أماطت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحياة، اللثام عن ما أسمتها مظاهر الفساد والاختلاسات بملايير الدراهم في قطاع الصحة، خصوصا في صفقات شراء الأدوية أو اللقاحات أو التجهيزات والمستلزمات الطبية.
وأكدت الشبكة في تقرير لها، أن الفساد المتفشي في قطاع الصحة هو “سبب التردي والانهيار المستمر للوضع الصحي ببلادنا، وهو المتسبب في ارتفاع معدل الوفيات وإفراغ البلد من كفاءاته الطبية التي تهاجر نحو أوروبا”، موردة ضمن تقرير مفصل لها، توصل “الأول” بنسخة منه، أن “انتشار الفساد هو انعكاس لثقافة سلبية منتشرة في البيئة التي يخدمها القطاع الصحي على مستوى المسؤوليات، وتكرسها الممارسات السياسية وتتستر على فضائحها، إلى درجة أن القطاع الصحي الوطني أصبح بقرة حلوب وفضاء للاغتناء اللا مشروع على حساب صحة وحياة المواطنين المرضى.”
أمثلة عن ذلك، ساق تقرير الشبكة ما وصفها بـ”فضيحة” مستشفى تمارة الذي لم تفتح أبوابه بعد عشر سنوات من تدشينه في حين بلغت كلفته أربع مرات ما كان مخصصا له من ميزانية للبناء والتشييد”، فضلا عن فضيحة الصفقة الإطار للقاحات التي كلفت ميزانية ضخمة للوزارة وطوي الملف، مرورا بفضيحة أكبر مستشفى متنقل، الذي كلف ميزانية وزارة الصحة 10 ملايير، وهو الآن في مرأب وزارة الصحة، “يعشعش” فيه العنكبوت، ولا يفيد ساكنة المناطق المحاصرة بالثلوج والبرد في شيء ، بجانب 70 سيارة إسعاف بـ340 مليون للواحدة تستعمل فقط في تغطية المهرجانات الكبرى”.
كما كشفت الهيئة الحقوقية ذاتها، في جردها لأمثلة عن الفساد في هذا القطاع الحيوي، “صفقة الأجهزة الطبية القديمة أو “أجهزة الخردة ” التي تم شراؤها من طرف المديرية الجهوية لطنجة –تطوان- الحسيمة على أساس أنها أجهزة طبية جديدة، وتسلمت الشركة مستحقاتها كاملة في صفقة مدوية في عهد الوزير الوردي، وجنت أرباحا كبيرة غير مشروعة في تسليمها لأجهزة قديمة، ولازال الملف يراوح مكانه حيث يقبع اليوم في رفوف المفتشية العامة لوزارة الصحة”.
وأشار التقرير أيضا، إلى ظاهرة التزوير والتدليس والغش والارتشاء في صفقات الأدوية المنتهية الصلاحية أو الأجهزة الطبية والمستلزمات الطبية القديمة التي يتم إعادة تنظيفها وصباعتها وتقديمها على أنها أجهزة جديدة لشركات كبرى عالمية وبموصفات تقنية وتكنولوجية متقدمة، مؤكدة أنها لا تتوقف عند حدود جهة طنجة تطوان الحسيمة، بل مست عدة جهات صحية ومراكز استشفائية”.
وتحدث التقرير المذكور عن صفقات خدمات الصيانة والنظافة والحراسة أو التغذية الخاصة بالمرضى، محيلا إلى ما يقع بمستشفى الأطفال والولادة بالرباط، حيث “يقدم تغذية سيئة جدا للأطفال المرضى المقيمين بالمستشفى وهم في حاجة ماسة لتغدية سليمة ومقوية وهي التي تمثل طبيا نصف علاجهم وأغليهم فقراء، يتم التلاعب بغدائهم وتجويعهم ونقل المواد إلى المنازل”، ناهيك عن “استخلاص أموال ورسوم الخدمات الصحية من المرضى المصابين بداء السل دون وجه حق، كما يقع بمستشفى مولاي يوسف بالرباط للأمراض الصدرية رغم ان علاج داء السل مجاني تتحمل نفقاته وزارة الصحة وبدعم مالي سنوي للمنظمة العالمية للصحة “.
القطاع الخاص، لم يسلم بدوره من انتقادات الشبكة حيث أفادت بأن “أشكال الفساد فيه تصاعدت إلى الحد الذي وصل بمصحة كبيرة بالعاصمة الرباط متخصصة في القلب والشرايين إلى تقديم أدوية منتهية الصلاحية لمرضى مصابين بأمراض القلب والشرايين دون وازع أخلاقي أو طبي وبهاجس ربح سريع”، علاوة على مصحات أخرى “تقوم بعمليات جراحية غير مبررة طبيا، أو الكذب على المرضى وتخويفهم بخطورة حالتهم الصحية لإجراء عملية جراحية مستعجلة، وإقناعهم بإجراء عملية جراحية وهمية أو النفخ في أرقام فاتورات العلاج للحصول على تعويض من صناديق التأمين الإجباري عن المرض”.
“قطاع الصحة قطاع اجتماعي إنساني بامتياز، يمس حياة ملايين المواطنين المغاربة، وخاصة منهم الفقراء وذوي الدخل المحدود” تقول الشبكة سالفة الذكر، مضيفة أن “الدولة تنفق عليه سنويا 2 في المائة من الدخل الوطني و5 في المائة من الميزانية العامة للدولة، وصلت 18 مليار درهم سنة 2020، ويتم تمويل معظمها بواسطة دافعي الضرائب، إلى جانب الإعانات والمساعدات الدولية والقروض”.
بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين
قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…