يواصل موقع “الأول” نشر شذرات من “مذكرات مستشار للوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي دروس من تجربة التناوب وما بعدها”، الصادرة حديثا عن كاتبها المحامي والحقوقي والأستاذ الجامعي عبد العزيز النويضي، الذي عاصر مهندس تجربة “التناوب التوافقي” في المغرب بين 1998 و2002، وظل على احتكاك به حتى بعد اعتزاله السياسة وصومه عن الكلام إلى أن فارق الحياة.
في هذه الحلقة نسلط الضوء على ملابسات قرار منع ثلاث جرائد من الصدور عام 2000، أي خلال عهد حكومة عبد الرحمان اليوسفي. ويتعلق الأمر بـ”لوجورنال”، “الصحيفة” و”دومان”. يحكي النويضي في مذكراته أنه كان برفقة الوزير الأول في مكتبه، وصادف ذلك يوم جمعة عندما زاره مستشار الملك محمد السادس أندري أزولاي، الذي كان مكلفا بملف الإعلام حينها كما يظهر، يرجح النويضي، مضيفا: “فهمتُ أنه جاء ليحدثه في أمر خاص فاستأذنتهما بالانصراف”.
في اليوم الموالي أعلن عن توقيف الصحف الثلاث دفعة واحدة، يتابع النويضي: “وحيث إنني أعرف صبر اليوسفي، لذلك أرجح أن يكون قرار المنع قد بلغ إليه من طرف أزولاي، ولا أتصور أنه صاحب المبادرة وإن كان قد استاء كثيرا من الرسالة المنسوبة للفقيه البصري التي نشرتها “لوجورنال” والتي كانت تشير إلى وجود نوع من التواطؤ بين الاتحاد والانقلابيين سنة 1972. وربما اعتبر اليوسفي أنها تدخل في إطار محاولة نسف بناء الثقة مع المؤسسة الملكية التي كان اليوسفي يحرص عليها أشد الحرص”.
وأشار النويضي، محيلا على كتاب محمد الطايع “عبد الرحمان اليوسفي والتناوب الديمقراطي المجهض”، إلى أن الحوار الذي دار بين اليوسفي والفقيه البصري يبرز درجة الاستياء الذي كان عليه اليوسفي بعد اطلاعه على عدد “لوجورنال” الذي نشر الرسالة، غير أنه في غمرة الانتقادات التي طالته جراء إشهاره الورقة الحمراء في وجه تلك التجارب الصحافية المثيرة للجدل؛ تلقى رسالة ملكية تشيد به وردت فيها عبارة غير معهودة.
يروي النويضي: “كان القرار صادما وفاجأنا جميعا. كنتُ متألما جدا فالقرار لا يمكن إلا أن يسئ لسجل المغرب وسجل اليوسفي وإلى جانب ذلك كان مسؤولو الجرائد وصحافيوها ومن بينهم بوبكر الجامعي أصدقاء، ومن أكثر الناس الذين يحظون بتقديري ومودتي”، متابعا: “انهالت الانتقادات على اليوسفي من كل حدب وصوب. وفي تلك الفترة وردت عليه رسالة ملكية كان من اللافت تضمينها عبارة غير معهودة في التواصل بين الملك والوزير الأول ألا وهي: “إلى الوزير الأول السيد عبد الرحمان اليوسفي الذي نحبه ونحترمه”.
ويستطرد مستشار اليوسفي في حقوق الإنسان: “دخلتُ في الصباح الموالي إلى مكتبه وقلت للسي عبد الرحمان: “لا شك أن لغة هذه الرسالة تبعث فيك السرور، فأجابني بنبرة لا تخلو من حزن: “نعم، لكنني فقدت الكثير من الأصدقاء”.
في تفسيره لما حدث، يرى النويضي أن “اليوسفي كان يجد نفسه مضطرا لاتخاذ بعض القرارات المناقضة لاختياراته وقناعاته”، موضحا أنه “كما حصل في عدد من الحالات، كان يجد نفسه في مواقف صعبة جدا. فمن أجل الإصلاح يجب بناء الثقة، وهو ما يحمله على التضحية أحيانا بما يرغب فيه في سبيل بناء تلك الثقة، لأنه يعتقد أنها هي التي ستسمح له باستمرار الإصلاحات على مدى أطول في غياب موازين قوى تسهل عملية الإصلاح”، ذاهبا إلى القول: “لقد كان اليوسفي مثل أبطال التراجيديا اليونانية الذين يدفعون أحيانا إلى مصير لم يرغبوا فيه أبدا”.
ويشدد النويضي في ختام حديثه عن هذه الحادثة الملازمة لتاريخ الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن “ولاء اليوسفي كان تماما للمصلحة العليا للوطن كما قدرها”، مكملا: “قد يكون تقديره خاطئا في نظر من لا يشاطره الرأي. ولكني أشهد أنه عمل بإخلاص ونزاهة. ويعلم الكثيرون أنه تجرع مرارا مواقف قاسية من أطراف عديدة”.
بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين
قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…