دقت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، ناقوس الخطر بشأن التكاليف المتزايدة لمنازعات الدولة، مؤكدة أن هذا الارتفاع المقلق لا يُمثل فقط إشكالًا قانونيًا، بل يشكل أيضًا تهديدًا مباشرًا للمال العام، وعبئًا يُربك الاقتصاد الوطني ويقوض جهود التنمية.
الوزيرة، التي كانت تتحدث صباح اليوم الثلاثاء، خلال افتتاح المناظرة الوطنية الأولى حول تدبير منازعات الدولة والوقاية منها، أوضحت أن عدد القضايا التي تتوصل بها الوكالة القضائية للمملكة تضاعف خلال عقد واحد بنسبة تناهز 100%، حيث ارتفع من 14.505 قضية سنة 2014 إلى 21.218 قضية جديدة سنة 2024، مشيرة إلى أن هذا الرقم لا يمثل سوى ثلث منازعات الدولة الفعلية، في حين تسجل المحاكم الإدارية بالمملكة حوالي 60 ألف قضية سنويًا.
وقالت فتاح العلوي إن هذا الوضع أصبح يؤثر سلبًا على إنجاح البرامج العمومية والمشاريع الكبرى، ويتسبب في استنزاف موارد الدولة، سواء عبر التعويضات القضائية أو من خلال الكلفة الباهظة للإجراءات والتقاضي، مضيفة:
“الرهان اليوم ليس فقط قانونيًا أو إداريًا، بل اقتصادي وطني بامتياز… فكل قضية خاسرة تُكلّف الدولة من ميزانيتها، وتُقوض ثقة المستثمر، وتُضعف صورة الإدارة العمومية”.
وفي ظل هذه التحديات، دعت الوزيرة إلى إرساء تدبير استباقي وناجع للمنازعات، مشددة على أن تحسين جودة تدبيرها يعد ركيزة أساسية لتعزيز مناخ الاستثمار، وترشيد الإنفاق العمومي، وحماية المشروعية.
وكشفت المسؤولة الحكومية عن المخطط الاستراتيجي الذي وضعته الوكالة القضائية للمملكة للفترة 2024-2028، والذي يتضمن 26 برنامجًا و73 إجراءً تنفيذيا، يهدف إلى توحيد الرؤية ومنهجية الدفاع عن مصالح الدولة؛ خلق قنوات للتنسيق والوقاية؛ إحداث منظومة يقظة لتتبع القضايا والتحكم في آجالها؛ وتعزيز الكفاءات القانونية داخل الوكالة وإشراك الإدارات العمومية في الجهود الوقائية.
ولفتت إلى أن الوكالة شرعت فعلا في تنفيذ برامج ذات طابع استعجالي، منها إحداث خلية لليقظة القانونية، ومنصة للاستشارة، ومركز للنداء لمواكبة الإدارات، فضلاً عن توقيع اتفاقيات شراكة وتحسين الوثائق القانونية المعدّة للدفاع عن الدولة.
وفي سياق دعوة الوزيرة إلى إطلاق استراتيجية وطنية شاملة للوقاية من المنازعات، شددت على ضرورة معالجة الإكراهات القانونية، خصوصًا تلك المرتبطة بنزع الملكية وغياب قانون منظم للملك الخاص للدولة، إلى جانب التأهيل المؤسساتي والتنسيقي بين مختلف المتدخلين.
وختمت كلمتها بالتأكيد على أن حماية المال العام وتعزيز نجاعة الإدارة لا يمكن أن تتحقق دون سياسة شاملة للوقاية من المنازعات، تستند إلى التنسيق والتخطيط المسبق، قائلة:
“كل منازعة يمكن تجنبها هي مال عام محفوظ، ومشروع تنموي آمن، وثقة مواطن ومُستثمر لم تُخدش”.
المعرض الدولي للنشر والكتاب.. المجلس الأعلى للسلطة القضائية يطلق منصة رقمية خاصة بالمعلومة القانونية
جرى، اليوم الأربعاء، برواق المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في د…