لم يكن يدور في خلد (س د) والدة الطفلة القاصر (ج أ)، ضحية جريمة هتك عرض من قِبل مواطن خليجي كويتي الجنسية، (ع م س) بمراكش، أن اصطحاب ابنتها بمعيتها في زيارة عائلية لأقاربها بالمدينة الحمراء صيف العام الفارط، سينقلب وبالا عليها وستصبح بفعل ذلك حديث العام والخاص، ووسط فضيحة تشابكت فيها خيوط السياسة بالقضاء والمال والنفوذ.

لم ينصفها القدر كما لم تنصفها عدالة بلدها. ولجت، مُكرَهة، عالم الدعارة والفساد بعدما غرر بها “بيدوفيل” كويتي وهتك عرضها، وحينما اعتُقل وأصبح بين يدي القضاء المغربي، استغل والده ومحاميه “سذاجة” عائلتها فأجبروا والدتها على تقديم تنازل يوقف متابعته في حالة اعتقال ويصون “الشرف”.. وكذلك كان. حاز المتهم أواخر يناير المنصرم، حكما يقضي بمتابعته في حالة سراح بموجب ضمانة بقيمة 3 مليون سنتيم، ففرّ ساعات بعد ذلك بجرمه خارج المملكة المغربية، تحت حماية سفارة بلاده بالرباط، تاركا وراءه طفلة بندوب تجربة مريرة ستلازمها طوال حياتها.

“سناب شات”.. أصل الحكاية

تفاصيل هذا الملف الذي هزَّ الرأي العام الوطني، تعود إلى إحدى أيام الحر القائظة من شهر يوليوز عام 2009، عندما كانت الأم وابنتها (ج أ) على موعد مع زيارة عائلية بمدينة مراكش، غير أن الفتاة القاصر التي لا يتجاوز سنها 14 عاما، برمجت، تزامنا مع هذه الزيارة، لقاء مع شاب كويتي (ع م س) من مواليد عام 1996 ويشتغل موظفا، كانت قد تعرفت عليه في وقت سابق عبر تطبيق التواصل الاجتماعي “سناب شات”.

حسب إفادة (ج أ) أمام الشرطة، فبتاريخ 22 يوليوز 2019 تلقت اتصالا من (ع م س) طالبا منها مرافقته للقيام بجولة وسط المدينة. لدى وصولهما إلى إقامة سكنية بممر النخيل، أوقف سيارته وطلب منها الانتقال إلى صندوق سيارته، وهو ما أدعنت له دون رفض، ثم توجه بها، وفق روايتها دائما، إلى إحدى الفيلات حيث اختلى بها بإحدى الغرف وشرع في تحسس مفاتنها، غير أنها رفضت الانصياع لنزوته فعرّضها للعنف وأمسكها من شعرها ثم شلّ حركتها ومارس عليها الجنس رغما عنها، ما أسفر عن إصابتها بنزيف حاد، فسلمها المشتكى به مبلغ 2500 درهم، ورافقها إلى أن استقلت سيارة أجرة.

من ضحية إلى متشردة ثم عاملة جنس

بعد واقعة الاغتصاب الذي تعرضت له، لم تعد الفتاة القاصر إلى منزل أبويها، خوفا من رد فعلهما عندما سيكتشفان أنها لم تعد “بكرا”. وتجنبا لذلك، توجّهت صوب مدينة أكادير، وهناك ولجت عالم الفساد وامتهنت الدعارة، لتؤمن مصاريف عيشها.

وبتاريخ 25 يوليوز، أي ثلاثة أيام بعد الواقعة، أبلغت والدة الضحية السلطات الأمنية بموضوع اختفاء ابنتها، ففتحت الشرطة تحقيقاتها في الإبان، غير أنها لم تصل إلى أية نتيجة.

خمسة أشهر عقب ذلك، عادت الفتاة القاصر إلى عائلتها وباحت لوالدتها، دون سواها، بالسبب الحقيقي وراء تغيبها. فجمعت الأم خيوط حكاية صبيتها وقررت التوجه برفقتها إلى الوكيل العام للملك لدى استنئنافية مراكش، لتضع شكاية حول ادعاءات ابنتها.

موازاة مع البحث الذي كانت الشرطة تباشره، صادف بتاريخ 10 دحنبر 2019، أن التقت (ج أ) بـ( ع م س) عندما كانت تتجول بأطراف أحد الأسواق التجارية الكبرى وسط “المدينة الحمراء”، فطلبت منه إصلاح ما أفسده، لكنه استعان مجددا بأمواله لطي هذه الصفحة ونسيان ما وقع، ثم غادر إلى حال سبيله فلحقت به ووثقت صورة بهاتفها تظهره وهو يمتطي سيارته.

وفي إطار مواصلة تحرياتها، انتقلت عناصر الضابطة القضائية تحت إرشادات الفتاة القاصر إلى مسرح الجريمة المفترض، أي مجمع “البهجة” بممر النخيل، فتم إلقاء القبض على المشتكى به داخل إحدى الشقق التي يكتريها، وتمت إحالته على التحقيق.

اعتراف بممارسة الدعارة

خلافا لما جاء على لسان المشتكية، فإن (ع م س) يقول في تصريحاته أمام عناصر الشرطة، إنه سبق أن تعرف على (ج أ) بأحد النوادي الليلية الشهيرة بعاصمة النخيل، خلال شهر مارس من سنة 2019، ولم يكن يعلم سنها الحقيقي، كما أنه كان يجهل أنها قاصر، بل وقدمها للمحقيقن على أساس أنها باغية.

يقول المتهم إنه بحضوره إلى المغرب في الـ05 يوليوز 2019، اتصل بالمشتكية وحدد معها موعدا بمقر سكنه بـ”إقامة النخيل” من أجل ممارسة الجنس معها، فاتفقا على مبلغ 3500 درهم كمقابل مادي لذلك، لافتا إلى أنها لحقت به على متن سيارة أجرة في تمام الساعة الخامسة أو السادسة صباحا فأدخلها معه إلى الشقة وهناك اختلى بها بغرفته إلى أن قضى وتره منها، ثم سلمها مبلغا ماليا بقيمة 3600 درهم.

وبعدما توجهت المشتكية إلى المرحاض، يتابع المتهم، لحق بها فشاهد نقط دم على الأرض وعلى مستوى منطقتها الحميمية، فأكدت له أنها حائض، ثم غادرت إلى حال سبيلها عبر سيارة أجرة وبحوزتها المبلغ المتفق عليه.

وخلال استنطاقه، حاول المتهم تبرئة ذمته، موردا أن فحوى الشكاية لا أساس له من الصحة، وإنما كذب وافتراء في حقه، مقدما دليلا على صدق روايته، شريط فيديو التقطه أثناء تواجده والمشتكية وهي ترقص في حضرته على نغمات موسيقى خليجية، كما أشار إلى أنه كان يتلقى اتصالات من طرف المشتكية وشقيقتها يبتزانه ويساومانه مقابل عدم جرجرته أمام المحاكم.

هتك العرض قائم ونفي المتهم مجرد تملص من العقوبة

الملاحظ أن تصريحات المتهم لم تقنع المحقق الذي أشرف على التحريات في هذه القضية، إذ استنتج من خلال البحث الذي أجراه أن جناية استدراج قاصر وهتك عرض نتج عنه افتضاض البكارة، تبقى قائمة في حق المشتكى به، قناعته في ذلك تصريحات المشتكية القاصر خلال جميع أطوار البحث، علاوة على الاعترافات الصريحة والضمنية التي أدلى بها المشتكى به.

الأكثر من ذلك، يشدد الضابط في تقريره الإجمالي حول الملف الذي رفعه إلى الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، على أن نفي المتهم جريمة افتضاض بكارة المشتكية، ليس سوى خطة للتملص من العقوبة المستجوبة لفعله الجرمي والتي قد تصل إلى 30 سنة.

مفاوضات للحفاظ على الشرف

لم يتمكن موقع “الأول” من التواصل مع والدة الضحية (س د)، حيث ظل رقم هاتفها يرن دون مجيب، لكننا نحوز مقطعا صوتيا تقول فيه إن والد الجاني ومحاميه عقدا معها لقاء بغية التفاوض معها ومن ثمة التوصل لصيغة تمكن من لملمة هذه الفضيحة، فعرضا عليها المال مقابل التنازل عن متابعته، غير أنها رفضت، بينما اقترحت بالمقابل أن يتزوج بطفلتها القاصر لـ”تستر” عرضها.

والد المتهم ومحاميه تظاهرا بقبول عرضها، لكنهما اشترطا عليها أولا تقديم تنازل يوقف سريان اعتقاله، فقبلت الأم بذلك، وهو ما خوّل للكويتي المتابعة في حالة سراح بموجب كفالة قدرها 3 مليون سنتيم.

إفلات من العدالة المغربية

بتاريخ 29 يناير الماضي، أصبح المتهم الكويتي خارج أسوار السجن، ليغادر المغرب هاربا من عدالته بعد ساعات من معانقته الحرية، لأن السلطة القضائية، في خطوة مريبة، لم تُفعل إجراءات سحب جواز سفره كما لم تأمر بإغلاق الحدود في وجهه. وهو الخبر الذي نزل كالصاعقة على دفاع الضحية وبعض الحقوقيين الذين يؤازرونها، عندما علموا به خلال جلسة محاكمته غيابيا أول أمس الثلاثاء 11 فبراير الجاري باستئنافية مراكش.

التعليقات على من ضحية هتك العرض إلى “عاملة جنس”.. “الأول” يعيد تركيب قصة الفتاة القاصر متهِمةُ البيدوفيل الكويتي الهارب من العدالة المغربية بالاغتصاب مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين

قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…