نشر المجلس الأعلى للحسابات تقريرا أسودا عن طريقة تسيير وزارة السياحة التي يتواجد على رأسها محمد ساجد، الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، بعد ما أسفرت عنه مهمة المراقبة المنجزة من طرف المجلس الأعلى للحسابات لكيفية تسيير وزارة السياحة، والذي تمخض عنه تسجيل عدد من الملاحظات وإصدار مجموعة من التوصيات بخصوص تقييم تنفيذ اختصاصات ومهام وزارة السياحة.
وسجل المجلس الأعلى للحسابات في تقريره، “خلل في إعداد الاستراتيجيات السياحية الوطنية”، أنه، منذ أن انخرط المغرب في استراتيجية وطنية للتنمية السياحية سميت “رؤية 2020 ” والتي يؤطرها العقد-البرنامج الموقع بتاريخ 30 نونبر 2010، والذي يهم الفترة 2011 – 2020، حيث تم اعتماد هذه الاستراتيجية بعد استراتيجية أولى سميت “رؤية 2010،”تم اعتمادها سنة 2001، وفي هذا الصدد، لوحظ أن اعتماد رؤية 2020 تم دون تقييم الإنجازات المحققة في إطار رؤية 2010 ودون الإستفادة من نتائجها، مما يفسر تركيز رؤية 2020 على خيارات أثبتت عدم نجاعتها، ونذكر على سبيل المثال التطوير المتزامن لستة محطات سياحية جديدة ضمن المخطط الأزرق”.
وأضاف التقرير الذي قدمه ادريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات أمام الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش قبل أيام، الإستراتيجية السياحية الجديدة اتسمت “بتفاؤل مفرط فيما يخص الأهداف المحددة، وذلك رغم التأثير السلبي للأزمة الإقتصادية العالمية لسنة 2008 على الأسواق الرئيسية المنتجة للسياح (خاصة البلدان الأوروبية)، ورغم تأكيد جميع التكهنات الإقتصادية المنجزة خلال فترة إعداد رؤية 2020 على أن الأزمة الإقتصادية العالمية ستستمر لسنوات”.
وتساءل تقرير المجلس عن نتائج صفقة أبرمتها وزارة السياحة مع شركة BCG بمبلغ 96،6 مليون درهم، تهم تقييم رؤية 2020، وأكد التقرير أنه قد تم التسليم النهائي لهذه الصفقة بتاريخ 23 يونيو 2016، في حين لم تقم الوزارة، إلى غاية دجنبر 2016، بنشر نتائج الدراسة والبدء في اتخاذ إجراءات من أجل تعديل رؤية 2020 على ضوء نتائج الدراسة المذكورة”.
وانتقد المجلس تأخر إنشاء هيئات حكامة على المستوى الوطني (المجلس الوطني للسياحة)، وكذلك على المستوى المحلي (ثمان وكالات للتنمية السياحية ” ADT”)، وانتقد كذلك تأخر الحكومة في المصادقة على مشروع المرسوم رقم 184.15.2 الذي أنشأ المجلس الوطني للسياحة، و”الذي لم يصادق عليه من طرف مجلس الحكومة إلا في مارس 2016، أي بعد مرور أكثر من خمس سنوات على انطلاق رؤية 2020”، مضيفا أنه إلى غاية نهاية دجنبر 2016، لم يتم نشر المرسوم المذكور أعلاه في الجريدة الرسمية، وبالتالي لم يتم إنشاء هيئة الحكامة الوطنية”.
وأوضح التقرير أنه من أجل تمكين القطاع السياحي من أداء دوره على أحسن وجه، “اعتمدت رؤية 2020 نهجا متكاملا واستباقيا لإعداد التراب الوطني، حيث اعتمدت في هذا الإطار ثمان مناطق سياحية من المفروض أن تضمن التناسق والجاذبية اللازمة، وأن تتوفر على الحجم الكافي من حيث القدرة الإيوائية والمؤهلات والأصول السياحية والخدمات الجوية، وذلك من أجل إبراز هذه الجهات على الصعيد الدولي كوجهات سياحية متكاملة. لذلك، نصت رؤية 2020 على إنشاء “وكالات للتنمية السياحية” في المناطق السياحية الثمانية المذكورة، وذلك بهدف تنفيذ الاستراتيجيات الإقليمية في المجال السياحي. لكن، لم يتم إلى غاية نهاية دجنبر 2016 إنشاء أية وكالة تنمية سياحية ) رغم برمجة إنشائها، حسب عقد”برنامج رؤية 2020 ،”بين عامي 2011 و2012.
ولم يتوقف التقرير عند هذا الحد فقد سجل أيضا ضعف حصيلة تنفيذ استراتيجية السياحة الوطنية، وأوضح أنه من أجل تنفيذ استراتيجية السياحة الوطنية 2020، قامت الوزارة بإعداد عدة آليات، منها عقود البرامج الجهوية (CPR)، والتي تهدف إلى تنفيذ رؤية 2020 على المستوى الجهوي، وبرنامجين رئيسيين هما “قريتي” الذي يعد برنامجا للتنمية المتكاملة للسياحة القروية والطبيعة، و”مدينتي” للتنمية السياحية المتكاملة للمنتوجات الثقافية والحرفية في المدن العتيقة”، مضيفا أنه من أجل النهوض بمبدأ تنمية السياحة الإقليمية، نص الإجراء الأول بعقد برنامج رؤية 2020 على إعداد عقود البرامج الجهوية للتنمية السياحية في إطار التوجهات الكبرى لكل منطقة سياحية، وذلك في أجل أقصاه نهاية دجنبر 2011. وفي سنة 2012 ،شرعت وزارة السياحة، بالتنسيق مع الشركة المغربية للهندسة السياحية، في تنزيل برنامج رؤية2020 في شكل عقود برامج جهوية (CPR) من شأنها تحديد التوجهات السياحية لكل منطقة واقتراح المشاريع ذات الأولوية لتثمين المنتوج السياحي الجهوي. وفي هذا الصدد، تم توقيع 15 عقدا جهويا من قبل عمال وولاة المناطق المعنية خلال سنتي 2012 و2013 ، باستثناء عقد البرنامج الجهوي لجهة الرباط – سال- زمور- زعير، الذي لم يتم توقيعه، إلى غاية نهاية دجنبر 2016”.
وأوضح المجلس أنه “كانت عقود البرامج الجهوية الخمسة عشر تتوخى إنجاز 944 مشروعا سياحيا بقيمة إجمالية تزيد عن 151 مليار درهم. وقد تبين من خلال تحليل نسبة تقدم هذه المشاريع، أن معدل إنجازها يبقى ضعيفا، حيث لم يتم إلى غاية نهاية سنة 2015 ،إنجاز سوى 37 مشروعا بمبلغ 4.1 مليار درهم، أي بنسبة إنجاز تقل عن 1 بالمائة”.
وفيما يتعلق بالمشاريع التي تم إنجازها أو التي لازالت في طور الإنجاز أو الدراسة أو الترخيص، أكد المجلس أن عددها 209 بلغ من أصل 944 مشروعا. مما يعني أن 735 مشروعا مدرجا على مستوى عقود البرامج الجهوية باستثمار إجمالي قدره 98 مليار درهم، لم تثر اهتمام أي مستثمر، وبالتالي فإن تحقيقها على المدى المتوسط يبقى مستبعدا”.
وخلص المجلس إلى أن وزارة السياحة “غير قادرة على تنفيذ رؤية 2020 كاستراتيجية وطنية للسياحة، وهو ما اتضح جليا من خلال ضعف نسبة إنجاز المشاريع المبرمجة في إطار عقود البرامج الجهوية، حيث لم تتجاوز هذه النسبة 1 بالمائة”.
وبالنسبة لبرنامجي “قريتي” و “مدينتي”، باعتبارهما أداتين لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للسياحة، خلص التقرير إلى أنه “لم تتمكن وزارة السياحة والشركة المغربية للهندسة السياحية التابعة لها من إنجاز أي منهما، علما أن هدف البرنامجين هو تنفيذ مشاريع تحفيزية (خاصة تلك المتعلقة بالتنشيط السياحي)، وذلك لجذب وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في مشاريع الإيواء السياحي”.
عمدة مدينة الرباط تتفاعل مع فضيحة “تلقي الرشوة” في امتحانات الكفاءة المهنية
وجهت فتيحة المودني، رئيسة المجلس الجماعي للعاصمة، مراسلة إلى فاروق مهداوي، المستشار الجماع…