حذر بنك المغرب، في بلاغ له، من أن المغرب ليس في منأى عن عواقب تطورات الظرفية الدولية التي تطبعها الأحداث المرتبطة بالحرب في أوكرانيا، والتحديات الكبرى التي يواجهها الاقتصاد العالمي، لا سيما ارتفاع أسعار السلع الأساسية، واستمرار الاضطرابات في السلاسل العالمية للإنتاج والإمداد وتزايد الضغوط التضخمية، في وقت يواجه فيه ظروفا مناخية صعبة بسبب العجز الشديد في التساقطات المطرية.
وسجل بنك المغرب عقب مجلسه المنعقد صباح يومه الثلاثاء، المستوى المرتفع للشكوك المحيطة بالتوقعات الماكرو اقتصادية التي أعدتها مصالح البنك، حيث تظهر هذه التوقعات بالخصوص انخفاضا ملموسا في القيمة المضافة الفلاحية إلى جانب تحسن نسبي في الأنشطة غير الفلاحية، بفضل التقدم المحرز في حملة التلقيح، وتخفيف القيود الصحية، وكذا الإبقاء على التحفيز النقدي وتدابير الدعم القطاعية، كما تشير إلى تسارع حاد في وتيرة التضخم خلال هذه السنة موازاة مع صمود نسي للتوازنات الخارجية والمالية العمومية.
وقرر بنك المغرب الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في 1.5 في المائة، كما قرر الحفاظ على “التوجيه التيسيري للسياسة النقدية، وذلك من أجل الاستمرار في دعم النشاط الاقتصادي والتخفيف من تداعيات الظرفية الدولية غير المواتية”.
وسجل المجلس أن التضخم لا يزال يواصل نموه السريع الذي بدأ في سنة 2021، متأثرا بالضغوط الخارجية المصدر المرتبطة بالارتفاع الحاد في أسعار المنتجات الطاقية والغذائية وتزايد التضخم لدى أبرز الشركاء الاقتصاديين؛ وبالتالي، يتوقع أن يبلغ التضخم 4,7% في 2022، مقابل 1,4% في 2021، قبل أن يتراجع إلى 1,9% في 2023. ويرتقب أن يرتفع مكونه الأساسي من 1,7% إلى 4,7% قبل أن يتباطأ إلى 2.6.
وبالنظر إلى الظروف المناخية غير المواتية، يتوقع بنك المغرب أن يسجل الموسم الفلاحي إنتاج محصول من الحبوب يناهز 25 مليون قنطار، بدلا من 103,2 مليون قنطار المسجلة سنة من قبل؛ وبالتالي، من المرتقب أن تنخفض القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 19,8%، ليتراجع بذلك النمو الاقتصادي إلى 0,7% في 2022 بعد انتعاشه الذي بلغ 7,3 في 2021. وفي سنة 2023، ومع افتراض تحقيق محصول متوسط في حدود 75 مليون قنطار، يتوقع أن تتزايد القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 17%، ليصل بذلك النمو إلى 4,6%. أما فيما يخص الأنشطة غير الفلاحية، فمن المنتظر أن
تتعزز تدريجيا، مع تزايد قيمتها المضافة بنسبة 3% في 2022 وفي 2023.
ويتوقع بنك المغرب على الصعيد الوطني، وتحت تأثير الارتفاع القوي في أسعار السلع الأساسية بالخصوص، أن يتفاقم عجز الحساب الجاري إلى 5.5% من الناتج الداخلي الإجمالي في 2022 بعد 2.6% في 2021، قبل أن يتراجع إلى 3.7% في 2023.
ويرتقب حسب بنك المغرب أن ترتفع الواردات بنسة 14.9% خلال سنة 2022 ارتباطا بتزايد الفاتورة الطاقية والمشتريات من المنتجات الفلاحية والغذائية وسلع الاستهلاك، ومن المرتقب حسب ذات المصدر ألا يتجاوز الارتفاع 1,1% في سنة 2023، وذلك ارتباطا على وجه الخصوص بالتراجع المتوقع في فاتورة الطاقة. موازاة مع ذلك، من المتوقع أن تتحسن الصادرات بنسبة 12,5% في سنة 2022 وننسبة 3,4 في سنة 2023، مدعومة بالأساس بتحسن مبيعات صناعة السيارات وارتفاع صادرات الفوسفاط ومشتقاته خلال سنة 2022. فيما يرتقب أن تنتعش عائدات الأسفار تدريجيا، مع بقائها في مستويات متدنية مقارنة بما سجلته قبل الأزمة، لتنتقل من 34,3 مليار درهم في سنة 2021 إلى 47 مليار في سنة 2022 والى 70,9 مليار في سنة 2023. ويرتقب أن تعود تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج تدريجيا إلى مستواها المسجل قبل الأزمة، لتصل إلى 79,3 مليار في 2022 و70,8 مليار في سنة 2023، وذلك بعد المستوى الاستثنائي الذي سجلته في 2021 والذي وصل إلى 93,3 مليار.
وفيما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية المباشرة، يرتقب بنك المغرب أن تناهز المداخيل ما يعادل 3% من الناتج الداخلي الإجمالي في سنة 2022 و3,5% في سنة 2023. وفي المجموع، وأخذا بعين الاعتبار على وجه الخصوص توقعات التمويلات الخارجية للخزينة، يرتقب أن تصل الأصول الاحتياطية الرسمية إلى 342,8 مليار درهم في نهاية سنة 2022 والى 347,3 مليار درهم في نهاية سنة 2023، مما يضمن تغطية حوالي 6 أشهر ونصف من واردات السلع والخدمات.
كما أبرز ذات المصدر أنه يرتقب تراجع سعر الصرف الفعلي الحقيقي بنسبة 1,3% في 2022 وفي 2023، نتيجة للمستوى المنخفض للتضخم الوطني مقارنة بالشركاء والمنافسين التجاريين. أما بالنسبة لأسعار الفائدة على القروض، فقد ارتفعت بما قدره 9 نقاط أساس إلى 4,44% في المتوسط في الفصل الرابع من سنة 2021، لكنها انخفضت بمقدار 16 نقطة في مجمل سنة 2021 بعد انخفاضها بواقع 45 نقطة في سنة 2020.
وتابع البنك توقعاته بخصوص الأوضاع النقدية، حيث أوضح أن احتياجات البنوك من السيولة تراجعت إلى 69,9 مليار درهم في المتوسط الأسبوعي في الفصل الرابع على خلفية ارتفاع احتياطيات الصرف، لكن من المتوقع أن ترتفع إلى 75,1 مليار درهم في 2022 والى 88,3 مليار درهم في نهاية 2023، مدفوعة بزيادة التداول النقدى. أما بالنسبة للقروض البنكية الممنوحة للقطاع غير المالي، فمن المتوقع أن تحافظ على وتيرة نمو معتدلة بحوالي 4 في سنتي 2022 وفي 2023.
وأكد بنك المغرب أنه على صعيد المالية العمومية، وعلى الرغم من الزيادة الكبيرة في نفقات المقاصة على غاز البوتان والقمح، من المتوقع أن يستقر عج الميزانية تقريبا في 6.3 من الناتج الداخلي الإجمالي في سنة 2022، وذلك بفضل التعبئة الاستثنائية للموارد لا سيما من خلال آليات تمويل خاصة وعائدات الاحتكار، وفي سنة 2023، يتوقع أن يتراجع إلى 5,9% من الناتج الداخلي الإجمالي، نتيجة بالأساس للتحسن المتوقع في المداخيل الضريبية.
مندوبية التخطيط في عهد بنموسى تنتقد تعاطي الحكومات المتعاقبة مع تقاريرها
انتقدت المندوبية السامية للتخطيط، تعاطي الحكومات المتعاقبة، مع تقاريرها ووظيفتها كمؤسسة تق…