لم يكن من المألوف أن يطل عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق، في السنوات الماضية، عبر إحدى منصات التواصل الاجتماعي، من أجل التواصل مع الرأي العام والتفاعل مع حوالي 16 مليون مغربي يستعملون “الفيسبوك”، وحتى صفحته الرسمية بالفضاء الأزرق التي أنشئت سنة 2015، فلم تمض سوى سنتين على تفعيلها حتى تم حضرها، غير أن الملاحظ خلال الآونة الأخيرة؛ فهو جنوح أكثر رجل سياسة إثارة للجدل بالمغرب، لـ “الفيسبوك” عبر تقنيتي “اللايف” أو الفيديوهات المسجلة، بمعدل بث مباشر يصل إلى مرتين خلال كل أسبوع، بالرغم من إقراره علنا في ندوته الصحفية الأخيرة التي عقدها بمنزله، بما وصفها بـ”الأمية” في التعامل مع “الفضاء الأزرق”، وتصريحه بكونه “عالم واسع الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود”.
فما الذي تغير بين الأمس واليوم؟، وهل باتت عودة بنكيران إلى الواجهة السياسية بالمغرب، – بعدما تم “استبعاده” تنظيميا من الحزب ومن الحكومة-، مرتبطة بالعالم الافتراضي فقط؟، أسئلة حاولنا الإجابة عليها مع ذوي الاختصاص.
“انتحار أبدي”:
نقلنا تساؤلاتنا إلى الأستاذ الجامعي والكاتب موليم العروسي، فقال، إن عبد الإله بنكيران، عندما كان رئيسا للحكومة لم يكن لديه الحق في استعمال خاصية البث المباشر المتاحة على “فيسبوك”، لأن أي كلام سيقوله كان سيحسب على أنه كلام رسمي.
وتعود خطوة استعانة بنكيران، ب”الفيسبوك” من أجل التواصل، إلى أن الرجل بات متحللا من جميع الالتزامات والمسؤوليات، بحسب ما صرح به الأستاذ الجامعي العروسي في حديث مع “الأول”؛ فعبد الإله بنكيران أُعفي من تشكيل الحكومة سنة 2017، وفي نفس السنة، لم يجدد له حزبه لتولي الأمانة العامة للحزب، وإثر ذلك لم تعد له أية صفة تمكنه من ممارسة “الشعبوية”. يفسر العروسي.
ويرى المتحدث ذاته في معرض حديثه مع “الأول”، أنه بالنظر إلى مضمون خرجات بنكيران، فجنوحه “للعالم الأزرق”، “ليس اختيارا شخصيا، بل خطوة أملتها عليه “قوة معينة في الدولة”، يشتغل تحت إمرتها ويقوم بواجبه تجاهها”.
“من تكون هذه القوة؟” يسأل “الأول”، فيجيب موليم العروسي بالقول: “لا يمكنني الآن تسمية الجهة التي هو يشتغل لصالحها، لكن لا أعتقد أنه يملك القرار أو أنه يقوم بذلك بمحض إرادته، فهو ليس أكثر من مجرد أداة، حتى أنه قالها مرارا وصرح تكرارا بأنه يخدم جناحا معينا في السلطة.. إذن جهة من السلطة تسيره الآن”.
وأفاد المصدر ذاته، بأن ما يقوم به حاليا رئيس الحكومة السابق، من خرجات فيسبوكية، “قد يكون انتحارا أبديا له، وقد يشكل عليه خطرا كبيرا؛ إذ كونه يملك وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا لا يعني أنه يؤثر في الناس، لاسيما وأنه توارى عن الأنظار وعاد مجددا، لكنه عاد بصورة مشوشة ومصحوبة بالعديد من المشاكل”. يضيف العروسي، لافتا إلى أن “استعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة ليست خاصية ينفرد بها بنكيران لوحده، بل إن الإخوان الملسمين في العالم العربي ساروا على نفس المنوال، وهذا تأتى لهم عن طريق تلقيهم لدورات تدريبية بأمريكا”، على حد توصيفه.
“محاولة لترميم شعبيته”:
من جهته يعتبر الأستاذ الباحث عبد الرحيم العلام، أن بنكيران كائن تواصلي بامتياز، وأنه ذكي على المستوى الإعلامي والتواصلي، لذلك فهو لجأ إلى الأسلوب الذي يتقنه، وهو التواصل القريب من “الشعبوية”، بأمور بسيطة وبأسلوب تطبعه “النكتة”.
ويربط أستاذ القانون الدستوري، في تصريح لموقع “الأول”، بين لجوء الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، لـ”الفيسبوك” وما اعتبره “إحساس بنكيران بتراجع على مستوى شعبيته، ومحاولة لترميم جزء منها”.
ويشير المتحدث ذاته، إلى أنه ليس بنكيران وحده من أصبح عنده هذا التوجه نحو استعمال مواقع التواصل الاجتماعي، “اللايف” بشكل خاص؛ فمكونات المجتمع المغربي أصبحت لا تراهن فقط على وسائل التواصل التقليدية من قبيل الجريدة أو التلفاز، بل أضحى التواصل يتم عبر المواقع الأكثر تتبعا والمتمثلة في “الفيسبوك، يوتيوب، واتساب..” على حد تعبيره.
العلام في تصريح لـ”الأول”، تابع موضحا أن الشخصيات السياسية تشتغل، بحثا عن أنجع الوسائل مخاطبة للناس بصرف النظر عن المضمون، “فبالعودة إلى الوراء، نجد أن الأماكن التي كان يتواجد بها الناس بكثرة هي “الزاوية والسوق والمسجد والجامعة”، أما اليوم فأصبحت منصات التواصل الاجتماعي هي قنوات التواصل الفعال”.
ولم يستبعد ذات المتحدث أن يكون إقدام عبد الإله بنكيران على هذه الخطوة، كرد فعل على إعفائه من مهام تشكيل الحكومة من جهة، ومن عدم حصوله على ولاية ثالثة على رأس حزب العدالة والتنمية من جهة أخرى، مستطردا، “جانب من التفسيرات التي يمكن تقديمها بخصوص لجوئه إلى الإعلام الحر، غير المقيد، هو أنه يريد أن يقول هذا رأيي الشخصي ولا أريد أن أدخل معي إعلام الحزب في هذا المجال، وبالتالي كأنه يقول أرض الله واسعة”.
بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين
قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…