بعدما تم إسقاطها من مشروع قانون المالية لسنة 2017 إثر الجدل الواسع الذي خلقته آنذاك، عادت الحكومة إلى إدراج مادة في مشروع قانون مالية 2020، من شأن المصادقة عليها أن تقطع الطريق على إمكانية الحجز على ممتلكات الدولة والجماعات الترابية، لتنفيذ أحكام قضائية نهائية ضدها.
وأدرجت حكومة سعد الدين العثماني هذا المقتضى في مشروع قانون مالية السنة المقبلة، ضمن مادة تحمل رقم 09، حيث تنص على أنه “لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخضع أموال وممتلكات الدولة للحجز”، كما تشدد على أنه “يتعين على الدائنين الحاملين لسندات أو أحكام قضائية تنفيذية نهائية ضد الدولة ألا يطالبوا بالأداء إلا أمام مصالح الآمر بالصرف للإدارة العمومية”.
وفي حالة صدور قرار قضائي نهائي اكتسب قوة الشيء المقضي به يدين الدولة بأداء مبلغ معين، تضيف المادة ذاتها، “يتعين الأمر بصرفه داخل أجل أقصاه ستون يوما ابتداء من تاريخ تبليغ القرار القضائي في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية”.
ويرى عدد من المحامين أن هذه المادة تشكل إحدى أخطر المقتضيات التي من شأنها ضرب مصداقية القضاء ومصداقية أحكامه ضد الدولة، كما من شأنها تقويض أحد المقومات الأساسية لدولة القانون، وإعدام ما بقي من ثقة للمواطنين وللمتقاضين وللمحامين في القرارات والأحكام الصادرة عن القضاء بمختلف درجاته.
في هذا السياق، وصف نقباء ورؤساء سابقون لجمعيات هيئات المحامين بالمغرب، في رسالة مشتركة حملت اتهامات للحكومة بالتلاعب بأحكام القضاء، مشروع قانون المالية الجديد بـ”استبداد حكومي وجريمة سياسية غير مسبوقة”.
وأكد كل من المحامي عبد الرحمان بنعمرو وعبد الرحيم الجامعي ومحمد مصطفى الريسوني وادريس شاطر وامبارك الطيب الساسي وادريس أبو الفضل وحسن وهبي، في رسالتهم المشتركة أن المادة سالفة الذكر ستمنح، في حال المصادقة عليها، للدولة وللإدارة المحكوم عليها وللمحاسبين التابعين لها سلطة فوق سلطة القضاء، وقوة فوق قوة قراراته، مبرزين أنها أعطت الإدارة حق التصرف في تنفيذ الأحكام حسب نزواتها وميولاتها وصلاحياتها التحكمية سواء لتنفيذ الحكم أو تأجيل التنفيذ لسنوات دون تحديد ولا آجال.
“بل منعت المادة أعلاه صراحة وقطعا الحجز عن أموال الإدارة وميزتها على بقية المتقاضين، وبذلك تكون المادة التاسعة وتكون الحكومة معها”، تضيف الرسالة ذاتها، “قد أبانت عن موقفها التحكمي ضد المرفق القضائي أولا وقررت فتح النار ضد قرارات المحاكم الإدارية الشجاعة التي أطلقت اجتهاداتها بجرأة قضائية مثالية، وأصبحت تصدر أحكامًا بالحجز على أموال الإدارة من بين يدي المحاسبين”.
الموقعون على الرسالة حذروا من خطورة القرار، مشددين على وجوب وقوف المحامين وهيئاتهم من أجل الدفاع عن القرارات والأحكام القضائية الصادرة بالأساس ضد الدولة والدود عن مصداقيتها وعن قيمتها وفرض تنفيذها ومنع التلاعب بها أو التحايل على تنفيذها ضدا على الوقار والاحترام الواجب لها، وضدا على القيمة الدستورية للأحكام النهائية الواجبة التنفيذ، مبرزين أن “المسطرة المدنية التي وضعت بظهير، لا يمكن تعديلها بقانون آخر ضدا على فلسفة التشريع وضدا على المادة الثالثة من القانون التنظيمي للميزانية”.
بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين
قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…