اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات الجزائرية بـ”تصعيد حملتها القمعية قبل الانتخابات ضد الاحتجاجات بتنفيذ موجات من عمليات الاعتقال التعسفي، والتفريق بالقوة للمظاهرات السلمية ضد الانتخابات الرئاسية، ومحاكمة وسجن عشرات النشطاء السلميين في الأسابيع الأخيرة”.
وحسب ما أكدته المنظمة الحقوقية، فإن موجة الاعتقالات التي تستهدف المحتجين، والمعارضين للانتخابات الرئاسية المقبلة، اشتدت، وبدأت في شهر شتنبر منذ بدأ الحملة الانتخابية في 17 نونبر.
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “منذ أن بدأت الحملة الانتخابية الرئاسية، صعدت السلطات الجزائرية من الاعتداء على حرية التعبير والتجمع – في إشارة إلى أنها ليس لديها أي تسامح مع الجزائريين الذين يدعون إلى التغيير في النظام”.
وحسب ذات المتحدثة ”فقد أظهر ملايين الجزائريين، من خلال احتجاجاتهم الأسبوعية المستمرة خلال الأشهر العشرة الماضية، أنهم يؤمنون بالاحتجاج السلمي كوسيلة جماعية للدعوة إلى إحداث التغيير. فبدلاً من الاعتداء على المحتجين السلميين – ومن بينهم أولئك الذين يعارضون الانتخابات الرئاسية – يجب أن تدعم السلطات الجزائرية حق الجزائريين في التظاهر بصورة سلمية، والتعبير عن آرائهم بحرية”.
وتضيف المنظمة أنه وفقًا لمحامي حقوق الإنسان، والرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، فقد بدأت الاعتقالات في الازدياد بشكل ملحوظ مع بدء الحملة الانتخابية، حيث اعتقل ما لا يقل عن 300 شخص في موجات من الاعتقالات في الفترة ما بين 17 و24 نونبر.
وازدادت أيضاً حدة الخطاب السلبي ضد المعارضين للانتخابات الرئاسية في الأيام الأخيرة، ففي 17 نونبر، اعتُقل على ما لا يقل عن 37 من المحتجين السلميين المعارضين للانتخابات الرئاسية خلال تجمع انتخابي نظمه علي بن فليس، وهو أحد المرشحين للرئاسة، في تلمسان، غربي الجزائر. وأدين أربعة محتجين بتهمة “التحريض على تجمهر غير مسلح”، وحكم عليهم بالسجن لمدة 18 شهراً، وحكم على 14 آخرين بالسجن لمدة شهرين مع وقف التنفيذ.
ووفقًا لما ذكرته “اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين” CNLD، اعتقل أيضاً أكثر من 150 شخصاً في الجزائر العاصمة، في 20 نونبر، وذلك خلال احتجاج ليلي معارض للانتخابات. وفي وقت لاحق، تم الإفراج عن معظمهم، لكن وجهت إلى ثمانية أشخاص تهمة “الإضرار بالأمن القومي”، و”التحريض على التجمهر غير المسلح”؛ ووُضعوا رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة؛ وفي 6 يناير، تم الإفراج عن 21 آخرين، ولكن يجب عليهم المثول أمام المحكمة مجدداً بتهم من بينها “التحريض على تجمع غير مسلح”، “والعصيان المدني”، و”الإضرار بالأمن القومي”.
وفي 17 نونبر، اعتُقل حليم فضل، بشكل تعسفي، وهو يغادر مظاهرة ضد الانتخابات في الشلف. وحليم فضل هو مدافع عن حقوق الإنسان ومؤسس الجمعية الوطنية الجزائرية لمكافحة الفساد. وهو حتى الآن رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة، فيما تعرّض معارضي الانتخابات لاعتقالات أخرى في ورقلة وبومرداس وعنّابة ومدن أخرى خلال تجمعات المرشحين للرئاسة.
وأكدت منظمة العفو الدولية أنها وثقت وقوع ثلاث حالات، على الأقل، للمعاملة السيئة للمعتقلين في الحجز، وقال محامو شمس الدين إبراهيم لعلامي، الناشط من برج بوعريريج، الذي قُبض عليه في 20 نونبر، إنهم رأوا كدمات على وجهه وذراعه، ولم يتمكن من الوقوف، مما يشير إلى أنه قد تعرض للضرب في الحجز. وهو قيد الحبس الانفرادي منذ اعتقاله في انتظار المحاكمة، ومضرب عن الطعام حالياً. وقد تعرض ناشط سياسي سلمي آخر، وهو سفيان باباسي، للضرب عند اعتقاله في 26 نونبر في بومرداس، وذلك حسب ما ذكر أحد محاميه.
وقد أصيب يونس رجال، وهو محتج اعتقل أثناء إحدى المظاهرات في وهران في نفس اليوم، بكدمات على ذراعه، وكان فاقدًا للوعي تقريبًا عندما عثر عليه أعضاء الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان في أحد أقسام الشرطة. وقال يونس رجال لمنظمة العفو الدولية إنه تعرض للضرب عند اعتقاله.
وشددت المنظمة على أن حملة اعتقالات تستهدف حركة الحراك الاحتجاجية، فمنذ شتنبر، كثفت السلطات أيضًا من عمليات الاعتقال التعسفي للمحتجين السلميين من حركة الحراك، الذين نظموا مظاهرات أسبوعية كل يوم جمعة منذ 22 فبراير. وفي 22 نونبر، تم اعتقال العشرات في جميع أنحاء البلاد. وكان من بين المحتجزين، لفترة وجيزة، قدور شويشة، عضو الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان. وفي نفس اليوم بالجزائر العاصمة، تم إلقاء القبض على ناشطين اثنين من الجمعية الوطنية للشباب RAJ في مكتبهما بعد عودتهما من الاحتجاج. ووجهت لهما تهم “الإضرار بالأمن القومي”، و “التحريض على تجمهر غير مسلح”.
وفرقت قوات الأمن بالقوة تجمع لأمهات المحتجزين من الحراك في الجزائر العاصمة في 28 نونبر، وفي 29 نونبر، اعتقل ما لا يقل عن 25 محتجاً خلال الاحتجاجات في الجزائر العاصمة. ولا يزال ثلاثة منهم على الأقل رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة.
وأضافت هبة مرايف قائلة: “إن التعبير عن معارضة الانتخابات الرئاسية الجزائرية التي تمّ تنظيمها أو توجيه انتقادات للسلطات ليس بجريمة. ويجب على السلطات الجزائرية أن تفرج فوراً، وبدون قيد أو شرط، عن كل شخص محتجز لمجرد ممارسته السلمية لحقه في حرية التعبير أو التجمع “.
وتم الحكم على ما لا يقل عن 28 من المحتجين السلميين فقط لأنهم كانوا يحملون علم المجتمع الأمازيغي، أو عثر عليه في حوزتهم؛ وفي 11 نونبر، حكم على 22 شخصًا بالسجن لمدة سنة بما يتضمّن وقف التنفيذ لمدة ستة أشهر ودفع غرامة قدرها 30000 دينار جزائري، وفي 12 نونبر، حكم على ستة أشخاص آخرين بالسجن لمدة عام، بما فيها ستة أشهر مع وقف التنفيذ، ويزمعون استئناف الأحكام.
واختتمت هبة مرايف قائلة: “إن استخدام أحكام السجن لمعاقبة المتظاهرين لمجرد وجود علم في حوزتهم أمر مشين، وينتهك التزامات الجزائر بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. فهذه الأحكام القاسية إنما هي مؤشر خطير على عدم تسامح السلطات الجزائرية مع المعارضة السلمية”.
وحسب ذات المتحدثة، فبالإضافة إلى “استهداف المحتجين السلميين، فقد كثفت السلطات الجزائرية أيضاً من عمليات مضايقة الصحفيين- حيث تم اعتقال خمسة صحفيين، على الأقل، منذ 28 نونبر في الجزائر العاصمة”، وأُطلق سراح أربعة منهم بعد ساعات قليلة من اعتقالهم؛ وقال أحد الصحفيين لمنظمة العفو الدولية إنه تمت مصادرة معداتهم، وهددوا بتوجيه تهم إليهم “بإهانة” موظفين عموميين، ما لم يوافقوا على توقيع تقرير الاستجواب.
نادية العلوي: الحكومة تواصل تنزيل نفس الأولويات والتشكيك في منهجية الحوار الاجتماعي هو هدر للزمن السياسي
أكدت نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية، على أن الحكومة تواصل تنزيل نفس الأولويات م…