كشف التقرير السنوي الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2018 تخبط الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في مجموعة من الاختلالات.
غياب التدبير الميزانياتي:
سجل المجلس الأعلى للحسابات أن إعداد ميزانية الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة يقتصر على تقدير بنود حساب الإيرادات والمصروفات، مشيرا إلى أن هذه العملية تتم في غياب برمجة ميزانياتية متعددة السنوات، تتضمن على وجه الخصوص البرامج المادية والتوقعات الاقتصادية والمالية، حسب الأنشطة وبشكل متماسك.
كما أن هذه التوقعات التي لا تقترن بمؤشرات الأداء، يقول التقرير، لا تحدد الميزانية المخصصة لكل قناة وإذاعة، وهو ما يحول دون توفر هذه الأخيرة على رؤية واضحة حول برامجها السنوية.
بالإضافة إلى ذلك، لوحظ أن موافقة مجلس الإدارة على الميزانية، باستثناء ميزانية 2017، عرفت تأخيرا يتراوح ما بين 3 و6 أشهر، حيث تمت الموافقة على ميزانية عام 2012 في 13 مارس 2012 ،وميزانية عام 2014 بتاريخ 09 يونيو 2014، وميزانية عام 2015 بتاريخ 07 أبريل 2015. وتبعا لذلك، فإن هذه التأخيرات، يورد التقرير، لا تسمح بأن يكون للموازنة دورا في التقييم والتوقع والترخيص للموارد والنفقات.
موازاة مع ذلك، تطرق قضاة جطو في تقريرهم السنوي إلى كون الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لم تحترم التزاماتها مع الدولة في ما يرتبط بمسك محاسبة تحليلية، ما يحرم الشركة من إمكانية احتساب تكلفة شبكتها، حيث يعتبر هذا المؤشر المعتمد من قبل العديد من القنوات التلفزيونية، أداة مهمة في التسيير.
كما أن غياب هذه المحاسبة يجعل من الصعب على الشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة تقدير التكلفة الفعلية الناجمة عن الوفاء بالتزاماتها، خاصة تلك المفروضة بموجب دفاتر التحملات، حيث ووفقا للمادة 51 من القانون 03.77 ،يجب أن يتوافق التمويل الممنوح ً للشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة مع التكلفة الفعلية.
وضعية مالية على المحك:
تعاني الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة التي تعمل على تنفيذ سياسة الدولة في مجال التلفزة والإذاعة والبث التلفزي والإنتاج والإشهار، من وضعية مالية ضعيفة، إذ انخفض رقم معاملاتها من 874,44 سنة 2012، إلى 618,14 سنة 2017.
وسجل تقرير جطو أهمية المنح المقدمة من طرف الدولة مقارنة مع الموارد الذاتية للشركة، فيما أظهر تحليل مصادر تمويل الشركة ضعف مواردها الذاتية مع الاعتماد أساسا على الإعلانات المقدمة من طرف الدولة، التي تمنح في غياب إطار تعاقدي ابتداء من سنة 2012. وقد سجلت هذه المنح وتيرة تصاعدية، حيث انتقلت من مبلغ 895 مليون درهم سنة 2012 إلى 117.1 مليون درهم سنة 2017 أي بنسبة ارتفاع تصل إلى 25 في المائة.
أما بخصوص الموارد الذاتية للشركة والمكونة من مبيعات المساحات الإشهارية والخدمات التقنية والحقوق الرياضية تبقى ضعيفة، حيث لم تتجاوز 13 %من مجموع مصادر التمويلات منذ سنة 2013، مع تسجيل تدهور على مستوى النتيجة الصافية للشركة سنة 2012 ،إذ بلغت 35,146 مليون درهم، وذلك بالرغم من تحسنها خلال السنوات اللاحقة، إذ تجد الشركة صعوبة إيجاد مستوى استقرار.
اختلالات في الإشهار:
التقرير سالف الذكر أماط اللثام عن توفر الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة على مساحات إشهارية متاحة دون استغلالها بشكل كاف، وهو ما كان من شأنه أن يدر عليها موارد مهمة وأن يرفع من رقم معاملاتها السنوي، مبرزا أن النسبة التوقعية المعمول بها من طرف وكالة الإشهار تبقى دون مستوى المساحة الإشهارية المخصصة لقنوات الشركة. فعلى سبيل المثال، لم تتجاوز نسبة الملء 20 في المائة من المساحة الإشهارية المتاحة خلال سنة 2017، حيث بلغت نسبة المساحة الإشهارية التي تعذر بيعها 80 في المائة.
كما سجلت المداخيل المتأتية من بيع المساحات الإشهارية انخفاضا ملحوظا، بحيث انتقل رقم المعاملات دون احتساب الرسوم من 253 مليون درهم في سنة 2011 إلى 161 مليون درهم سنة 2017، أي بنسبة انخفاض بلغت 36 في المائة.
وكشف تحليل مداخيل الإشهار عن هيمنة المداخيل المتأتية من بعض القنوات التلفزية بالمقارنة مع القنوات الإذاعية، إذ بلغت موارد القنوات التلفزية سنة 2017 ما مجموعه 148 مليون درهم، أي ما يعادل 91 في المائة من مجموع المداخيل، في حين لم تتجاوز مداخيل القنوات الإذاعية 14 مليون درهم، أي ما نسبته 9 في المائة.
موازاة مع ذلك، لاحظ المجلس أن مداخيل الإشهار تهيمن عليها كل من القناة الأولى مقارنة مع القنوات التلفزية الأخرى والإذاعة الوطنية مقارنة مع الإذاعات الأخرى.
تراكم برامج وضياع ملايين الدراهم:
من جهة أخرى، سجل التقرير تراكم برامج لم يتم بثها مقتناة عن طريق الصفقات التفاوضية على غرار شركات الإذاعة والتلفزيون، إذ أن تحليل مخزون البرامج كشف عن تراكم البرامج التي لم يتم بثها من سنة إلى أخرى. وقد بلغت قيمة مخزون البرامج التي لم يتم بثها إلى غاية نهاية سنة 2016 ما مجموعه 79,62 مليون درهم، منها 48,28 مليون درهم تتعلق بالبرامج التي تم تسليمها قبل 2014.
وتطرق أيضا لغياب لجنة لمشاهدة البرامج المسلمة بمجرد تسليم شركات الإنتاج التنفيذي للبرامج إلى قنوات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، يجب أن تشرع لجنة خاصة لمشاهدة البرامج في مشاهدة هاته الأخيرة، كما هو مشار إليه في البند المتعلق بشروط التسليم المنصوص عليه في عقود الإنتاج الخارجي. ويجب على هذه اللجنة المسؤولة عن المشاهدة التحقق مما إذا كانت شركات الإنتاج التنفيذي قد استوفت معايير الجودة ومعايير البث. غير أنه لم يتم إنشاء هذه اللجنة. ووفقا لمسؤولي الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، تتم مراقبة البرامج إما عن طريق مديري القنوات التلفزية أو عن طريق رئيس قسم البرمجة التابع لكل قناة.
فواتير بالملايير غير مؤداة:
اختلال آخر رصده المجلس الأعلى للحساب تمثل في تراكم فواتير كهرباء غير مؤداة لصالح المكتب الوطني للكهرباء، بلغت قيمتها الإجمالية حوالي 3.81 مليون درهم خلال الفترة الممتدة ما بين 2008 و2016، وهو ما أسفر عن انقطاعات في التيار الكهربائي على عدد من المحطات التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.
كما واجهت الشركة عدة مشاكل مرتبطة بربط بعض محطاتها بالكهرباء، حيث تعذر تشغيل بعض المحطات داخل الآجال المقررة، لاسيما تلك الموجودة في مناطق بعيدة أو معزولة، وذلك بسبب صعوبة ربطها بشبكة الكهرباء.
تراكم المبالغ غير المسددة، يقول تقرير جطو، يرجع إلى صعوبة تتبع الفواتير من طرف مصالح مديرية البث، بالنظر للعدد الكبير للمحطات، مع إصدار الفواتير بصفة شهرية، وللتبليغ غير المنتظم للفواتير، بالإضافة إلى غياب التنسيق بين المديريات التابعة للشركة الوطنية، منها مديرية البث ومديرية الصفقات ومديرية الشؤون المالية.
بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين
قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…