في مثل هذا اليوم قبل ست سنوات، توفي المفكر والفيلسوف المغربي محمد عابد الجابري، الذي خلف 30 مؤلفاً في قضايا الفكر المعاصر، أبرزها “نقد العقل العربي”، الذي تمت ترجمته إلى عدة لغات أجنبية، كما كرّمته اليونيسكو لكونه “أحد أكبر المتخصصين في فلسفة ابن رشد”.
ولد محمد عابد الجابري نهاية عام 1935 في مدينة فكيك شرقي المغرب، وارتقى في مسالك التعليم|، حيث قضى فيه 45 سنة مدرسا ثم ناظر ثانوية ثم مراقبا وموجها تربويا لأساتذة الفلسفة في التعليم الثانوي، ثم أستاذا لمادة الفلسفة في الجامعة، وحصل عام 1967 على دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة، ثم دكتوراه الدولة في الفلسفة عام 1970 من كلية الآداب التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، وعمل أستاذا للفلسفة والفكر العربي والإسلامي بالكلية نفسها.
وانخرط الجابري في خلايا المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي للمغرب بداية الخمسينيات من القرن الماضي، وبعد استقلال البلاد اعتقل عام 1963 مع عدد من قيادات حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، كما اعتقل مرة ثانية عام 1965 مع مجموعة من رجال التعليم إثر الاضطرابات التي عرفها المغرب خلال هذه الفترة.
وكان الجابري أيضا قياديا بارزا في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية فترة طويلة، قبل أن يقدم استقالته من المسؤوليات الحزبية في أبريل عام 1981 ليتفرغ للإنتاج الفكري، وكان له أيضا نشاط في المجال الإعلامي، حيث اشتعل في جريدة “العلم” وجريدة “المحرر”، وساهم في إصدار مجلة “أقلام”، وكذا أسبوعية “فلسطين” التي صدرت عام 1968.
وحصل محمد عابد على عدة جوائز، منها جائزة بغداد للثقافة العربية، اليونسكو سنة 1988، والجائزة المغربية للثقافة سنة 1999، وجائزتي الدراسات الفكرية في العالم العربي ورواد سنة 2005، وميدالية ابن سينا بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة سنة 2006، وجائزة إبن رشد للفكر الحر سنة 2008.
كما اعتذر الجابري عن عدة جوائز، منها في أواخر الثمانينات عن الترشيح لجائزة الرئيس صدام حين التي كانت قيمتها 100 ألف دولار، واعتذر عن جائزة المغرب مرارا، واعتذر سنة 2001 عن جائزة الشارقة الشارقة التي تمنحها اليونسكو التي كانت قيمتها 25 ألف دولار، كما اعتذر سنة 2002 عن جائزة العقيد القدافي لحقوق الإنسان التي كانت قيمتها 32 ألف دولار، واعتذر عن العضوية في أكاديمية المملكة الكمغربية مرتين.
للجابري عدة مؤلفات منها “العصبية والدولة: معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي”، وهو نص أطروحته لنيل الدكتوراه، و”أضواء على مشكل التعليم بالمغرب”،-“مدخل إلى فلسفة العلوم (جزآن)”، “من أجل رؤية تقدمية لبعض مشكلاتنا الفكرية والتربوية”، “نحن والتراث: قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي”، إلخ…
وتوفي المفكر الجابري يوم الاثنين 03 ماي عام 2010 م بالدارالبيضاءعن سن يناهز 75 سنة، بعد معاناة طويلة مع المرض.