“كيف أصبحت هكذا”
كل إنسان له اختيارات في الحياة، ولكل اختيار من هذه الاختيارات حكاية يتداخل فيها الذاتي والموضوعي، ويحضر فيها أشخاص ووقائع وكتب ومواقف… وتغيب تفاصيلها عن الناس حتى يعتقد بعضهم أن الكاتب أو المبدع ولد بكامل الوعي والإبداع الذي عرفه به الناس، أو أن الإسلامي ولد إسلاميا واليساري يساريا…
مع القيادي بالحزب الإشتراكي الموحد مصطفى مفتاح
إعداد: علي جوات
فتحت عيني على أب قادم من المقاومة. من أصدقائه الحميمين بوشعيب الحرري الذي أذكر كيف كانت آثار التعذيب بادية على جسده. من هنا بدأت تتكون نظرتي عن القمع الذي ووجه به المناضلون والمقاومون.
من الأحداث التي كان لها تأثير في مساري هي حرب الفيتنام فقد كنا نصبح ونمسي على أخبار هذه الحرب في التلفزيون. كانت الفيتنام دولة متخلفة وفقيرة ومع ذلك استطاعت أن تهزم أكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم. ثم جاءت هزيمة 67، وأعقبتها انتفاضت ماي 68 في فرنسا وغيرها من الأحداث التي ساهمت في نشأة وعي جيل بأكمله.
جيلنا عموما كان متأثرا بشكل كبير بموسيقى “البوب”، وقد كنت رفقة أحد أصدقائي، كنا نلقبه “جيمي” نسبةً إلى المغني وعازف الغيتار الأمريكي الشهير Jimi Hendrix، عاشقين لموسيقى البوب، وقد شرعنا في تأسيس فرقة موسيقية خاصة بنا، غير أن صديقي سرعان ما توجه إلى اليسار فتبعته بدوري، فضاعت الفرقة الموسيقية. كان صديقي هذا يقطن بحي المسجد، بالدار البيضاء، وهو الحي الذي كان يسكنه تلاميذ ثانوية مولاي عبد الله وثانوية محمد الخامس، الذين كان عدد كبير منهم مرتبطين بتنظيم “23 مارس” الماركسي اللينيني. كان الطاهر المحفوظي هو من يشرف على استقطاب وتأطير هؤلاء التلاميذ . في هذا السياق التحقت فكريا ثم تنظيميا باليسار.
التحاقي التنظيمي لم يكن بالسهولة التي يمكن تصورها، فلم يكن بمستطاع أي كان أن يلتحق من تلقاء نفسه بتنظيم يساري سري، إذ كانت عملية الاستقطاب تتم من داخل أماكن العمل أو من وسط القطاع التلاميذي، وبما أنني كنت واعيا بهذا الأمر فقد بدات أحوم حول أحد أصدقائي وهو الدكتور صلاح الدين الجباري، فقد كان هذا المناضل هو العنصر الأول البارز في التنظيم بثانوية الخوارزمي التي كنت أدرس بها، هكذا ارتطبت بالتنظيم السري فعليا وأصبحت عضواً في النقابة الوطنية للتلاميذ رسمياً وأنا في 17 سنة من العمر. بالرغم من أنني كنت أطلع على أدبيات النقابة قبل التحاقي.
كان أول اجتماع تنظيمي دعيت لأحضره مقررا أن يتم في أحد المنازل بحي “لارميطاج”. حضرت في الوقت المتفق عليه وبقيت أنتظر قبل أن اعود أدراجي. بعد أيام قصدت أحد أصدقائي المسؤولين في التنظيم أخبره أن المناضلين في ثانوية الخوارزمي غير منضبطين ولم يحضروا الاجتماع الذي دعوني إليه، فأجابني بأن الاجتماع انعقد في المكان والزمان المحدد له، وأنني أقصيت منه بسبب أن الرفاق شاهدوني وأنا أمر من شارع الفداء مع أحد التروتسكيين، وهذا هو السبب الذي جعلهم يتحفظون علي. وإلى الآن، لم أعرف من كان ذلك التروتسكي الذي قد أكون مررت بجانبه أو التقيته دون علم مني بهويته الأديولوجية. بعد حوالي شهر من ذلك، أصبحت أحضر الاجتماعات، ثم تدرجت إلى أن تحملت مسؤوليات عديدة في التنظيم (23 مارس).
كان من أولى الكتب الماركسية التي اطلعت عليها، كتاب عن الفيتنام الشمالية، قدمه لي طالب لا أذكر اسمه كان يدرس في كلية الحقوق، وطلب منه والدي أن يراجع معي دروسي. لاحقا، وأنا ما بين 14 و16 سنة، سوف أقرأ كتاب Une introduction à l’économie politique للكاتبين التروتسكيين بييير سلامة وجاك فاليي. فرغم أن تكويني كان علميا إلا أن الكتابات الاقتصادية كانت تستهويني.
ملف “إيسكوبار الصحراء”.. النيابة العامة تردّ على طلبات الدفاع بخصوص استدعاء أحمد أحمد ومسؤولين في البرلمان
في أول ردّ لها على طلبات دفاع المتهمين في ملف مابات يعرف بأسكوبار الصحراء، المعتقل على خلف…