بهدف البحث عن “انفراج سياسي” في ملف معتقلي “حراك الريف”، قام مجموعة من المعتقلين السابقين على خلفية الحراك، بإعداد وثيقة، تم فيها عرض مجموعة من الأفكار والمقترحات والتصورات، التي يأملون أن تصل إلى مراكز القرار بالمغرب.
وحسب الوثيقة التي تحصل “الأول” على نسخة منها، والمعنونة بـ”الريف الذي نريد في المغرب الذي نريد: من أجل البناء الجماعي المشترك”، فقد أكد المعتقلون السابقون الذين تبنوها، أنهم أقدموا على هذه المبادرة بهدف “المساهمة – من موقع المواطنة الفاعلة – في خلق صيرورة إيجابية” بمنطقة الريف، مساهمة “تستحضر الملف المطلبي لحركتنا الاحتجاجية المطلبية المعروفة بـ”حراك الريف””.
وأكد الموقعون على المبادرة على أن الهدف منها كذلك “المساهمة في كل نقاش جاد وتشاركي للدفع بجميع عمليات الاندماج التي تسمح بخلق شروط العيش الكريم المنتجة للدخل والضامنة للكرامة والتي من شأنها التأسيس لمقومات ومرتكزات انفراج حقيقي وعدالة اجتماعية ومجالية بالمنطقة، تبعا للأفكار المشتركة المختلفة المعبر عنها ضمن مجهود ينبني على البناء الجماعي المشترك وفق مقاربة التشاور وترسيخ الديمقراطية التشاركية المنصوص عليها في دستور البلاد، نتقدم بهذه الأفكار والمقترحات التي نتمنى أن تجد الآذان الصاغية والتفاعل الإيجابي الذي يجعل مصلحة الوطن فوق كل اعتبار”.
ويرى الموقعون على الوثيقة (استحضارا لقرارات الإفراج الإيجابية المتتالية التي مست مجموعتنا)، أن هناك اليوم “ضرورة وإمكانية لإرساء أجواء انفراج حقيقي يفضي في المرحلة الراهنة إلى بناء الثقة بمداخلها الأساسية”.
وفي هذا السياق، أوضح محمد المجاوي، معتقل سابق على خلفية “حراك الريف”، لـ”الأول” أن الوثيقة التي تمت كتابتها، “هي إسهام جماعي، تم إنتاجها عبر دردشات ولقاءات، وجاءت من قبل المعتقلين السابقين الذين تم الإفراج عنهم، وقد استمر النقاش تقريبا لثلاثة أسابيع”.
وتابع المجاوي في اتصال هاتفي مع “الأول”، “الورقة جاءت في إطار تلطيف الأجواء بعد هذا الانفراج الجزئي في ملف معتقلي حراك الريف، وتفاعلنا الإيجابي مع هذا الانفراج، على أساس أن يطوى هذا الملف”.
وأساس الانفراج الكلي للملف، حسب ذات المتحدث “يظل مرتبطا بإطلاق سراح كافة المعتقلين، هذا هدف محوري، ومسلسل تلطيف الأجواء والتفاعل الإيجابي مع كافة المبادرات ينسجم مع هذا المطلب”.
وأضاف المجاوي، “صراحة بعد عودتنا من السجن إلى المنطقة، وجدناها لا زالت تعاني، هناك موجة للهجرة عبر قوارب الموت، والركود الاقتصادي التي تشهده المنطقة، تقتضي ضرورة تحيين حتى الملف المطلبي وشعارات الحراك في هذه الفترة”.
وشدد المتحدث، أنه “لا يمكن ملامسة الانفراج فقط عبر إطلاق المعتقلين ولكن نلمسه عبر مبادرات لتوفير فرص للتنمية، وهذه ليست مسألة استثنائية متعلقة فقط بمنطقة الريف ولكن مرتبطة بباقي جهات المغرب، غير أن تداعيات ما بعد الاعتقالات على مدينة الحسيمة، هي كارثية، شباب ويافعين يخافون المكوث في المنطقة مخافة الاعتقال أو غياب فرص الشغل، لذلك من الضروري تحيين الملف المطلبي وتضمينه في هذه الوثيقة، في أفق انفراج هذا الملف بشكل كلي”.
وبخصوص الجهة التي تم توجيه هذه الوثيقة إليها، أكد المجاوي لـ”الأول”، أنها “موجهة لصانعي القرار، وللمسؤولين الحكوميين، ولكل الفاعلين السياسيين، النقابيين، والحقوقيين ببلدنا، من أجل أن يستمعوا لنبض الشارع وللمواطنين القاطنين بهذه المنطقة، وهي رسالة لكل من له يد من أجل أن يطوى الملف، فهو كارثة على بلدنا بشكل عام ونعيش الآن تداعيات أربع سنوات، ولا نرغب في أن تطول أكثر من ذلك، وأن تطوى هذه الصفحة وأن نبني هذا المغرب الجديد، وأن تشكل هذه التضحيات فرصة لأن نراكم بشكل إيجابي لبلدنا بشكل عام”.
وفي تعليق له على الحكم على الناشط “جواد أمغار”، قال المجاوي “يبدو أنه لم يتم التقاط هذه الروح الإيجابية، نحن نساهم في كل ما هو إيجابي، ونفترض أن الطرف الذي يمتلك القدرة على صنع القرار سيلتقط هذا، ولحد الآن هذا التفاعل الإيجابي لم نلمسه، ونتمنى في المستقبل أن يكون هناك تفاعل إيجابي مع هموم المواطنين، لأن الوضع ينذر بما هو أوخم، وهذه المشاكل يجب أن تحل من جذورها.
أنا على يقين أننا سنتجاوز هذه المرحلة بكل التداعيات السلبية التي كانت على بلدنا بشكل عام وليس فقط على منطقة الريف”.
وقد حددت الوثيقة، التي تتكون من 10 صفحات، عدة مداخل على المدى القصير وعلى المدى المتوسط تمثلت أولها في “الإفراج عن باقي معتقلي الحراك الشعبي بالريف”، وهي خطوة تكتسي حسب ذات المصدر “طابعا ملحا في انتظارات المنطقة وذلك لأن الجميع تفاعل ولو بنسب متفاوتة مع الحراك الشعبي لتحقيق الأفضل للمنطقة وللوطن ككل، وهو ما يجعل من تضحيات المعتقلين سواء المفرج عنهم أو أولئك الذين ما زالوا في السجون، دينا علينا نحن المفرج عنهم وأقل ما يمكننا المساهمة به هو العمل سويا من أجل تحقيق انفراج حقيقي يفضي إلى طي هذا الملف نهائيا عبر الإفراج الكلي عما تبقى من معتقلي الحراك”.
ثم تطالب الوثيقة بإلغاء المتابعات في حق نشطاء الحراك المتواجدين بدول المهجر،كخطوة، لـ”إذابة للجليد الذي لازال عالقا بين نشطاء الحراك الشعى والسلطات، ومساهمة في تلطيف الأجواء وتوفير شروط الانفراج الحقيقي”، والعمل “جماعة على توفير شروط الإسهام كل من موقعه في إيجاد مخارج مرضية للجميع، وإعادة البسمة والفرحة إلى منطقتنا”.
ومن بين المطالب كذلك على المستوى القصير “الإعلان بشكل استعجالي عن برنامج مندمج، متكامل ومستدام وتشاركي لخلق فرص الشغل والإقلاع الاقتصادي”.
وكذلك “تسوية وضعية الترقية الإدارية للمعتقلين المفرج عنهم والموظفين بالإدارات العمومية خاصة في قطاعي التعليم والصحة”، بالإضافة إلى “فتح نقاش عمومي حول تقييم البرنامج الترابى: “الحسيمة منارة المتوسط””.
أما على المستوى المتوسط فقد أكدت الوثيقة على ضرورة “إعادة الروح لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التى نصت على”، حسب ذات المصدر، “متابعة الاتصالات مع عائلة عبد الكريم الخطابي قصد دراسة شروط إعادة رفاته إلى المغرب حسب رغبة العائلة والأقارب، مع إنشاء مركز الأبحاث عبد الكريم الخطابي واعتبار مقر إدارته معلمة تاريخية وترميمه واستعماله كمركز تاريخي للتعريف بشخصية محمد بن عبد الكريم الخطاي وكمركز سوسيو ثقافي، مع تنظيم معرض وطنى متنقل حول عبد الكريم الخطابي، إعطاء مضمون ملموس لمسلسل العدالة المجالية عن طريق الدفع بالبناء المؤسساتي للهياكل الجهوية وتعزيز أدوار الجماعات الترابية والسهر على انفتاحها الفعلي والجدي على الطاقات التي تشكلها النخب الجديدة من شباب ونساء المنطقة في مختلف المجالات باعتبارها الفاعل الأساسى والضامن الرئيسي لريف آخر ممكن، مع استبعاد كل من جعل من الريف ورقة للاسترزاق السياسي والتحكم ووسيلة للاغتناء غير المشروع (ملف زلزال 2004 نموذجا).
تنظيم مناظرة وطنية حول العدالة الاجتماعية والمجالية بمشاركة وطنية وازنة لكل الفاعلين ومن ضمنهم نشطاء حراك الريف من أجل بلورة خارطة طريق إستراتيجية في الموضوع، وذلك لضمان التنزيل السليم “للنموذج التنموي الجديد “وحتى لا يتكرر هذا.
وكذلك من أهم خلاصات هذه اللقاءات المشار إليها، تتابع الوثيقة “تبلور تفكير عميق حول الإسراع في إخراج برنامج مقاولتي اجتماعي (social Entreprenariat) ، ودينامية التشغيل في إطار برامج مهيكلة آخذة بعين الاعتبار مختلف الرهانات المجالية والخصوصيات المحلية والمؤشرات السوسيو- اقتصادية، وكذا طبيعة الفئات المستهدفة”.
ثم تطالب الوثيقة بفتح تحقيق حول من يصفهم سكان مدينة الحسيمة ب”مافيا العقار” الذين “يستولون نهارا جهارا على الأراضي سواء تلك التي في ملكية الدولة أو في الملكية الخاصة لبعض المواطنين من أجل تحويلها إلى شقق تدر عليهم الملايير، ناهيك عن احتلال أحدهم لأشهر شواطئ المدينة صيفا مما يتعذر معه بالنسبة للسكان الاستمتاع بمكان ولو ضيق بأجواء الشاطئ كما في السابق. والأخطر من ذلك أن التهم جاهزة في وجه كل من سولت له نفسه فضح هذا الواقع أو المضي قدما في تنوير الرأي العام بخروقاتهم وكأنهم عصابة تملك نفوذا في كل أجهزة الدولة”.
مشددة على أنه “من بين الأسباب الرئيسية التي ساهمت في اندلاع الحراك، تفشي الفساد في الحسيمة خصوصا في أوساط معينة من المنتخبين الذين يعتبرون أنفسهم فوق القانون على الرغم من الخطاب الملكي منذ 3 سنوات الذي ركز على ريط المسؤولية بالمحاسبة ولم يستثن أي شخص أو حزب. إلا أنه يبدو أن ذلك لا يهم جهات معينة لا زالت تحمي هؤلاء المفسدين وتحول دون وصول خروقاتهم إلى ملك البلاد” يضيف النشطاء.
وتتضمن الوثيقة عددا من النقاط الأخرى رؤية النشطاء حول دينامية التشغيل وتحقيق إقلاع اقتصادي واجتماعي بالمنطقة، وكذلك النهوض بالبعد الهوياتي للمنطقة ضمن التعدد الثقافي والحضاري والتاريخي لبلدنا.
نادية العلوي: الحكومة تواصل تنزيل نفس الأولويات والتشكيك في منهجية الحوار الاجتماعي هو هدر للزمن السياسي
أكدت نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية، على أن الحكومة تواصل تنزيل نفس الأولويات م…