محمد أغبالو
اليوم يدخل الصحافي سليمان الريسوني يومه السادس من الإضراب عن الطعام والماء، يعني ذلك أن مرحلة الخطر بدأت تلوح في الأفق.. فهل سنبقى على حالنا هكذا نتفرج على مشهد الموت المرعب.
هل سنعيد تكرار المشهد السوريالي الذي شهده منتصف الثمانينات، بعد استشهاد الشابين مصطفى بلهواري ومولاي بوبكر الدريدي، حيث أجاب الزعيم عبد الرحيم بوعبيد، عندما تم طرح السؤال عليه حول الإضراب عن الطعام الذي كان يخوضه آنذاك المناضلين التقدميين بلهوراي والدريدي. فكان جواب بوعبيد: “إنهما لم يختارا الوقت المناسب للإضراب”. فهل سننتظر وفاة الريسوني، لنكرر نفس الجواب يا عقلاء البلد وحكمائه.
نعم، قد يكون سليمان الريسوني “تحمس” بشكل كبير في الدفاع عن بعض الملفات.. فهل يستحق أن نتركه يموت بسبب ذلك!؟
وربما قاده هذا الحماس إلى عدم الانتباه إلى أنه “يدوس” على الكثير من “الخطوط الحمراء”. فهل يستحق أن نعاقبه بتركه يموت!؟
نعم.. استماتته في الدفاع عن بعض القضايا .. جعله يخلق لنفسه الكثير من العداوات وأغضب الكثير من الجهات والأطراف.. لكن هل هذا مبرر كي نتركه يموت!؟.
أياما قليلة بعد اعتقال الصحافي توفيق بوعشرين، التقيت سليمان الريسوني.. كان وجهه مسودّا، حزينا للغاية، محبطا، غير قادر على الحديث، يكرر جملة واحدة “الظلم خايب”.
سليمان الريسوني مثقف كبير، متحدث جيد، يتقن فن الخوض في العديد من المجالات المعرفية والسياسية والحياتية، موسوعي الثقافة، حاد في نقاشه ومستفز في الكثير من الأحيان.
سليمان الريسوني إنسان بقلب كبير، باب منزله كان دائما مفتوحا أمام أصدقائه، حيث كان صالون بيته فضاء للنقاش وتبادل الأفكار بين معارفه وأصدقائه الكثر، الذي يمثلون شرائح مختلفة وتيارات فكرية متنوعة، ومرجعيات سياسية وثقافية متعددة.
اليوم سليمان الريسوني، يخوض معركة الأمعاء الفارغة، مضرب عن الطعام والماء، في خطوة، من الواضح أن دافعه إليها هو اليأس.
أنا لن أناقش ملف القضية، لن أتحدث عن طبيعة التهمة، لن أدخل في تفاصيل الاعتقال الاحتياطي. أنا ما يهمّني اليوم، وفي هذه اللحظة بالذات، هو إنقاذ حياة إنسان، وفاة إنسان ليس بالأمر الهين، ليس بالأمر العادي، حتى وإن كنا قد اعتدنا على مشاهد الموت المجاني.
اليوم. على عقلاء الوطن أن يتدخلوا، على أصحاب النيات الحسنة أن يتدخلوا، على الخائفين على سمعة الوطن، أن يتدخلوا.
الدولة أكبر من الإطار الذي يحاول البعض، خندقتها فيه. الدولة لا تنتقم.. الدولة هي العقل الأسمى، هي الحاضنة لكل أبنائها. ومنطق الدولة يقتضي أن حق الحياة أولوية الأولويات. حق مواطن من مواطنيها هو الأولوية.
إن إنقاذ حياة هو إنقاذ للناس جميعا، هو إنقاذ للحياة بكل معانيها، فإن لم يكن من أجل سليمان الريسوني، فمن أجل ابنه الرضيع، الذي لم يسعد برؤيته إلا شهورا قليلة قبل اعتقاله.
ابنه هاشم (المسمى على اسم عمه الذي قتل وهو يحرث أرضه)، يستحق أن يرى أباه على قيد الحياة.
أناشدكم باسم الإنسانية أن تتدخلوا لإنقاذ حياة سليمان الريسوني..
بل أرجوكم باسم الرحمة، أن تتدخلوا “ولّي غلب يعفّ”..