كشفت مؤسسة وسيط المملكة في تقريرها السنوي لعام 2023 عن مجموعة من الانتقادات الحادة الموجهة إلى أداء الإدارات العمومية، مسلطة الضوء على عدة اختلالات تؤثر على كفاءة الخدمات العمومية وجودة العلاقة بين الإدارة والمواطن.

التقرير، الذي يأتي في سياق جهود تعزيز الحكامة الجيدة، أبرز تحديات كبيرة تستوجب إصلاحات جذرية، حيث أشار إلى عدة نقاط من بينها ضعف التفاعل مع التظلمات والتوصيات، واختلالات في التدبير الإداري، وتفاوت في الجدية بين الإدارات.

وأشار التقرير إلى بطء تفاعل العديد من الإدارات مع التظلمات الموجهة إليها، حيث سجلت المؤسسة 5374 تظلما خلال العام الماضي، بزيادة تقارب 30% مقارنة بسنة 2022. وعلى الرغم من تحسن نسبة تنفيذ التوصيات التي بلغت 81.48% مقارنة بـ25.28% في السنة السابقة، فإن هناك تراكمًا ملحوظًا في التوصيات غير المنفذة، والتي وصلت إلى 1420 توصية.

ووثقت المؤسسة استمرار مشاكل حكامة التدبير الإداري، حيث تواجه بعض الإدارات صعوبات في تنفيذ القرارات القضائية والإدارية، مع غياب التنسيق بين المصالح المختلفة. وأكد التقرير أن هذه الاختلالات تؤدي إلى إرباك المواطنين وإطالة زمن معالجة الملفات، على الرغم من التحسن الملحوظ الذي أدى إلى تقليص متوسط مدة معالجة التظلمات من 413 يومًا في 2019 إلى 210 أيام في 2023.

وأظهر التقرير تفاوتًا كبيرًا في مستوى الجدية بين الإدارات المختلفة. فبينما أبدت بعض الإدارات تجاوبًا إيجابيًا مع مساعي الوساطة، استمر “التعنت التدبيري” في إدارات أخرى، التي غالبًا ما تلتزم الصمت إزاء الشكاوى، مما يؤثر سلبًا على العلاقة مع المواطنين.

ومن أبرز الانتقادات التي وجهها التقرير هو ضعف عملية الرقمنة لبعض الخدمات الارتفاقية، ما أدى إلى شكاوى إضافية من المواطنين الذين يجدون صعوبة في الوصول إلى هذه الخدمات. كما أن غياب تحديث الإجراءات الإدارية لتواكب المستجدات فاقم من الإشكاليات.

وحسب التقرير، فقد تصدر قطاع الداخلية قائمة التظلمات بـ1447 شكوى، يليه قطاع الاقتصاد والمالية بـ780 شكوى، ثم قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بـ571 شكوى. وأشار التقرير إلى أن هذه الأرقام تعكس تحديات كبيرة تواجه هذه القطاعات في تقديم خدمات تتسم بالجودة والشفافية.

كما أعربت مؤسسة وسيط المملكة عبر تقريرها عن تخوفها من تحول بعض الاختلالات إلى ظواهر بنيوية تعرقل جهود الإصلاح الإداري، مشددًا على ضرورة تجاوز منطق الرصد إلى إيجاد حلول مبتكرة تعزز من كفاءة الإدارة وارتقاء خدماتها.

ودعت “وسيط المملكة” إلى اتخاذ تدابير أكثر شمولية لتعزيز كفاءة الإدارات العمومية، بما يشمل تحسين مستوى التواصل مع المرتفقين، تبسيط الإجراءات، تسريع الرقمنة، وضمان تنفيذ القرارات والتوصيات بشكل أكثر فاعلية.

ويبرز تقرير مؤسسة وسيط المملكة لعام 2023 الحاجة الملحة لإصلاحات جذرية في الإدارات العمومية بالمغرب، ومع تزايد شكاوى المواطنين واختلالات الحكامة، يبقى الرهان الأكبر هو تعزيز الثقة بين الإدارة والمواطن، وتحقيق عدالة ارتفاقية تليق بتطلعات التنمية المستدامة.

 

التعليقات على انتقادات حادة لكفاءة الإدارات العمومية في تقرير مؤسسة وسيط المملكة مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

الإعفاءات الجزئية لفائدة المقاولات المدينة: فتح استثنائي لقباضات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يومي السبت والأحد القادمين

أعلن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، اليوم الثلاثاء، أن قباضاته ستفتح أبوابها بشكل استثنا…