في سياق تفجر بؤرة مهنية لفيروس “كورونا” في صفوف عاملات بوحدات إنتاج الفراولة بمنطقة “لالة ميمونة” التابعة لإقليم القنيطرة، يكشف الخبير في القانون الاقتصادي والاجتماعي، جواد بنعيسي، في حوار من جزأين مع موقع “الأول” واقع هذه الفئة من العاملات التي أزّمت “كورونا” وضعيتها، وذلك على ضوء دراسة ميدانية أعدها قبل ثلاث سنوات.

* أنجزت قبل ثلاث سنوات دراسة حول ملف عاملات الفراولة، حدثنا بداية عن هذا العمل؟

• الدراسة موضوع هذا السؤال، أنجزتها سنة 2017 لصالح المنظمة الدولية “أوكسفام” التي تشتغل على هذا الملف منذ أزيد من 10 سنوات. تطلب إعدادها عدة أشهر، وقد قمت خلالها بزيارات ميدانية متتالية إلى منطقة الغرب، مولاي بوسلهام والعرائش، حيث التقيت بالعاملات وجمعيات المجتمع المدني والمنتجين.

* طيب، هل من معطيات إحصائية حول إجمالي عدد العاملات الموسميات في المغرب وتفاصيل أعمارهن وتوزيعهن الجغرافي؟

ليست هناك أي أرقام رسمية بخصوص عددهن، وحتى الأرقام التقريبية الموجودة صادرة فقط عن جمعيات المجتمع المدني. هذا الأمر يعد من بين أبرز المشاكل المطروحة على هذا المستوى.

* إلى ماذا تعزي غياب إحصائيات؟

لسبب بسيط وهو أن هؤلاء العاملات الموسميات يشتغلن بدون عقود عمل ولا يتم التصريح بهن لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. يشتغلن في “النوار” لفترة معينة فقط.

* ما هي أبرز القطاعات التي تشتغل فيها هذه الفئة بالمغرب؟

• هناك قطاعين اثنين أساسيين: الفلاحة والسياحة. لكن قد يحدث ارتفاع مفاجئ بالنسبة للعديد من الأنشطة الاقتصادية الأخرى مثل الصناعة، فيكون الطلب على اليد العاملة مرتفعا، لذلك يلجأ أرباب هذه المقاولات إلى تشغيل مزيد من العمال. هنا لا نتحدث عن عمال موسميين وإنما مؤقتين.

* بالعودة إلى الفئة المستهدفة في دراستك، كم يبلغ عددها؟

• المعطيات التي رصدتها قبل ثلاث سنوات تشير إلى أن عددهن يقدر بـ20 ألف سيدة تمتهن جني الفواكه الحمراء بمنطقة الغرب وسيدي بوسلهام والعرائش، 9000 سيدة تشتغل في الضيعات التي يمكن أن تكون حقولا شاسعة، و11 ألف تعمل في محطات التصبير والتجميد.

الملاحظ أنه في هذه المنطقة لوحدها نتحدث عن 20 ألف عاملة وهو رقم مرتفع، وقد يكون بعد توالي السنوات قد ارتفع.

* ماذا عن الفئات العمرية؟

• هناك معطى صادم بخصوص الفئات العمرية، إذ يتم تشغيل فتيات قاصرات، لا يتجاوز سنهن 10 سنوات يتحدرن من الدواوير والقرى.

وهنا يحضر عامل ثقافي مثير، يتمثل في أنه حينما ترزق أسرة معينة بمولود جديد تحتفي بالمناسبة إذا كانت أنثى، في حين عندما يكون الوافد الجديد ذكرا لا تستبشر به خيرا. بل حتى الجيران عندما يباركون لهذه العائلة “الزيادة” إذا كانت أنثى، يستعملون عبارة سائدة وهي “مبروك الكانزة”. أي الأجر الذي ستتقاضاه عندما ستكبر وتشتغل في ضيعات جني الفواكه الحمراء.

* إذن كل مولودة أنثى، هي مشروع عاملة “فريز”؟

• أجل. ففتيات المنطقة منذ نعومة أظافرهن يُسقن إلى حقول جني الفواكه الحمراء. في كل أسرة نجد أن سيدتين على الأقل هما المعيلتان، رغم وجود ذكور.

* يبدو أن العائلات هي المستفيد الأول والأخير من الوضع!

صحيح، ومن تجليات ذلك أن العاملات لا يتصرفن في أجرهن الزهيد الذي تعبن من أجل تحصيله في ظل ظروف قاهرة.

في هذا السياق، يوجد عامل سوسيو ثقافي يؤزم وضع النساء العاملات، يتمثل في موقف عائلاتهن الرافض تماما لأي حملات تقوم بها منظمات المجتمع المدني وتبتغي تحسيس وتوعية هؤلاء العاملات بحقوقهن، حتى أن بعض الفعاليات النسوية في إحدى المرات تعرضت للعنف بينما كانت تجوب الدواوير في إطار مبادرة تحسيسية.

العائلات تفكر بمنطق ربحي محض، وترى بأن مصدر رزقها مهدد، لذلك ترفض أن يتم استهداف بناتها بحملات تحسيسية حول حقوقهن.

التعليقات على عاملات الفراولة بمنطقة الغرب.. عندما تتحول كل مولودة أنثى إلى مشروع “كانزا” (حوار) مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين

قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…