مصطفى الفن
عندما خلد الناس إلى النوم ليلة أمس الأبعاء، استيقظ القيادي في الأصالة والمعاصرة حكيم بنشماش ليحرر “بلاغا” أو لا بلاغ، في وقت متأخر من الليل، لم يكتف فيه بالهروب إلى الأمام واستبلاد الناس واستغبائهم.
بل إن السيد حرر بلاغا “سلطويا” حاول من خلاله تخويف وترهيب بعض الأقلام الصحفية التي “تجرأت” على الاقتراب من شخصه “المقدس” أو “تجرأت” على المرور من أمام فيلته الفاخرة بالرباط.
وقال بنشماش في بلاغه، الذي حرره بليل، إنه قرر مقاضاة موقعين إلكترونيين ومدونا وهذا الفقير إلى الله اعتقادا منه أن لغة الوعيد والتهديد ستقنع لا محالة الناس بأن الرجل الرابع في هرم الدولة “نقي” و”نزيه” ولا زال يركب دراجة نارية هي كل ما كان يملك عندما التحق بالبام.
أكثر من هذا العبث، لم ينس بنشماش في هذا البلاغ/التحفة من إعطاء الدروس للصحافيين قبل أن يتهم الأقلام الصحفية، التي تحدثت عن ثروته المفاجئة، ب”تحريف الرسالة النبيلة لمهنة الصحافة”.
وهنا لابد أن نقول إن بنشماش ضرب لنا مثلا ونسي خلقه وهو “يحاضر” في معنى الانتساب إلى مهنة المتاعب والشروط الأخلاقية والتربوية المطلوبة في الصحافي.
لكن، ألم يدع بنشماش بعظمة لسانه في اجتماع رسمي للمكتب السياسي أمام ذهول الجميع إلى ضرورة أن يخصص الأصالة والمعاصرة ميزانية خاصة لشراء صمت الصحافة وإرشاء الصحافيين؟
أوليس إرشاء الصحافيين وشراؤهم إفسادا وتحريفا للرسالة النبيلة لمهنة الصحافة من طرف “السياسي” بنشماش الذي ما عاد للسياسة في عهده ذلك المعنى النبيل الذي تركه لنا كبار الساسة والسياسيين من الأجيال السابقة؟
ومرة أخرى، أتحدى بنشماش أن ينفى هذه الواقعة المتعلقة بشراء الصحافة، التي تدعوه على الأقل إلى الصمت عوض هذا “الاستعلاء” الذي لا ينفع الناس ولا يمكث في الأرض.
وطبعا لن يقبل بنشماش رفع التحدي لأنه يعرف ماذا وقع في ذلك الاجتماع المشؤوم الذي دعا فيه هذا “السياسي النزيه” إلى شراء صحافة البلد ل”ممارسة السياسة بشكل مغاير”، كما كان يقال لنا في أدبيات الحزب.
وهنا أحيي تلك الأصوات النقية من المكتب السياسي، التي احتجت على بنشماش، حتى أن البعض منها خرج غاضبا من هذا الاجتماع ولم يعد إليه إلا بعد أن أكره صاحب “الفيلا” إلى سحب “اقتراحه” الداعي إلى “إفساد” الصحافة والصحافيين.
ثم ما الذي فعل هؤلاء الصحافيون الذين يريد بنشماش غير الحكيم جرجرتهم في المحاكم لتكميم أفواههم وتربيتهم وإرجاعهم إلى الصواب؟
في الحقيقة لا شيء سوى أنهم رددوا بصيغة أخرى ما تردد على ألسنة قياديين من الأصالة والمعاصرة تحدثوا هم أيضا وفي عدة منابر صحفية وبكل اللغات عن الثراء غير المبرر وعن تحرير السفينة من القراصنة وعن بعث رسالة بمضمون جاء فيه: “كلنا فاسدون”.
بل هناك من هؤلاء القادة من تحدث أيضا عن الغموض الذي اكتنف أوجه صرف الدعم الذي توصل به الحزب من الدولة وعن البيانات المالية الغامضة الخاصة بالحملات الانتخابية التي قدمت إلى المجلس الأعلى للحسابات.
إذن، لماذا هذا التشنج العضلي والنفسي إزاء ما كتب عن بنشماش كشخصية عمومية كنت شخصيا سأنشر وجهة نظره لو مثلا عقد ندوة صحفية ليشرح للصحافة وللناس ولمناضلي حزبه ما راج عن ثروته بدون هذا الهروب غير المجدي إلى الأمام.
نعم، كنت سأفعل ذلك سواء مع بنشماش أو غيره لأني صحافي وأميز بين الرأي وباقي الأجناس الصحافية الأخرى ولست “زانزان” يتلذذ وينتشي بالكذب على الناس وبمصائب الناس وبعذابات الناس.
أما اللجوء إلى القضاء يا صديقي بنشماش، ولو أنه يبقى حقك المقدس، فهو لا يعني، والحالة هذه، أنك بريء في أعين الناس لأن القضية أخلاقية في المقام الأول وليست قضية انتزاع حكم من زحام المحاكم.
وكنت سأخجل من نفسي لو قرأت في بلاغك أنك لا تملك أي فيلا أو أنك اشتريت فيلا بثمن أقل مما راج أو أنك اقنرضت قرضا بنكيا أو أن هناك أصدقاء في الحزب أو خارجه لم يتقبلوا أن تسكن في شقة فهبوا جزاهم الله خيرا لمساعدتك على شراء تلك الفيلا.
وكم وددت يا صديقي لو قرأت أيضا في بلاغك شيئا عن قصة تلك السيارة الفارهة التي تتحرك بها ابنتك المفششة بين شمال المغرب وجنوبه وهي التي لازالت لم “تشتغل” بعد.
وأقصد هنا سيارة “رونج روفر” التي تردد في أكثر من موقع صحفي ان ثمنها فاق 130 مليون سنتيم.
وماذا أيضا عن قضية انتقالك من كلية إلى كلية (من مدينة إلى أخرى) حيث تردد أنك أدمجت صفتك الحزبية في نهج سيرتك المرفق بالوثائق المطلوبة ليراع ربما “وضعك الاعتباري” وانتماؤك السياسي أثناء تصحيح ورقة الاختبار؟
ثم إن السي بنشماش لم يقل لنا أيضا أي شيء عما إذا كان يملك ممتلكات أخرى في بعض مدن الشمال أو لا، وكم له من حساب بنكي في هذه المدينة أو تلك وما هي حقيقة ذلك القرض البنكي بقيمة 400 مليون سنتيم الذي قيل إن بنشماش اضطر إلى اقتراضه في سياق استثنائي؟
فهذا ليس عيبا أو مسا بالكرامة أو الذمة المالية أن يجيب بنشماش كشخصية عمومية عن مثل هذه الأسئلة التي يطرحها الناس ليس خارج الحزب فقط بل حتى داخله.
وكان المطلوب من بنشماش أمام هذا الذي يتردد أن يحاور الصحافيين ب”التي أحسن” لا ب”التي هي أخشن” كما فعل في هذا البلاغ غير البليغ لا مبنى ولا معنى.
فما كل من ذهب إلى القضاء هو بالضرورة “نزيه” في نظر الناس، بل ما أكثر الذين يذهبون إلى القضاء لئلا تتحدث الصحافة النزيهة عن فسادهم.
وبالطبع، ف”نزاهة” السياسي لا تنزل من السماء في لحظة واحدة مثلما نزلت مائدة عيسى عليه السلام على قومه.
“النزاهة” مسار طويل وجبال من المعاناة بعضها فوق بعض، بل إنها طريق شاق ومتعب يفسرها الزمان وتعاقب الليل والنهار.
وليست “النزاهة” بلاغا في آخر الليل قال فيه بنشماش كل شيء إلا الحقيقة لم يقلها.
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…