وجهت الجمعية المغربية لحقوق الانسان رسالة مفتوحة بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية، إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت طالب تدعوه من خلالها إلى التدخل العاجل من أجل توفير الرعاية والعناية والعلاجات الصحية اللازمة لمرضى الصحة النفسية والعقلية.
وقالت الجمعية في رسالتها المفتوحة التي توصل “الأول” بنسخة منها: “وبعد؛ لا يخفى عليكم، السيد الوزير، أن هيئة الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية ستحتفل،كما في كل سنة، باليوم العالمي للصحة النفسية، في العاشر من أكتوبر الجاري؛ الذي اتخذت له منظمة الصحة العالمية،كشعار سنة 2022:” جعل الصحة النفسية والرفاهية للجميع أولوية عالمية”؛ علما أنه سبق لها أن وضعت “خطة العمل الشاملة للصحة النفسية 2013-2030 “، التي اعتبرت أن محددات وعواقب الصحة النفسية “لا تنحصر في الاضطرابات النفسية في صفات الإنسان الفردية مثل قدرته على إدارة أفكاره وعواطفه وسلوكياته وتفاعلاته مع الآخرين، وإنما تشمل أيضا عوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية وبيئية؛ مثل السياسات الوطنية والضمان الاجتماعي ومستويات المعيشة وظروف العمل…”.
وتابعت الجمعية: “وفي هذا السياق فإن منظمة الصحة العالمية، التي تُعَرِّف الصحة بكونها ” حالة من اكتمال السلامة البدنية والعقلية والاجتماعية”، استشعرت خطورة الوضع حين اكتشفت: أن المصابين بالاضطرابات النفسية يعانون من ارتفاع ضخم في معدلات العجز والوفيات؛ فعلى سبيل المثال “تزداد احتمالات الوفيات المبكرة بين المصابين بالاكتئاب الشديد و الفصام بنسبة 40 % إلى 60 % مقارنة بعامة الناس، لكونهم يصابون بأمراض جسدية وتترك بدون علاج”؛ وأن الوفيات بسبب الانتحار وسط الشباب تأتي في المرتبة الثانية بين أكثر أسباب الوفاة بين الشباب في أنحاء العالم، وهو يعد ثالث سبب رئيسي للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عامًا؛ معاناة ما بين 10 و20 % من الأطفال والمراهقين في جميع أنحاء العالم من مشاكل خاصة بصحتهم النفسية؛ وأن أكثر من 20 % من البالغين من العمر 60 سنة وما فوق يعانون اضطراب نفسي وعصبي، وخاصة من الاكتئاب والخرف”.
وأضافت الجمعية المغربية لحقوق الانسان، “من المؤسف حقا، أن بلادنا تقع ضمن دائرة الدول التي تفتقر إلى البنيات الاستشفائية، رغم وفرة ثرواتها وعظمة مواردها، ووجود تشريعات في الموضوع؛كالظهير رقم:295-58-1،الصادر في 30 أبريل 1959، بشأن الوقاية من الأمراض العقلية ومعالجتها وحماية المصابين بها؛ وأحكام الدستور، لاسيما المادة 34 منه؛بالإضافة إلى المعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة.أما مشروع القانون رقم 13-73 المصادق عليه في مجلس الحكومة بتاريخ 2 يوليوز 2015، والذي هو بمثابة عصرنة وتحديث للظهير المشار إليه سابقا، فقد بقي مركونا في الرفوف ولم يحظ بأية مناقشة إلى يومنا هذا، لا من طرف العاملين في القطاع على قلتهم، ولا من طرف البرلمان”.
وأفادت الجمعية في رسالتها المفتوحة لوزير الصحة، “ولعل من بواعث القلق أن غياب المعطيات المكتملة؛ إن لدى وزارة الصحة أو عند المفوضية السامية للتخطيط؛ سواء من حيث عدد المصابين بالاضطرابات النفسية والفئات المتضررة من الأطفال والشباب والنساء والمسنين؛ أو من جهة تحديد أسباب تفشي الظاهرة؛ يحبط كل مسعى للإحاطة بحقيقة وضعية الصحة النفسية ببلادنا.ورغم أهمية وما يحتويه التقرير الذي أنجزه المجلس الوطني لحقوق الإنسان في غضون سنة 2012، تحت عنوان ” الصحة العقلية وحقوق الإنسان: الحاجة الملحة إلى سياسة جديدة”، والذي كشف فيه على مظاهر الاختلال والنقص في مؤسسات الطب النفسي، وعلى البنيات التحتية التي وصفها بالعتيقة وغير ملائمة، وخصاص في التجهيزات وخراب المتوفر منها، وقلة الموارد البشرية وانعدام شروط أمنها، وقصور في الخدمات المقدمة ونقص فيها، وغياب التكفل والحماية للمجموعات المعرضة للخطر كالأطفال والنساء والمسننين والمدمنين، وندرة في المؤسسات الخاصة وفراغ في القانون…؛ فإن الواقع الحالي لا يختلف عما سبق ذكره.ذلك أن ما توفره شوارع وأزقة المدن والقرى من معطيات تشهد وتنطق بحال أوضاعنا في مجال الحق في الصحة البدنية والعقلية؛ إذ ضاقت ذرعا بعدد المشردين/ات، الذين يعانون من الاضطرابات العقلية/النفسية، وتشير، بما لا يحتاج إلى كثير من الجهد،إلى خطورة الوضع بسبب انعدام الوقاية والرعاية”.
وأكدت الجمعية على أنه “سيبقى تاريخ “بويا عمر”، كمكان للتخلص من المرضى من ذوي الاضطرابات العقلية وكسجن لاحتجازهم وتعذيبهم عبر الضرب والتكبيل بالسلاسل الحديدية والحبال، وصمة عار في تاريخ انتهاك الحق في الصحة العقلية والنفسية في بلادنا،وسيظل علامة إثبات على الجرائم التي تستحق المساءلة وعدم الإفلات من العقاب. كما أن التعبير عن الواقع المأساوي والمتناقض يأتي في بعض الأحول من المسؤولين أنفسهم ولكن دون أن يشعروا بخطورة الاختلالات وعواقبها ودون أن يفكروا في مخرجات العلاج والوقاية. وهكذا ففي الوقت الذي تقر فيه وزارة الصحة أن 40 % من المغاربة الذين تفوق أعمارهم 15 سنة يعانون من أمراض عقلية ونفسيةوأن عدد الأسرة المخصصة لهم لا تفوق 2238 سريرا وأن عدد الأطباء لا يتجاوز 290 طبيبا نفسيا موزعون بين القطاع العام والخاص، علما أن أغلبهم يعمل في المدن الكبرى وخاصة الدار البيضاء والرباط وطنجة،فإن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تؤكد على أن بلادنا تتوفر على 7090 زاوية وضريحا؛ مما يدل على أن الدولة تقر بالإهمال واللامبالاة وترعى بوعي ثقافة الشعوذة والخرافة؛ وهو الأمر الذي أقر به وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية حين صرح في إحدى جلسات مجلس النواب سنة 2018، جوابا على سؤال يتعلق بالتصدي للاستغلال عن طريق ممارسة الرقية الشرعية بأن ” منع الرقية يبقى بيد العلماء ولا يدخل ضمن اختصاص الوزارة” وأدرجها ضمن السوق التي تخضع ” للعرض و الطلب”، وأضاف أن تقنينها ” يحتاج إلى عمل مشترك بين وزارة الأوقاف وقطاعات حكومية أخرى، من بينها وزارتا الداخلية والصحة”، بينما هي في الواقع جزء من الشعوذة والاتجار في مآسي المواطنات والمواطنين واستغلال خوفهم من المرض باسم الدين”.
وطالبت الجمعية بـ” الوفاء بما تتعهدون به من خطط وبرامج، كما هو الشأن بالنسبة لخطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان التي نصت، من بين ما نصت عليه علاقة بالموضوع، على التدابير 127، 139 و145، في المحور الفرعي الثالث: الولوج إلى الخدمات الصحية؛ القاضية بالإسراع بالمصادقة على مشروع القانون المتعلق بمكافحة الاضطرابات العقلية وبحماية حقوق الأشخاص المصابين بها؛ والنهوض بالصحة النفسية والعقلية وتحفيز طلبة الطب على التخصص في الطب الشرعي والطب النفسي والوظيفي وتوفير المناصب المالية اللازمة لذلك، والتقيد بما توقعونه وتصادقون عليه من اتفاقيات أممية في مجال حقوق الإنسان،والالتزام بالتعامل الجدي والمسؤول مع الآليات الأممية، التعاقدية والمساطر الخاصة”.
كما دعت الجمعية آيت طالب إلى ” اتخاذ إجراءات مستعجلة لإيجاد حل لمرضى الاضطرابات النفسية المشردين/ات في شوارع وأزقة المدن والقرى، بما يضمن حقهم/ن في العلاج والحماية والوقاية، وفق ما تنص عليه الاتفاقيات الأممية ذات الصلة،ومن خلال إعمال الاستنتاجات والتوصيات الواردة في تقارير المقرر الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية، الذي يجري عرضها على دورات مجلس حقوق الإنسان، والكف عن الاستمرار في سياسة هدر الموارد في رعاية الفكر الخرافي وتشجيع الشعوذة، عوض الاستثمار في الصحة والتعليم، بما يناسب العصر الذي نعيش فيه ويستشرف المستقبل، لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على كرامة أجيال بلادنا بين الأمم التي تتسابق نحو النهوض بالحقوق والحريات”.
قرعة كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات (المغرب 2024).. لبؤات الأطلس في المجموعة الأولى إلى جانب كل من الكونغو الديمقراطية والسنغال وزامبيا
أسفرت قرعة كأس أمم إفريقيا للسيدات (المغرب 2024)، التي جرت اليوم الجمعة بمركب محمد السادس …