على غرار دول العالم يحتفى المغرب اليوم بعيد العمال، الذي يصادف فاتح ماي من كل سنة، للتأكيد على الدور الفعال لفئة العمال.

عيد الشغل بأكبر مدينة في المغرب من حيث المساحة والعدد السكاني، فقد شيئا من بريقه، حيث ظهرت أغلب النقابات بحضور باهت، باستثناء نقابة الاتحاد المغربي للشغل، التي خلدت العيد بتنظيم مهرجان خطابي ألقيت خلاله كلمات مختلف القطاعات التابعة لها.

وبحسب ما عاينه “الأول”، فقد بدا العيد الأممي للشغل في البيضاء بشكل باهت يطبعه البرود، بحيث افتقر إلى الزخم الذي كان يطبع احتفالات الطبقة العاملة في السنوات الماضية، وإلى المطالب الاجتماعية التي ترفع عادة بقوة.

وأرجع بعض القادة النقابين الذين استفسرهم “الأول”، حول الأمر، إلى انعكاس مصادقة الحكومة والمركزيات النقابية على الاتفاق الاجتماعي الذي جاء بمكتسبات للأجراء، بالقطاعين الخاص والعام، و على رأسها الزيادة العامة بأجور موظفي الإدرات العامة والجماعات الترابية، إضافة إلى الرفع من الحد الأدنى للأجور بالقطاعين العام و الخاص ومراجعة جدول احتساب الضريبة على الدخل، “انعكاس” على المشاركة المكثفة في المسيرات والتجمعات التي نظمتها النقابات العمالية.

من جهة أخرى قال، الميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، في خطابه بهذه المناسبة إن “الأزمة خلقت آثارا كارثية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة المغربية وعموم الأجراء والفئات الشعبية، عنوانها الأبرز، التضخم الصاروخي وارتفاع الأسعار وضرب القدرة الشرائية لعموم الفئات الشعبية”.

واعتبر موخاريق أنه إضافة إلى نسبة الفقر التي بلغت 20 في المائة سنة 2022، تدهورت الأوضاع المعيشية لحوالي 3 ملايين و200 ألف شخص إضافي.

وشدد موخاريق على أنه بالموازاة مع التسريح الجماعي لآلاف العمال، ارتفعت نسبة البطالة إلى 8,13 في المائة، مما زاد من حدة تعميق الفوارق الطبقية والمجالية والهشاشة الاجتماعية. موضحا أن ما آلت إليه أوضاع الطبقة العاملة وعموم الفئات الشعبية من تدهور صارخ، يثبت مرة أخرى، مصداقية تحاليل الاتحاد المغربي للشغل وجِدِّية مواقفه، بضرورة إعادة النظر في الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية التي تظل وفية لوصفات المؤسسات النقدية الدولية المعروفة، بإغراق الدول في المديونية وتكريس التبعية واستنزاف خيرات الشعوب ضدًّا على مصالحها الحيوية.

وأكد الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل أنه وأمام هذه الأوضاع المتردية وتفاقم الاحتقان الاجتماعي في عدة قطاعات مهنية، تظل الحكومة عاجزةً عن اتخاذ إجراءات ملموسة وجدِّية للتخفيف والحد من وطأة لهيب الأسعار، والضرب بقوة على يد المضاربين والوسطاء الذين يستمرون بكل جشع في الاغتناء غير المشروع ودون حس وطني أو تضامني.

وبخصوص ملف إصلاح أنظمة التقاعد، أوضح موخاريق، أنه تم الاتفاق مع الحكومة على المبادئ العامة، معتبرا أن الاتحاد المغربي للشغل الذي يعتبر هذا الملف من المواضيع الشائكة التي تستوجب مقاربة مجتمعية تتعدى المقاربة التقنية الضيقة. داعيا في الوقت ذاته الدولة إلى ضرورة تحمل مسؤوليتها في تدبير الأنظمة وعلى رأسها نظام المعاشات المدنية، مع ضرورة الحفاظ على مكتسبات الموظفين والموظفات وكافة الأجراء، وعبر عن رفضه للثالوث الذي وصفه ب”الملعون” المكون من الرفع من السن إلى 65 سنة، والرفع من المساهمات، والتخفيض من المعاشات.

وبشأن قانون الإضراب الذي أعلنت الحكومة عن وضعه على طاولة النقاش، أشار موخاريق إلى أن الاتحاد المغربي للشغل يرفض الإجهاز عن هذا الحق الدستوري وسيبقى رافضا لأي قانون لا يضمن حرية ممارسة حق الإضراب وحماية الحرية النقابية والممثلين النقابيين والعمال المضربين.

في الجانب الاخر قالت نقابة “الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب” أن عيد الشغل يتسم هذه السنة باستمرار الارتفاع المهول لجل المنتجات والخدمات الأساسية، وعلى رأسها المحروقات.

واعتبر الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أن الاتفاق الموقع بين الحكومة والنقابات، يوم 29 أبريل 2024، “اتفاق غموض”.

واستنكرت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب (ذراع حزب العدالة والتنمية)، في بيان لها، عدم الوضوح في الاتفاق فيما يخص المحور التشريعي، حيث لم تقدم بنود الاتفاق أي رؤية مندمجة موحدة تحدد الخطوط العريضة للقانون المنظم للحق في الإضراب وقانون النقابات ومراجعة قانون مدونة الشغل، ولا أي جدولة صريحة لإصدارها.

وأكدت النقابة أن الحكومة تنكرت لمجموعة من الالتزامات الحكومية السابقة، من قبل الدرجة الجديدة والتعويض عن المناطق النائية والصعبة، وتحسين شروط الاستفادة من تعويض صندوق فقدان الشغل، وكذا تجاهل القانون المنظم للنقابات وإصلاح النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.

وعبر الذراع النقابي لحزب “العدالة والتنمية”، عن رفضه المس بحقوق الشغيلة المغربية ومكتسباتها في الملفات الاجتماعية الكبرى كالتقاعد، والحق في الإضراب وإقصاء المتقاعدين وبعض مكونات الشغيلة المغربية من الزيادة العامة في الأجور والالتفاف على حقوقها.

كما نددت النقابة، بترحيل الزيادة في الأجور بالنسبة للقطاع الخاص إلى السنوات القادمة، معتبرة أن ذلك يمثل التفافا غير مبرر لحق شغيلة القطاع الخاص في زيادة مباشرة حقيقية.

وعبر الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب عن أسفه لمنهجية الحكومة في تدبير الحوار الاجتماعي المركزي، مؤكدا انحيازه التام للشغيلة الوطنية ولمطالبها العادلة والمشروعة لتحقيق الإنصاف الاجتماعي وتحصين مكتسباتها.

كما اعتبر الاتحاد، أن برمجة التخفيض الضريبي ومنهجيته الانتقائية، على أهميتها، لن تحقق العدالة الجبائية المنشودة، منددا بعدم الوضوح في الاتفاق فيما يخص المحور التشريعي، حيث لم تقدم بنود الاتفاق أي رؤية مندمجة موحدة تحدد الخطوط العريضة للقانون المنظم للحق في الإضراب وقانون النقابات ومراجعة قانون مدونة الشغل، ولا أي جدولة صريحة لإصدارها.

وعبر الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، عن استغرابه عدم تضمين الاتفاق لإجراءات عملية قصد مراجعة الترسانة القانونية المؤطرة لانتخابات اللجان المتساوية الأعضاء وانتخابات مناديب العمال ، وعدم تضمين الاتفاق لحلول تضمن طي الملفات الفئوية، والاستمرار في تسويف هذه الملفات إلى آجال غير معلومة.

التعليقات على فاتح ماي باهت.. هل أثرت الزيادات في أجور الموظفين على التجمعات؟ مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

هل أصبح زياش حجرًا ثقيلاً في حذاء المنتخب الوطني؟

أثارت تصرفات حكيم زياش خلال المباراة التي جمعت المنتخب الوطني المغربي بنظيره الغابوني في ت…