تزداد الضغوطات على حكومة عزيز أخنوش يوما بعد آخر، بخصوص أسعار المواد الأساسية والخضروات التي باتت باهظة للغاية في ظل صعود سهم التضخم، حيث قفز معدل التضخم في المملكة، خلال فبراير الماضي إلى 10.1 في المئة.
وبدأت تقارير مؤسسات دستورية مستقلة تتناسل بشكل تدريجي على حكومة أخنوش في الأيام الأخيرة، كلها تخالف الفرضيات التي قدمتها هذه الأخيرة في قانون المالي للسنة الحالية، والتي أكدت من خلالها أنها ستحقق نسبة نمو تبلغ 4 في المائة وتضخما في حدود 2 في المائة.
التقارير نفسها تكشف الوجه البشع للأزمة المغربية، والتي نسبتها الحكومة في مناسبات عدة للوضع الدولي، وما بعد الجائحة فيما ترمي بجزء كبير منها على كاهل الحكومات السابقة.
التضخم محلي وليس مستورد
فعلى عكس ما تقوله حكومة أخنوش بكل ألوانها كون هذا المعدل الذي لم يشهد المغرب مثيلا له منذ الأزمة التضخمية الشهيرة في الثمانينيات، راجع بالأساس إلى ما بعد الجائحة وأزمة أوكرانيا، كشف المندوب السامي للتخطيط أحمد لحليمي أن الأزمة المغربية ليست مستوردة بل محلية الصنع، مؤكدا أن التضخم في المغرب أصبح عاملاً هيكليا في اقتصادنا، وسببه الرئيسي هو نقص تمويل السوق المحلي بالمنتجات.
كما يرى الحليمي أنه يجب الاعتراف بأن التضخم أصبح حقيقة هيكلية داخل الاقتصاد المحلي، ويجب التعايش معه، ومواجهته بثورة في نظام الإنتاج، مشددا على الحاجة إلى أن تعرف الفلاحة بالمغرب “ثورة حقيقية لتغيير نظام الإنتاج، والعمل سريعا لتحقيق السيادة الغذائية، وإنتاج ما نستهلكه أولا، مع تحقيق أقصى قدر ممكن من التقدم التقني والتكنولوجي لتحسين مردودية الإنتاج”.
وأقر المندوب السامي للتخطيط بغياب الانسجام بين السياسة النقدية التي يقودها بنك المغرب والسياسة المالية للحكومة، مؤكدا أنه “من الواجب إخبار المغاربة بنسيان أرقام النمو البالغة 4٪ سنويا، والتي التزمت بها الحكومة في برنامجها”.
صدام بسبب تدبير التضخم
اصطدم رئيس الحكومة بوالي بنك المغرب جراء رفع سعر الفائدة الرئيسي بواقع 50 نقطة أساس إلى 3 في المئة، إذ يرى أخنوش أن التضخم في غالبه مستورد، والجزء القليل منه تضخم محلي، وهو ما يفسر ضغط الحكومة منذ مدة لإعادة سعر الفائدة إلى 1.5 في المائة التي كانت إلى حدود منتصف 2022، خاصة أنها تستعد لتنزيل ميثاق الاستثمار الجديد وتدرك حاجة المقاولات للتمويل بنسبة فائدة تفضيلية، قبل أن تتفاجأ الحكومة بخطوة بنك المغرب برفع الفائدة للمرة الثالثة إلى 3 في المئة.
من جهته يرى بنك المغرب أن الحل للتضخم الحالي هو رفع نسبة الفائدة، وقد لجأ إلى هذا ثلاث مرات في ستة أشهر، بعدما انتقلت من 1.5 في المائة إلى 2 في المائة ثم 3 في المائة حاليا، لكن رئيس الحكومة يرى أن تبعات هذا القرار ستتحمله حكومته، لذلك فهو يدافع عن مصالح المقاولات من أجل تسريع التعافي الاقتصادي، لأن المواطنين والمقاولات في حاجة للاقتراض من أجل الانتعاش الاقتصادي.
وبلغ الخلاف بين الطرفين ذروته بعد أن كشف البنك المركزي، عزم الحكومة، رفع يدها عن المواد الأساسية المدعمة عبر صندوق المقاصة، وهي السكر والقمح اللين و غاز البوتان.
مشيرا إلى أن “الشروع المُبرمج في رفع دعم أسعار المنتجات المدرجة في صندوق المقاصة”، خلال سنة 2024، من شأنه أن”يبقي التضخم إجمالا في مستوى مرتفع، حيث سيبلغ 3.9 في المائة”.
التقارير السيئة تتراكم
تراكمت التقارير السيئة على كاهل حكومة عزيز أخنوش إذ وجدت نفسها في قلب عاصفة قوية، من الانتقادات بسبب الملف الشائك للمحروقات، بعد أن اتهم مجلس المنافسة الفاعلين في قطاع المحروقات بالتواطؤ حول الأسعار.
وتنضاف هذه الضربة إلى المعطيات التي كشفها كل من مندوب التخطيط ووالي بنك المغرب مؤخرا، إذ في 11 شتنبر لسنة 2022 كشف مجلس المنافسة بالمغرب الذي يرأسه إدريس جطو عن أن شركات توزيع المحروقات، ضاعفت هوامش ربحها خلال السنوات القليلة الأخيرة، مسجلا ما وصفها بـ”السلوكيات السلبية” للفاعلين في القطاع.
وأوضح المجلس أن هوامش ربح شركات التوزيع عرفت زيادات حادة خلال سنتي 2020 و2021 متجاوزة سقف درهم واحد للتر، ليقترح بذلك إقرار ضريبة استثنائية تعتمد بالتدرج على الأرباح المحققة من فوائض ربح الشركات لدعم البرامج الاجتماعية للدولة.
الخرجات الثلاث لمجلس المنافسة، وبنك المغرب ومندوب التخطيط، تدق ناقوس الخطر، وتدفع الحكومة إلى التفكير بطريقة مغايرة، لما عليه الأمر حتى الآن..