قال “قاضي طنجة” محمد نجيب البقاش، الذي أدانته غرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بجرائم الأموال بالرباط، أول أمس الأربعاء، بثلاثة أشهر سجنا نافذة، بتهمة تلقي رشوة من مواطن تونسي مقيم في طنجة، إن الحكم كان صادما ومتوقعا في الآن ذاته، نظرا لحجم التأثير الذي مارسته الحكومة، بدءً برئيسها ومرورا بوزير عدلها، ووصولا إلى العديد من الوزراء المنتمين إلى حزب العدالة والتنمية، على مجريات المحاكمة.
وعلق البقاش، في اتصال مع موقع “الأول”، على الحكم قائلا: “أستحيي أن أصف هذا الحكم، وأحتفظ بموقفي حتى لا أتهم بتحقير حكم قضائي” مضيفا: “وحده محضر المواجهة ينسف هذه القضية وينهيها”.
واعتبر البقاش أن الحكومة أثّرت منذ بداية توقيفه على القضاء عندما أدانته تصريحات بعض أعضائها قبل أن يدينه القضاء، مضيفا أن “الملف بُني منذ البداية على الضجة التي أثارها مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، والعديد من وزراء حزب العدالة والتنمية”.
وهاجم البقاش رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران واصفا إياه بـ”الكاذب” وقال: “بنكيران ضلل الرأي العام في البرلمان عندما قال إن رجال الأمن اعتقلوني ومبلغ الرشوة بين يدي، كما أنه استخسر في أن يستقبلني زملائي القضاة “استقبال الأبطال” بعدما اطلعوا على ملف متابعتي، وخصوصا مواجهتي مع المواطن التونسي الذي يتهمني، فوجدوا أنها تبرئني وتورط من اتهمني”.
وأكد البقاش أن قرار عزله الذي صدر بينما المحكمة الجنائية لازالت تناقش الملف، فيه خرق سافر للدستور وللقاعدة الجنائية التي تقول “الجنائي يَعْقِلُ التأديبي” أي أن البحث الجنائي يوقف القرارات التأديبية.
واعتبر “قاضي طنجة” بأنه “قبل مجيء الرميد على رأس وزارة العدل، كان كل الوزراء يوقفون المحاكم التأديبية إلى حين صدور القرار الجنائي، إذا كان القاضي محط متابعة جنائية”، مضيفا: “الرميد وحده من خرق هذه القاعدة ضاربا عرض الحائط التزامات المغرب الدولية”.
وتابع البقاش قائلا إن “قرار عزلي كان مؤثرا على قاضي المحكمة الابتدائية، فبالرغم من أن الملف كان فارغا من كل ما من شأنه إدانتي، وبالرغم من أن مواجهتي مع المواطن التونسي الذي اتهمني، أثبتت براءتي، فإن القاضي لم يجرؤ على مخالفة ما ذهب إليه المجلس التأديبي الذي يتحكم في مصير القضاة”.
وأكد “قاضي طنجة” أن الملف “كان فارغا من أية وسيلة إثبات، لأنني منكر في جميع المراحل، كما أنه لا توجد أية حالة تلبس، لأن المبلغ المالي موضوع الرشوة، تم ضبطه في سيارة المشتكي، تحت الكرسي الذي كنت أجلس فيه”.
واعتبر البقاش أن توقيفه كان بناء على شكاية شفوية، وأن “وزير العدل استقبل المواطن التونسي، مع أن مئات المغاربة يتمنون أن يستقبلهم ولا يفعل ولا يمكنه أن يفعل ذلك”، مضيفا: “بعدها حرّك الرميد الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي بقيت تتربص بي مدة 15 يوما، إلى أن جاءت الليلة التي كنت أعتزم فيها السفر خارج المغرب، حيث وجد المواطن التونسي، الذي كانت تربطني به صداقة عائلية، أن شكايته “الكيدية” ستذهب سدى، حينها أصر على مقابلتي بعدما وضع المبلغ المالي في سيارته، وهو عاقد العزم على التضحية بي، لإنقاذ نفسه من تهمة تقديم وشاية كاذبة”.
وقال البقاش بأن المواطن التونسي جاءه، لاحقا، مصحوبا بوزوجته، وهو يبكي، ثم اعتذر له بحضور المحامين، فـ”سألته أمامهم: هل سبق لي أن طلبت منك رشوة؟ فأجاب بالنفي، وأضاف: لقد دخلت في دوامة ولم أجد بدا من التضحية بك”. وعلق البقاش على ذلك قائلا: “للأسف لم يتم توثيق هذا الاعتراف”.
وتابع “قاضي طنجة” بأنه قال لوزير العدل أثناء مواجهته: “قم بإحصاء أملاكي، فلن تجد في ملكيتي غير منزل اقتنيته بقرض مائة بالمائة” مضيفا: “لولا العائلة والأصدقاء، لكنت اليوم مشردا في الشارع رفقة عائلتي”.
عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019
صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…