كلما خرج من مرحلة “بلوكاج” إلا ودخل أخرى، هكذا طُبع مسار مشروع القانون رقم 10.16، المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، الأمر الذي أوحى إلى عدد من الفاعلين السياسيين بالقول في تصريحات متفرقة لـ”الأول” إنه بات في حكم المؤكد أن هذا النص التشريعي لن يخرج إلى حيز الوجود خلال الولاية التشريعية الحالية، بينما لم يستبعد آخرون إعادة سيناريو 2016، عندما طالبت بعض الأحزاب السياسية آنذاك بتأجيل مناقشته لتزامن ذلك مع الانتخابات التشريعية.
وفي الوقت الذي كان فيه مشروع القانون الجنائي ماض، قبل أسابيع، في مساره التشريعي رغم الصدامات المثارة بين الفينة والأخرى هنا أو هناك بسبب بعض فصوله سيما ما يرتبط منها بمحاربة الفساد والحريات الفردية؛ أقدم حزب العدالة والتنمية على خطوة أعادت الأمور إلى الصفر، حيث سحب التعديل المشترك رقم 31 الذي كان قد اقترحه مع باقي فرق الأغلبية بشأن الفصل 8-256 الذي ينص على الإثراء غير مشروع.
وينص الفصل 8-256 من مشروع القانون الجنائي الذي تقدمت به الحكومة على أنه “يعد مرتكبا لجريمة الإثراء غير المشروع، ويعاقب بغرامة من 100 ألف إلى مليون درهم كل شخص ملزم بالتصريح الإجباري بالممتلكات طبقا للتشريع الجاري به العمل ثبت بعد توليه للوظيفة أو المهمة أن ذمته المالية، أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح عرفت زيادة كبيرة وغير مبررة انطلاقا من التصريح الذي أودعه المعني بالأمر بعد صدور هذا القانون، مقارنة مع مصادر دخله المشروعة، ولم يظل بما يثبت المصدر المشروع لتلك الزيادة”.
“علاوة على ذلك يجب في حالة الحكم بالإدانة، الحكم بمصادرة الأموال غير المبررة طبقا للفصل 42 من نفس القانون، والتصريح بعدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف أو المهام العمومية طبقا للفصل 86 من القانون ذاته”.
تراجع فريق “المصباح” بالغرفة الأولى للبرلمان عن التعديل المشترك الذي تقدم به بمعية باقي الفرق البرلمانية المشكلة للائتلاف الحكومي بشأن الإثراء غير المشروع، اعتبرها “صقور البيجيدي” خطوة إيجابية تدارك عبرها الحزب، متأخرا، حجم الخطأ الذي وقع فيه وانتبه إلى الكلفة السياسية التي كان سيدفع ثمنها، سيما وأن الانتخابات باتت على الأبواب، بموافقته على تعديلات أفرغت تجريم الإثراء غير المشروع من مضمونه.
في المقابل، جلب ذلك للحزب القائد للحكومة انتقادات لاذعة من لدن أحزاب المعارضة، التي وجدت في الموضوع مناسبة لجلد الأغلبية والتقليل من مستوى تماسكها، فضلا عن توجيه اتهامات لبعض مكوناتها.
في هذا الصدد، يقول رشيد حموني، النائب البرلماني عن المجوعة النيابية للتقدم والاشتراكية، تعليقا على “البلوكاج” الذي يعرفه مشروع القانون المذكور، إنه مؤشر واضح على غياب الانسجام بين مكونات أغلبية سعد الدين العثماني.
وسجل حموني، متحدثا لموقع “الأول”، أسفه إزاء مراوحة مشروع القانون مكانه في رفوف المؤسسة التشريعية منذ حكومة عبد الإله بنكيران، دون أن يحصل أي تقدم ملموس ودال في مساره التشريعي.
المتحدث المصطف في صفوف المعارضة، يرى في خطوة “البيجيدي” الأخيرة “شعبوية ومزايدات فارغة” حسب توصيفه، مبرزا أن النقاش الذي رافق النص التشريعي سالف الذكر هو مخاوف من أن يتحول الفصل المتعلق بالإثراء غير المشروع إلى سوط على بعض السياسيين أو المسؤولين المطالبين بالتصريح بممتلكاتهم، وأن يصبح أداة لتصفية الحسابات.
بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين
قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…