خالد الجامعي

هل كان المغرب على حق عندما راهن على تحالف استراتيجي مع دول الخليج، وربط مستقبله بدول لا تعدو كونها مجموعة دوائر عائلية وقبلية غارقة في تنافس لا يتوقف؟

هل كان على حق عندما تقرّب من ملكيات طبخها الاستعمار البريطاني، قبل بضعة عقود، فيما هو (المغرب) يجر قرونا من التقاليد الملكية يعود تاريخها إلى الدولة الإدريسية قبل حوالي 1600 سنة.

هل كان المغرب على حق عندما التحم بأصقاع تبعد عنه بـ 4600 كلمتر؟

هل كان على حق، وهو المتمذهب بمذهب الإمام مالك، عندما استلذ طبخة مشتركة مع آل سعود المعتنقين للوهابية المتطرفة المغرقة في المحافظة، الموغلة في الرجعية، المغالية في لا تسامحها، والدموية حتى. آل سعود الذين يمجّدون ويطبقون الشريعة في تجلياتها اللاإنسانية: قطع الرؤوس، الجلد، بتر الأعضاء، والرجم… تلك الوهابية التي أغرقت العديد من البلدان العربية والإسلامية في حمامات الدم والنار: نيجيريا، ليبيا، سوريا، الصومال، العراق، اليمن، الكاميرون الخ.. دون أن يثنيهم أي شيء عن تصدير وفرض رؤيتهم الدينية التكفيرية.

هكذا أنفقوا خلال السنوات العشرين الماضية، رقما مهولا يقدر بـ 87 مليار دولار، لبناء 1359 مسجدا وتخصيص مساحة 3848 متر مربع لتشييد المراكز الدينية وتدريب حوالي 45 ألف إماما لنشر الدعوة بل العدوى الوهابية في مشارق الأرض ومغاربها. نستظر في هذا السياق التصريحاتالمتطرفة التي كان قد أدلى بها السعود خالد العبري، عندما كان مديرا للمركز الإسلامي في بروكسيل، الشيئ الذي أغضب السلطات البلجيكة التي طلبت من الرياض إبعاده من منصبه.

تماما مثلما دعموا ولا زالوا يدعمون بالمال والعتاد والمواقف السياسية الميليشيات والجماعات الإرهابية مثل جبهة النصرة (فرع القاعدة)، وجيش الإسلام، وأحرار الإسلام، وغيرها.

طبعا دون أن ننسى “داعش” التي تعترف بأنها خرجت من قمقم نفس الإيديولوجية الوهابية. لذلك فالمملكة العربية السعودية ليست في نهاية المطاف إلا نسخة من داعش تمكّنت من الحكم بعد أن تحقّقت لها الغلبة؟

فهل كان المغرب على حق ليضع يده في يد ملكيات مصطنعة، هي بالنهاية من ألد أعداء كل أشكال الديمقراطيات، وهو الذي يقدم نفسه كملكية دستورية ديمقراطية برلمانية واجتماعية؟

هل كان المغرب على حق في اختياره التعاقد مع  قادة أصبحوا محط مراقبة حليفهم الرئيسي، الولايات أمريكية، التي صرح رئيسها أوباما بأن “الدول العربية (الخليجة) أصبحت مهددة من قِبَل شعوبها التعيسة ومن شباب لا يوجد أمامه أي خيار سوى الدولة الإسلامية، أكثر مما هي مهددة من قِبَلِ إيران”. ولا أدلَّ على هذا من الوضع الحالي في البحرين وفي المملكة العربية السعودية (أحداث القطيف).

هل كان المغرب على حق، هو الذي يرأس “لجنة القدس”، أن يقتسم الطبخة مع هذه “الدول” التي لم تعد تخفي مؤامراتها مع إسرائيل، إن لم نقل تحالفاتها الموضوعية مع هذه الأخيرة. هذا هو حال قطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. وهكذا، كتبت صحيفة “جيروزاليم بوست”: “إسرائيل ليست معزولة أبدا، فهي تطور علاقاتها، على نحو متزايد، مع المملكة العربية السعودية. إسرائيل فتحت مكتبا تمثيليا في أبو ظبي، كما تطور علاقاتها مع الدول العربية في الخليج الفارسي”.

من جانبه، المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية Dry Gold  قال إن “ما يجمع إسرائيل بالمملكة العربية السعودية، ليس نقطة تلاقي المصالح فحسب، بقدر ما هو تحالف مكتمل الأركان”!

أما الموقع الأمريكي“Vétérans to Day” فقد كشف كيف أن ضباطا من الجيش السعودي تلقوا تدريبات في إسرائيل، بل إن الموقع نشر أسماء الضباط السعوديين ورتبهم العسكرية أيضا!

فهل يسعى مليِّكات (Les roitelets) الخليج إلى مقايضة المظلة الأميركية بالإسرائيلية؟

وهل كان المغرب على حق، وهو يعلق آماله على دعم مالي مستمر من الرياض والدوحة وأبو ظبي الغارقة في حروب سوريا واليمن وليبيا، والتي تضررت بشدة من الانخفاض الكبير في أسعار النفط، التي انتقلت من 100 إلى 40 دولار للبرميل؟ مما تسبب في عجز في الميزانية السعودية ارتفع إلى 98 مليار دولار، عجز اضطرها لاقتراض 10 مليارات دولار بفوائد خيالية!!

هل كان المغرب على حق عندما اصطف خلف السعودية التي نصّبت نفسها قائدا للعالم السني، فيما هي جزء من حملة “صليبية” ضد الشيعة في كل أنحاء العالم، وهي الحملة التي لا يُستبعد أن تزجَّ بالعالم الإسلامي في حرب دينية عابرة للعقائد..

ملاحظة: بالمناسبة فالشيعة السعوديون يشكلون 15 بالمائة من السكان، غير أنهم يعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية ويعانون من تمييز صارخ.

هل المغرب على حق حتى يستمر في معاداة بلد مثل إيران “تضامنا” منه مع هؤلاء “المرادجا” الخليجيين، المرعوبين من المزيد من “آيات الله” المعممين، ومن فكرة عودة ثورة انطلقت منذ أزيد من ثلاثة عقود؟

ولا أدل على صحة هذا من التصريح الذي أدلى به الوزير الأول السابق لقطر إلى جريدة “الفاينانشال تايمز” حين قال:” أعترف أن الإيرانيين هم أذكى وأكثر صبرا من العرب. انظروا منذ كم سنة وهم يفاوضون الأمريكان. هل تظنون أنه يوجد هناك بلد عربي واحد كان بوسعه التفاوض لمدة طويلة كهذه؟”

يقول المثل اللاتيني: الخطأ فعل إنساني، والتمادي في الخطأ فعل شيطاني

 (Errare humanum est, perseverare diabolicum)

 

 

التعليقات على المغرب/ دول الخليج.. رهان خاسر؟ مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…