقهم.
أعترف لكم أن الذنب ليس ذنبهم بل انه يجب علينا أن نراجع كل أمورنا، إننا لا نقوم بالجهد اللازم لدرء خطر الهجرة من البادية وأن ما نتوفر عليه من المعاهد التقنية والمدارس…
– قلتم أن مشاغبي الدار البيضاء قاموا بعملهم في وقت مناسب، فهل معنى ذلك أنهم مدفوعون من الخارج؟
* إنكم تعلمون أنه من السهل دائما أن يقال إن فلانا موجه من الخارج، فذلك عذر أي أحد أراد أن يتهم أحدا ويفتك به.
قد يصح للمرء أن يقول أنهم موجهون من الخارج خصوصا إذا ما نظر إلى الصورة التي وقعت عليها تلك الحوادث ولو كانت الأمور أخطر مما جرت عليه فلربما كنت تخليت عن التوجه إلى نيروبي، وأقولها بكل تواضع، لكانت منظمة الوحدة الإفريقية معترفة الآن بالجمهورية الصحراوية في الغالب ولغادر هذه المنظمة المغرب والسينغال وغينيا وساحل العاج والغابون وغير هذه من البلدان مثل مصر وغيرها.
إذن ستكون الجمهورية الصحراوية قد اعترف بها من طرف قسم من منظمة الوحدة الافريقية التي ستكون قد تشتتت لا لفائدة أي أحد.
لا أقول أن “المشاغبين” كانوا موجهين من الخارج ولكن أقول لو أن الخارج أراد توجيههم لما وجد ظروفا أحسن وأكثر ملائمة ومهما كان الأمر ورغم أنني لا أتدخل في شؤون القضاء فإنني اتمنى شخصيا ألا يذكر عنصر التوجيه من الخارج من قبل الوكلاء في مرافعاتهم-لا لأنني- حتى ولو كان الأمر صحيحا- أرفض أن يكون المغربي قابلا أن يوجه من الخارج، بل لأنني أضع المغربي في مكانة عالية.
– هل تعتقدون أنه لتهدئة الأوضاع الاجتماعية المتوترة أنكم ستوصون حكومتكم بالتراجع عن الزيادات في الأسعار، تلكم الزيادات التي كانت سببا في الإضراب؟
* لا يمكن أيتها السيدة وذلك لعدة أسباب، القضية حكومية أجل، ولست أقول أن الزيادات غير مناسبة -فما هي الزيادة التي تكون مناسبة؟- وإنما أقول أنها وقعت بكيفية غير لائقة لكونها مست بكيفية مفرطة قطاعات حيوية، وأن صندوق المقاصة، الذي هو ممون من مداخيل الدولة، يحدد كل سنة مالية من قبل مجلس النواب ولم يعد في إمكان ذلك الصندوق أن يواحه التزاماته حيث أن الأسعار ارتفعت بشكل مهول بين شهر يناير ويونيو في العالم أجمع وخاصة منها أسعار الدولار.
– ألا تخشون اذا لم تتراجعوا في قضية الاسعار أن تتكرر العواقب التي سببتها الزيادة الأولى؟
* لا أعتقد. فما الذي حدث؟ الذي حدث هو أن الاسعار كانت ذريعة للقيام بهيجان اختير له مكان وهو الدار البيضاء وفي الدار البيضاء نفسها اختير حيز معين منها، وفي الغد الموالي كان استنكار عام، أن الناس تتقبل الاحتجاج ولكن من يرضى بالنهب، كنت اقبل السماح بمظاهرة مؤلفة من مليون شخص تنطلق من ساحة لتصل إلى ساحة، ويؤطرها زعماء نقابيون أو سياسيون وأمامها لافتات بمطالب، إننا هكذا تربينا، وكافحنا بهاته الطريقة وحققنا الحق بهذا الاسلوب…
– هل ما جرى في الدار البيضاء سيجعلكم تتراجعون عن الوقوف إلى جانب الديمقراطة التي تعتمدونها؟
* ليست الديمقراطية بالنسبة لنا مسألة شكلية، بل هي مسألة اردناها ونحترمها لسبب بسيط، ألا وهو أن الشعب ان اختار طريقة للحياة لا يحيد عنها وإلا تنكر لنفسه، واذا كنا سنبدل منهجنا لمجرد اندلاع فتنة في أحد الاحياء ونراجع اخلاقنا اليومية الراسخة بين المواطنين وفي علاقاتهم بالدولة فإن ذلك يكون سبة في جبين الشعب، إن الشعب لا يقبل أن يغير معتقداته وأخلاقه وفضائله بسبب أمور تافهة ولا تمثل شيئا مذكورا…، فإن الديمقراطية عندنا ليست غاية في حد ذاتها وانما هي أفضل وسيلة إلى تجنب الخطأ والتيه، ففي أيامنا هذه لا يستطيع اطلاقا رجل محاط بمجموعة من الانصار المتعصبين أن يحيط بالمشكلات ويلم بها جميعا ويتبين حلولها، فلا بد من مشاركة الجميع مشاركة لا مفروضة اذا اردت حياة ديمقراطية تتم فيها مراقبة تصريف الشؤون وتتيسر فيها المبادرة، وحينما يعيش المغرب نظام “البوندس” الالمانية (مجلس النواب الاتحادي الألماني – البرلمان الألماني) سيكون ذلك اليوم هو يوم عيد لأن ذلك النظام يسمح للدولة بالتخلص من المشكلات الصغار، ومن خط الطريق إلى خاتمة هذا القرن، هذه هي الطريقة الصالحة للمغاربة لكونهم كما أعرفهم جيدا متحدون على تعدد اتجاهاتهم.
نادية العلوي: الحكومة تواصل تنزيل نفس الأولويات والتشكيك في منهجية الحوار الاجتماعي هو هدر للزمن السياسي
أكدت نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية، على أن الحكومة تواصل تنزيل نفس الأولويات م…