“و لدت بمدينة وزان ذات أكتوبر حزين، وقررت منذ صغري ألا أعيش نفس حياة والدتي ونساء المدينة (..) قررت ألا أحيا الحياة الرمادية التي لم تكن تسمح بالألوان ولا بالفرح”. بهذه الكلمات المفعمة بالعنفوان تتحدث فدوى مساط عن شرارات “ثورتها الناعمة”، وعن طموح واجهت به الصعاب في رحاب السلطة الرابعة.
طموحها الجامح ورغبتها في الانعتاق من قيود كبلت المرأة، قاداها إلى ولوج عالم الصحافة. طموح كان محركا لأحلام شامخة ما تزال تحتويها بشغف، مقبلة على الحياة في مداها الواسع.
“بعد حصولي على شهادة الباكالوريا سنة 1998، اختارتني الصحافة كتخصص حين نجحت في اجتياز مباراة المعهد العالي للإعلام والاتصال في السنة ذاتها”، تقول فدوى في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، وحتى وإن كان دون سابق إصرار منها، فإن ولوجها إلى المعهد “كان بداية الانعتاق”، حسب تعبيرها، موضحة “قضيت أربع سنوات أبحث بنهم عما يحرض على استعمال العقل عوض وضعه في الجيب”.
بعد أربع سنوات من الدراسة كان تخرجها من معهد الصحافة سنة 2002، حدث تعتبره فدوى بمثابة “تتويج لانتفاضتي الصغيرة”، وبغير قليل من الزهو تضيف: “كنت أعي منذ البداية أني سأسلك مسارا مغايرا”.
ل”ثورة” فدوى الناعمة محطات فارقة، كانت في كل مرة تذكي عزيمتها للمثابرة وذرع الصعاب، تقول “بعد تخرجي من المعهد، وخوضي عدة تجارب صحفية بالمغرب، شكلت الهجرة إلى أمريكا منعطفا حاسما في تجربتي المهنية والشخصية، مرحلة صرت أمثل فيها الصحفية والمهاجرة والمواطنة العربية”.
تجربة الهجرة لم تكن بالأمر اليسير في البداية على فدوى، اشتغلت كمضيفة استقبال وفي محل لبيع الملابس المستعملة لتغطية بعض تكاليف الحياة اليومية، قبل أن تلتحق بجامعة جورج تاون لدراسة الماجستير في الصحافة الرقمية.
تقول فدوى “خلال دراستي بالجامعة الأمريكية راكمت العديد من المعارف، وتعرفت على مجموعة من ألمع الإعلاميين الأمريكيين، واكتشفت جانبا مهما من أخلاقيات الصحافة وتقنيات الإعلام الحديث الذي سيكون مجال اشتغالي في ما بعد”.
محطة أخرى هامة في مسار فدوى هي اجتيازها لمباراة ولوج إذاعة “راديو سوا” بنجاح، فخلال هذه التجربة تقول “استطعت على مدى عشر سنوات، أن أثبت كفاءتي في قاعة تحرير دولية تحوي جنسيات عربية عديدة، أغلبها من مصر ولبنان وفلسطين، كنت المغربية الوحيدة، وكنت نموذجا للمدرسة العمومية التي أفتخر بكوني خريجة لها”.
طموح فدوى للتألق والتميز في رحاب السلطة الرابعة، لم يثنها عن خوض تجربة الزواج ثم الأمومة، “ولادة طفلتي الأولى ليليان غيرت نظرتي إلى الحياة” تؤكد فدوى، قبل أن تضيف “استفرغت جهد الليل والنهار لترسيخ فكر آمنت به بحب، وللتوفيق بين مهامي كصحفية ومسؤولة وأم وقدوة لطفلتي وبنات جيلي، ليس كامرأة بل ككفاءة وقوة وعنفوان”.
رغم عنفوانها وإصرارها اللذين وقفا حجرة عثرة أمام كل حاط من عزيمتها، لا تلبث فدوى تقر بالتحديات التي ما تزال تواجهها كمديرة تحرير مشروع إعلامي بعاصمة كبيرة كواشنطن، تقول “نظرة الآخر، الرجل والزميل والمسؤوليات الملقاة على عاتقي، تحديات تعطيني دافعا قويا لأبذل قصارى جهدي لأغير النظرة القاصرة عن المرأة، وأكون نموذجا مشرفا لوطني”.
وعن المرأة الصحفية، ترفض فدوى تنميطها في جنس معين، موضحة “كنت رافضة لهذه الفكرة، واشتغلت في الرياضة ثم السياسة، لذلك نصيحتي للصحفيات: تألقن ولا تفسحن المجال لمن يحط من عزيمتكن، والصحفية المغربية أثبتت أن بمقدروها الاشتغال في شتى الأجناس الصحفية والتفوق فيها”.
أما عن شريك حياتها، فقالت “أعتبر نفسي محظوظة لارتباطي برجل يؤمن بحقوق المرأة وقدرتها على التفوق، زوجي عامل قوة في حياتي المهنية والشخصية، هو من يحثني على المثابرة حين يعتريني ضعف، وأن أقبل على الحياة ومغامراتها بعزم وحب.
وبخصوص التجربة الإعلامية الجديدة “أصوات مغاربية”، قالت إنه مشروع رقمي يضم طاقما شابا وطموحا من جميع البلدان المغاربية يطمح لأن يكون صوت من لا صوت له، عن طريق الاشتغال على قصص الناس البسطاء الذين لا يهتم الإعلام عادة بمعاركهم اليومية في الحياة. وتابعت “أصوات مغاربية” تجربة مهمة جدا كوني أشرفت على التجهيز للمنصة بداية من اللوغو والألوان والهوية البصرية وتصميم الموقع، مرورا بعملية توظيف أكثر من 46 صحفيا ومحررا، وصولا إلى عملية إطلاق المنصة فعليا على موقع (فيسبوك) ثم على شبكة الإنترنت لاحقا.
وأضافت “خلال هذه التجربة، واجهت تحديات كثيرة كانت مهمة في مساري المهني، لكنها أشعرتني بالفخر كصحفية مغربية، كوني تمكنت من إطلاق مشروع إعلامي جديد يضيف للمشهد الإعلامي المغاربي”.
هاته هي الأسماء التي تم تعيينها اليوم بمناصب عليا في المجلس الحكومي
انعقد يومه الخميس 11، مجلس للحكومة، برئاسة عزيز أخنوش، خصص لمناقشة عرض قطاعي، وللتداول في …