“كيف أصبحت هكذا”

كل إنسان له اختيارات في الحياة، ولكل اختيار من هذه الاختيارات حكاية يتداخل فيها الذاتي والموضوعي، ويحضر فيها أشخاص ووقائع وكتب ومواقف… وتغيب تفاصيلها عن الناس حتى يعتقد بعضهم أن الكاتب أو المبدع ولد بكامل الوعي والإبداع الذي عرفه به الناس، أو أن الإسلامي ولد إسلاميا واليساري يساريا…

مع القيادية بحزب العدالة والتنمية: أمينة ماء العينين

إعداد: علي جوات

نشأت في وسط محافظ ومتدين، كما أن والدي كان فقيها وحاملا لكتاب الله يلجأ اليه الناس للسؤال في أمور الدين وعلم المواريث وغيرها، وبحكم نشأتي في زاوية الشيخة يحاندو ابنة الشيخ ماء العينين.
تعرفي على “الاسلام الحركي” كان مبكرا بفضل سيدة لازلت أحفظ جميلها، كانت طالبة ناشطة في صفوف الطلبة التجديديين، أي التمثيل الطلابي لحركة الاصلاح والتجديد قبل الوحدة.
كنت انتظر وصولها وأنا في بلدتي عائدة من الجامعة لأستمع لحديثها، وأطلب منها أن تمدني بالكتب والمطبوعات، لقد كنت أقف مبهورة أمام ما كانت تحكيه حول أجواء النضال الطلابي، وكنت أطرح عليها الأسئلة عن كل شيء، كما أنني كم تمنيت وأنا طفلة أن أكبر سريعا لأعيش تلك الأجواء التي كانت تعيشها هي.
أتذكر أني كنت أخوض معها في مواضيع عديدة، وأقرأ كل كتبها بينما هي كانت دائما تذكرني بسني وتقول لي “انت باقي صغيرة”، كنت أحس أن ملاحظتها جارحة، وأحاول أن أثبت لها أنني أستوعب كل ما أسمعه وأقرؤه.
وبعد التحاقي بالاعدادي ومغادرتي لبلدتي الصغيرة، انخرطت في العمل التلاميذي لحركة الاصلاح والتجديد، واستمر الأمر بانخراط أكبر في الثانوي حيث كنا ننظم الأسابيع الثقافية والتظاهرات من خلال جمعية رائدة في نهاية التسعينات أوج تأثير الحركة الجمعوية ونشاطها.
في مرحلة الثانوي التحقت رسميا بحركة التوحيد والاصلاح ثم بحزب العدالة والتنمية، حيث كانت أول تجربة تنظيمية هي المشاركة في الحملة الانتخابية لتشريعيات سنة 1997 حيث ساندت بقوة أستاذي جامع المعتصم مرشح الحزب آنذاك بمدينتي.
بالرجوع إلى بدايتي، لم أتخلص من حس النقد والنضال منذ الابتدائي، حيث كنت أحرر رسائل للادارة ضد من كنا نعتبرهم أساتذة متهاونين في مدرسة القرية الصغيرة، وفي الاعدادي حيث كنت أقطن في الداخلية خضت مع زملائي اضرابا عن الطعام وتمردا انتهى باعفاء الحارس العام للداخلية والمدير معا.
وفي الثانوي كان مؤطرونا في العمل التلامذي يخشون علي بسبب انخراطي الكبير في العمل الحركي والمبادرات النضالية داخل الثانوية، من أن يأثر ذلك على دراستي التي كنت متفوقة فيها بشكل لامع، لكني كنت أطمئنهم بكوني قادرة على الجمع بين التفوق والنضال، وهو ما كان حيث اخترت مهنة الصحافة لاستكمل مسار النضال كما كنت أحلم. التحقت بالمعهد العالي للاعلام والاتصال بعد الباكلوريا وشاءت الاقدار أن أغادره لظروف خاصة.
من جهة أخرى كان أستاذي في الفلسفة، اليساري، يشجعني لتفوقي وحذرني يوما من اختيار شعبة الدراسات الاسلامية او الشريعة لعلمه بانتمائي الحركي، ولازلت أتذكر أنني أجبته: لايمكن أن أدرس الشريعة او الدراسات، فإن لم أكن صحفية، فسأدرس الفلسفة وكذلك كان. درست الفلسفة وتخرجت أستاذة لها.

 

التعليقات على أضربت عن الطعام في الإعدادي ووعدت أستاذي اليساري أن أدرس الفلسفة مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

سابقة تاريخية.. إسم حزب الاستقلال مكتوب بحرف “التيفيناغ” والبركة للمؤتمرين: “نعتز باللغة الأمازيغية باعتبارها لغة رسمية”

قال نزار البركة الأمين العام لحزب الاستقلال خلال كلمته الافتتاحية، اليوم الجمعة، بمناسبة ا…