خلّف حادث محاولة اقتحام الآلاف من المهاجرين غير القانونين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، للسياج الحدودي مع مدينة مليلية، الجمعة الماضي، والذي أسفر عن 23 قتيلا ومئات الجرحى من جانب المهاجرين والقوات العمومية المغربية، استنكاراً واضحاً من جهات رسمية أفريقية وأيضاً من جمعيات حقوقية التي طالبت بفتح تحقيق عاجل في الواقعة، فيما حمّل مجموعة من سفراء ومسؤولين لدول إفريقية عديدة المسؤولية فيما جرى لشبكات تهريب البشر التي تستغلّ معاناة هؤلاء المهاجرين.

إلا أن بعض الهيئات كان لها رأي اخر، حيث استنكر رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، التشادي موسى فقي محمد، مساء أمس الأحد، ما وصفها بـ “المعاملة العنيفة والمهينة للمهاجرين الأفارقة” خلال محاولة اقتحام جماعية، وطالب بفتح تحقيق في هذه المأساة.

وغرّد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي على “تويتر” قائلاً: “أعبر عن مشاعري العميقة وقلقي في وجه المعاملة العنيفة والمهينة للمهاجرين الأفارقة الذين كانوا يحاولون عبور حدود دولية بين المغرب وإسبانيا”.

وأضاف “أدعو إلى إجراء تحقيق فوري في هذه القضية وأذكر جميع الدول بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، معاملة جميع المهاجرين بكرامة ووضع سلامتهم وحقوقهم الإنسانية في المقام الأول، مع الحد من أيّ استخدام مفرط للقوة”.

وفي نفس السياق أشارت 49 منظمة حقوقية إفريقية ودولية في بلاغ مشترك توصل “الأول” بنسخة منه، إلى أن “الأحداث المأساوية ليوم 24 يونيو 2022 على الحدود بين الناضور ومليلية بالمغرب، تُذكر، بنحو عنيف، بفشل سياسات الهجرة الأمنية”.

وقالت المنظمات إن عدد القتلى بلغ 27، بالإضافة إلى مئات الجرحى من جانب المهاجرين، وكذا من جانب القوات النظامية المغربية، متهمةً في ماوقع، “السياسة الأوربية القائمة على إسناد حدود الاتحاد الأوربي للخارج، بتواطؤ بلد من الجنوب، المغرب”.

وقالت المنظمات في بلاغها إن “موت هؤلاء الشباب الأفارقة على حدود “القلعة الأوربية” يحذر بشأن الطبيعة القاتلة للتعاون الأمني في مجال الهجرة بين المغرب وإسبانيا”.

وكشف بلاغ المنظمات، أنه “جرى إعلان مقدمات مأساة يوم الجمعة 24 يونيو هذه مند عدة أسابيع. فحملات الاعتقالات، وتمشيط المخيمات، وعمليات التنقيل القسري المستهدِفة للأشخاص المهاجرين في الناضور ونواحيها كانت إيذانا بهذه المأساة المكتوبة مسبقا. كانت العاقبة المباشرة لاستئناف التعاون الأمني في مضمار الهجرات بين المغرب وإسبانيا، في مارس 2022، تكاثر العمليات المنسقة بين البلدين”.

وتابع البلاغ أن “هذه الاجراءات مطبوعة بخروقات للحقوق الإنسانية للأشخاص المهاجرين في الشمال (الناضور، تطوان، طنجة) وكذا في الجنوب (العيون، الداخلة). إن مأساة هذا اليوم المفجع عاقبة لضغط مُنَفَّذ بخطة ضد الأشخاص اللاجئين”.

وعبرت المنظمات الـ49 الموقعة على البلاغ عن تعازيها الحارة لأسر الضحايا، ضمن المهاجرين، كما في صفوف القوات النظامية المغربية.

وأدانت، “غياب التكفل السريع بالمهاجرين الجرحى، والذي أدى إلى تضخيم هذه الحصيلة”، وطالبت بـ”تكفل صحي ملائم وجيد بكل الأشخاص قيد الاستشفاء عقب هذه المأساة”.

وطالبت التنظيمات الحقوقية بـ”فتح فوري لتحقيق قضائي مستقل من الجانب المغربي، وكذا الاسباني، وأيضا على صعيد دولي لكشف كامل الحقيقة بشأن هذه المأساة الإنسانية”.

وفي سياق ردود الأفعال التي خلفها الحادث، خرج مجموعة من سفراء دول إفريقيا في الرباط، يشيدون بالسياسة التي يعتمدها المغرب في مجال الهجرة والتعامل مع المهاجرين مؤكدين على  استعدادهم التام للتعاون مع السلطات المغربية في هذا الصدد.

وقال عميد السلك الدبلوماسي الإفريقي وسفير الكاميرون بالمغرب، محمدو يوسفو، إن المجموعة الإفريقية “تثمن عاليا” مبادرة الملك محمد السادس لفائدة المهاجرين بالمغرب، مذكرا بمبادرة تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين، التي تم إطلاقها سنة 2013، بفضل التفاتة كريمة من جلالة الملك لفائدة المهاجرين في وضعية غير قانونية بالمملكة.

وأكد يوسفو، في تصريح للصحافة عقب لقاء حول قضية الهجرة جمع مسؤولين بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ووزارة الداخلية بالسفراء وممثلي السلك الدبلوماسي الأفارقة المعتمدين بالمغرب، أن “هذه السياسة التي ينتهجها المغرب في مجال الهجرة هي كانت وراء تعيين الاتحاد الإفريقي الملك رائدا في مجال الهجرة بإفريقيا”.

وبعد أن شجب الاقتحام الذي أقدم عليه مهاجرون غير قانونيين على مستوى الناظور، أكد يوسفو أن الدبلوماسيين الأفارقة يقفون، كما كان عليه الحال في الماضي، إلى جانب السلطات المغربية لوضع حد لهذا الوضع.

وتابع قائلا “نحن نقف، كما في الماضي، إلى جانب السلطات المغربية لوضع حد لهذا الوضع الذي لا يشرف بلداننا ولا يشرف إفريقيا بشكل عام”.

وأضاف “نحن مستعدون لمواكبة صاحب الجلالة الملك محمد السادس لإيجاد حل دائم لقضية الهجرة”، مضيفا أن السلك الدبلوماسي الإفريقي “على استعداد للعمل مع المغرب بغية تنسيق الجهود مع البلدان الإفريقية”.

من جهته، أشاد سفير جمهورية تشاد بالمغرب، محمد عبد الرسول، بالسياسة التي ينتهجها الملك محمد السادس في مجال الهجرة، مذكرا بأن الملك أصدر تعليماته باحتضان جميع الأجانب والمهاجرين الذين يعملون ويدرسون ويعيشون بالمغرب.

وأكد قائلا “نعيش بالمغرب وندرك كيف ينفذ الأشقاء المغاربة سياستهم تجاه طلبتنا ومهاجريننا وعمالنا في المملكة”، مذكرا بأن الاتحاد الإفريقي كلف الملك محمد السادس بتدبير ملف الهجرة “الهام والحساس للغاية”.

كما أكد السيفر التشادي عزم بلاده على مساعدة المغرب في تنزيل الرؤية الملكية الهادفة إلى جعل التعاون جنوب-جنوب أساس الوحدة الإفريقية.

وفي السياق نفسه، أبرز سفير جمهورية الغابون بالرباط، سيلفر أبو بكر مينكو-مي-نسيم ، أن بلاده تنوه بالسياسة التي تنهجها الحكومة المغربية تحت القيادة المتبصرة للملك محمد السادس.

وأكد قائلا “نعمل مع السلطات المغربية ليتم تحسيس مواطنينا بأن المغرب لا يقوم سوى بحماية أراضيه، وبأن التشجيع على الهجرة غير القانونية أمر غير ممكن”.

بدوره، أشاد سفير مالي بالرباط، محمد محمود بن لباط، عاليا، بالسياسة التي يعتمدها المغرب في مجال الهجرة تحت القيادة الحكيمة للملك محمد السادس.

أما الوزير المستشار، القائم بالأعمال بسفارة اتحاد جزر القمر بالرباط، حسني محمد عبدو، فقد أكد أن “صاحب الجلالة الملك محمد السادس يعمل من أجل استدامة سياسة الانفتاح للمملكة وجعل المغرب أرض استقبال”، مشيرا إلى أن عددا مهما من المواطنين المنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء يدرسون ويعملون ويقيمون بالمملكة المغربية.

وخلص محمد عبدو إلى القول “نحن مستعدون للتعاون مع السلطات المغربية”، مجددا دعم بلاده للسياسة التي يتم نهجها تحت قيادة الملك محمد السادس في مجال الهجرة، والتي تحظى بإشادة وتأييد كبيرين.

 

التعليقات على ردود متباينة عقب حادث مليلية المميت.. رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي و49 منظمة حقوقية يطالبون بفتح تحقيق مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

يوسف معماه: ولوج مجموعة “CMP GROUP” إلى البورصة سيساهم في تطورنا ونمو قدراتنا الصناعية