أحمد السنوسي (بزيز)
من الحكايات المغربية المتداولة أن واحد السلطان، في غابر الأزمان، استقدم فيلا من أدغال إفريقيا إلى مدينة فاس، لكن الفيل دْسر، دسارة لا حدود لها وعاث فسادا في الأرض ودمر الحدائق والبنايات، فاستقر رأي السكان على التوجه إلى قصر سلطان ذلك الزمان، للتعبير عن استيائهم، و تقدمهم رجل تم التفويض له بالحديث باسمهم، فلما وصل الجمع إلى القصر خرج الحاكم غاضبا يسأل: مالكم مع الفيل ديالي؟ فنظر الرجل المفوض خلفه واكتشف أن أصحابه انفضوا من حوله، ضربوها بسلتة، و فروا هاربين بجلودهم وعظامهم صحاح، فما كان من الرجل إلا أن قال: لاحظنا أن السي الفيل يعيش عزلة قاتلة، ولابد أن نبحث له عن فيلة تؤنس وحدته.
من هنا جاء المثل الشعبي: “ما قدو فيل زادوه فيلة”.
حين اشتكى الشعب من سلوك القياد والقوات العمومية، والشيوخ والمقدمين وإمعانهم في تحقير بسطاء الناس إلى درجة أقدموا فيها على حرق أنفسهم، كما في حالة “أمي فتيحة” وغيرها من الضحايا المظلومين، كان على “المسؤولين” أن يتخذوا إجراءات فورية لتصحيح العبث الاستبدادي الذي يطال الفئات الهشة في المجتمع.
فجاء الجواب في شكل توظيف دفعة جديدة من القياد والمقدمين والشيوخ، تقدر بـ 2500 منصب جديد بدعوى “سد الخصاص” باش يسدو لعباد الله فامهم، و ضمان إعادة انتشار أعوان السلطة لقمع الناس في كل مكان، مما يعني أن حرائق ومحروقين جدد يلوح لهيبها في الأفق.
و لم يكلف “المسؤولون” أنفسهم عناء السؤال حول مسببات ودواعي إقدام شعب على الانتحار بشتى الوسائل والأشكال. ولعلهم يعتقدون أن الشعب يعاني من الجرعات الزائدة من “الحرية” و”الحقوق” التي يتمتع بها، وأصابه الملل من أجواء هذه الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فقرر الاحتجاج انتحارا على هذا الكرم الحاتمي في إغراق الشعب بنعم الديمقراطية وحرية التعبير.
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…