يسود حنق شديد في أوساط أمهات وآباء سبع تلميذات قاصرات بمنطقة بني تيجيت التابعة ترابيا لإقليم فجيج، تعرضن للتحرش الجنسي من قِبَلِ أستاذهن داخل الفصل الدراسي ولم يتم اعتقاله إلى حدود اليوم.
بداية الحكاية.. احتجاج وفرار
تفاصيل الواقعة التي هزت مدرسة الداخلة ببني تجيت، المحسوبة على نيابة فجيج، إقليم بوعرفة، تعود إلى أواخر شهر شتنبر الفارط، عندما كسرت تلميذة تتابع دراستها بالمستوى الثالث ابتدائي ولا يتجاوز سنها التسع سنوات جدار الصمت بكشف لوالدتها، في بوح تلقائي، ما تتعرض له من ممارسات ذات طبيعة جنسية على يد مدرسها. وهو ما تعاملت معه الأم بحزم، إذ انتقلت رفقة ابنتها إلى المؤسسة التعليمية وقادت احتجاجا غير مسبوق، ما دفع الأستاذ المتهم، عقب علمه بموضوع احتجاج والدة التلميذة، إلى تسلق جدار المؤسسة والفرار من بابها الخلفي إلى وجهة غير معلومة.
احتجاج والدة التلميذة وفرار المعلم من الفصل الدراسي، انتشرا كالنار في الهشيم بين ساكنة المنطقة، فراح بعض آباء وأمهات التلاميذ الذين يتابعون دراستهم بمؤسسة “الداخلة” بالمستوى الثالث ابتدائي يستفسرون أطفالهم ما إذا كانوا تعرضوا لممارسات مماثلة لتلك التي تعرضت لها زميلتهم، فكانت صدمة بعض الأسر قوية عندما اكشتفت أن فلذات كبدها لم تسلمن بدورهن.
استغلال وتهديد
“أحيي السيدة التي امتلكت الشجاعة لتفجير هذه الفضيحة في وسط محافظ مثل منطقة تجيجت حيث تشكل قضايا من هذا النوع “طابو” ويسيطر الخوف على الأهالي فيفضلون الصمت على الكلام.. أنا مدين لهذه الشُجاعة، فلولاها ما كنت سأعلم أن ابنتي أيضا ضحية، كما أود توجيه تحايا إكبار وتقدير لباقي النسوة الاتي انخرطن في معركة كشف المستور ومازلن صامدات رغم توسلات وضغوطات عائلة الجاني وإغراءاتهم نظير سحب الشكايات”، بهذه العبارات اختار الحسين بوخدو، والد إحدى الضحايا، استفتاح سرده لموقع “الأول” تجربة ابنته ذات التسع سنوات.
ويقول الحسين إن طفلته “تعرضت في أكثر من مناسبة للتحرش داخل الفصل الدراسي من طرف أستاذها، الذي كان كلما تقدمت لإطلاعه على ما أنجزته من تمارين، يقوم بسحبها إليه فيشرع في تحسس مناطقها الحميمية”، مشيرا، في حديث مع “الأول”، إلى أن هذه الممارسات كانت تتم بشكل يومي.
وأضاف المتحدث، بناء على ما صرحت له ابنته في وقت سابق، “طَلبتْ ابنتي من أستاذها ذات مرة الذهاب إلى المرحاض فلم يسمح لها بذلك إلا بعدما استدعاها إلى مكتبه وأشبع غريزته، دون مراعاة توسلاتها”، مبرزا أن هذه الوقائع المتكررة تسببت لابنته في مضاعفات نفسية وخيمة، ولم تعد ترغب في الذهاب إلى المدرسة.
وفي باقي الشهادات المضمنة في عدد من الشكايات التي وجهتها عائلات التلميذات إلى كل من وزير التربية الوطنية، سعيد أمزازي، وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، حميلة المصلي، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش، إلى جانب المرصد الوطني لحقوق الطفل، فضلا عن عدد من الهيئات والمنظمات الحقوقية، أكدت التلميذات أن أستاذهن كان يهدد البعض منهن بترسيبهن إذا أخبرن شخصا آخر بالموضوع، بينما كان يغري أخريات بمنحهن نقطا إضافية مقابل التزامهن الصمت.
متابعة في حالة سراح والعودة إلى العمل
المثير في واقعة الاعتداء هاته، أن وكيل الملك لدى محكمة الاستئناف بوجدة، بعدما استمع إلى الضحايا وبعض الشهود ثم إلى الأستاذ المتهم، أمر بمتابعة هذا الأخير في حالة سراح، ما أثار حفيظة الأسر المشتكية وولد لديها إحساس بـ”الحكرة”.
الأكثر من ذلك، تفاجأ المشتكون بعودة الأستاذ إلى المدرسة ذاتها التي تشهد على ممارساته الشادة في حق فتيات في عمر الزهور، واستئناف عمله وكأن شيئا لم يكن.
في هذا الصدد، شدد الحسين بوخدو على أن إخلاء سبيل الجاني يشكل استفزازا للضحايا وعائلاتهن، كما يعتبر انتهاكا لحقوقهن وضربا للقوانين الجاري بها العمل.
وأفاد المتحدث أن هذا الحادث خلف أثارا وندوبا نفسية عميقة لدى الطفلات وذويهن، لافتا إلى أن الاعتداءات الجنسية باتت كابوسا يلاحق الأطفال وعائلاتهم، ما يستوجب التصدي لها ومعاقبة مقترفيها عقابا شديدا حتى يكونوا عبرة للبقية.
حقوقيون: إطلاق سراح الجاني امتهان لكرامة الضحايا وخطر على باقي الأطفال
اعتبرت الهيئة المغربية لحقوق الإنسان أن متابعة المشتكى به في حالة سراح يشكل امتهانا لكرامة الضحايا وانتهاكا لحقوقهن وإهانة لأسرهن، كما يشكل ذلك أيضا “خطرا على مصير باقي الأطفال داخل المؤسسة التعليمية ومن شأنه التشجيع على تكرار مثل هذه الأفعال في ظل إفلات مرتكبيها من العقاب.
وطالبت الهيئة ذاتها في بلاغ لها، اطلع “الأول” على نصه، بتشديد العقوبات ووضع حد للإفلات من العقاب في جرائم الاعتداءات الجنسية على الأطفال، وتقوية الضمانات القانونية للحد من الظاهرة، علاوة على توفير الشروط الاجتماعية والنفسية لإعادة إدماج الأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية.
كما طالبوا الدولة بملاءمة التشريع المغربي مع المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الطفل لبناء بيئة مناسبة لمعيشة الأطفال، تضمن لهم حقوق الحياة، والصحة، والتعليم، واللعب، وكذلك الحق في حياة أسرية والحماية من العنف وعدم التمييز والاستماع إلى آرائهم.
بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين
قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…