كشف تقرير للهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، أن تقنين الاستعمال غير الطبي للقنب يؤدي إلى زيادة استهلاكه ويفضي إلى المزيد من الشواغل الصحية ولا يقلل من النشاط الإجرامي.
ووفقا للتقرير السنوي للهيئة، فإن تقنين القنب الهندي يؤدي إلى زيادة في استهلاكه لا سيما في أوساط الشباب، كما يؤدي إلى إضعاف تصور المخاطر التي ينطوي عليها ولا يقلل من النشاط الإجرامي.
وأوضح التقرير أن الأدلة الواردة من الولايات القضائية التي تم فيها تقنين استعمال القنب لأغراض ترفيهية، تظهر ارتفاع استهلاك القنب وزيادة في الآثار الضارة بالصحة والاضطرابات الذهانية، وأثرا ضارا بالسلامة على الطرق.
وحسب تقرير الهيئة، يتعاطى القنب حوالي 4 في المائة من سكان العالم، أي ما يقارب 209 ملايين شخص (الأرقام من عام 2020)، مما يجعله المخدر غير المشروع الأشيع استعمالا في العالم.
وقد أظهرت زراعة القنب اتجاها تصاعديا على مدى العقد الماضي، وارتفع عدد الأشخاص الذين يتعاطونه بنسبة 23 في المائة؛ وتتباين معدلات تعاطي القنب تباينا كبيرا حسب المناطق، وتبلغ أعلى مستوياتها في أمريكا الشمالية وأوقيانوسيا وغرب أفريقيا.
وأشار التقرير إلي أن بعض الحكومات ليست متأكدة إذا كان ينبغي تصنيف القنب والمواد المرتبطة به على أنها ضارة وما إذا كانت الضوابط المنصوص عليها في اتفاقيات مراقبة المخدرات لا تزال ذات أهمية فيما يتعلق باستعمال القنب، فيما تبحث هذه الحكومات عن حلول بديلة بما في ذلك تقنين الاستعمال غير الطبي للقنب.
وأفاد التقرير بأن نهج التقنين تختلف اختلافا كبيرا بين البلدان، حيث أن تنوع النماذج التشريعية المختلفة من بلد إلى آخر يجعل من الصعب تقييم أثر تغييرات تقنين القنب على المجتمع، ولا تزال الأدلة محدودة، والبيانات المقدمة هي في الغالب أحدث من أن تمكن من التوصل إلى استنتاجات ذات مغزى.
وبدأ الاتجاه نحو تقنين القنب رسميا من أجل التوريد والاستعمال للأغراض غير الطبية أول مرة في القارة الأمريكية وهو الآن يترسخ في أوروبا ومناطق أخرى. وعلى الرغم من أن عدد البلدان التي تقنن استعمال القنب لا يزال صغيرا، فإن المزيد من الحكومات تفكر في اتخاذ هذا المسار. فعلى سبيل المثال، نشرت حكومة لكسمبرغ، في يونيو 2022، مشروع قانون يسمح للبالغين بزراعة ما يصل إلى أريع نبتات من القنب في المنزل لأغراض ترفيهية.
وفي أكتوبر 2022، وضعت حكومة ألمانيا مخططا لقانون سوف ينظم التوزيع المراقب للقنب على البالغين لأغراض ترفيهية في متاجر مرخصة؛ وفي إيطاليا، من ناحية أخرى، رفضت المحكمة الدستورية مقترحا بإجراء استفتاء لتقنين الزراعة الشخصية للقنب وغيره من النباتات ذات التأثير.
وتظهر البيانات المقدرة أن أهم آثار تقنين القنب هو احتمال زيادة تعاطيه، خاصة بين الشباب. وقد أظهرت البيانات التي جمعت في الولايات المتحدة أن المراهقين والشباب يستهلكون قدرا أكبر بكثير من القنب في الولايات التي جرى فيها تقنين القنب مقارنة بالولايات التي ظل فيها الاستعمال الترفيهي غير قانوني. ويالفسة للأشخاص من عمر 12 عاما فما فوق، ارتفعت الأرقام من 16,5 في المائة إلى 24,5 في المائة في تلك الولايات.
وشدد التقرير على أن زيادة توافر القنب تقلل من إدراك مخاطره، حيث أنه ثمة أدلة تشير إلى أن ازدياد توافر منتجات القنب في الدول التي تجعل استهلاكه مشروعا قد قلل من إدراك السكان لمخاطره، ويزيد من هذا الاتجاه ظهور أشكال جديدة من منتجات القنب، مثل المنتجات الصالحة للأكل أو التي تدخن إلكترونيا وتسوف في عبوات جذابة بصريا، ويسهم كل ذلك في التقليل من شأن آثار تعاطي القنب في نظر الجمهور، ويوجه خاص في أوساط الشباب.
كما اعتبرت الوثيقة أن هذا الاتجاه التطبيعي، أضعف التصور بأن تعاطي منتجات القنب قد يكون له آثار ضارة على الصحة وعلى عملية اتخاذ القرارات، ولكن البيانات أظهرت أن الاستعمال الإدماني للقنب يؤدي إلى آثار سلبية على الصحة ولاسيما على النمو الإدراكي للشباب، مما يؤثر على نتائجهم التعليمية وسلوكياتهم الاجتماعية.
ويرى تقرير المهيئة أن الولايات التي تقنن العاطي تشهد عددا أكبر من الطوارئ الطبية وحوادث السيارات، مشيرا إلى أن تزايد استعمال منتجات القنب وازدياد قوة مفعولها يؤدي إى آثار ضارة بالصحة ويشكل خطرا على صحة الأفراد من جميع الأعمار.
وفي جميع الولايات القضائية التي قننت القنب، تظهر الديانات ازدياد المشاكل الصحية المتعلقة بالقنب، حيث أنه بين عامي 2000 و2018، ارتفعت حالات القبول في البرامج العلاجية بسبب الارتهان للقنب والأعراض الانسحابية المتعلقة به، ثمانية أضعاف على مستوى العالم، وازدادت حالات البرامج العلاجية بسبب الاضطرابات الذهانية المرتبطة بالقنب أكثر من أريعة أضعاف في جميع أنحاء العالم.
وفي كولورادو (الولايات المتحدة)، ارتفعت أعداد زيارات أقسام الطوارئ وحالات القبول في المستشفيات نتيجة للتعاطي المفرط للقنب ارتفاعا كبيرا بعد اعتماد التقنين. وكذلك ازدادت بنسبة 30 في المائة حالات مراجعة المستشفيات بسبب إصابات ناجمة عن حوادث متعلقة بالقنب.
وأكد التقرير أن الحكومات لم تحقق الأهداف التي سعت إليها بتقنين القنب، حيث أن الهدف الرئيس الذي سعت إليه الحكومات من خلال تقنين القنب، كان هو تقليل الأنشطة الإجرامية، ولكنه لم يتحقق ولا تزال الأسواق غير القانونية تعمل.
وتظهر البيانات أن الأسواق غير القانونية لتوريد القنب ظلت تعمل في جميع الولايات القضائية التي نفذت التقنين، ووصلت إلى 40 في المائة في كندا، ونحو 50 في المائة في أوروغواي، و75 في المائة في كاليفورنيا.
وكان لدى الحكومات التي شجعت تقنين القنب هدف هام آخر هو توليد الدخل الضريبي؛ وعلى الرغم من أن الدخل الضريبي المتأتي من مبيعات القنب قد زاد عاما بعد عام في كندا والولايات المتحدة، فإن الإيرادات الضريبية كانت أقل مما كان متوقعا، إذا لم تشكل سوى l في المائة من الميزانية في الولايات التي نفذت التقنين. وتخلص الهيئة إلى أن الهدف الذي سعت إليه بعض الحكومات من استخدام القنب كوسيلة لتحقيق زيادة في الإيرادات الضريبية لم يتحقق من خلال التقنين.
وأنشأ تقنين القنب سوقا اقتصادية جديدة ذات إمكانات كبيرة للنمو وفرص الاستثمار، وتعمد الشركات الكبيرة التي تهدف إلى توسيع أرباحها التجارية إلى دخول مجال صناعة القنب وقد حشدت تأييدا من أجل رفع الصوابط عن القنب،
وتتطلع كثير من الشركات إلى التوسع في أسواق القنب الطبي والقنب المخصص للبالغين التي بدأت تظهر في جميع أنحاء العالم، وفي الولايات المتحدة يمثل التوريد القاننوني لمنتجات القنب أحد أسرع القطاعات نموا، محققا مبيعات بقيمة 25 بليون دولار في عام 2021، بزيادة قدرها 43 في المائة عن عام 2020.
وتفيد الوثيقة بأن إلغاء التجريم وإلغاء العقاب مفهومان مختلفان عن التقنين، حيق أن الهيئة تتخد موقفا واضحا هو أن تقنين النقب لأغراض غير طبية يشكل انتهاكا لاتفاقيات المخدرات، غير أن الاتفاقيات تنطوي على بعض المرونة، عندما يتعلق الأمر بإلغاء التجريم وإلغاء العقاب بوصفهما سبيلين بديلين للجرائم المتعلقة بالقنب.
وقد أدخلت بعض الدول بالفعل تحولا على سياساتها المتعلقة بالملاحقة القضائية للجرائم المتصلة بالمخدرات وألغت عقويتها الجنائية أو خفضتها إلى جرائم بسيطة بالنسبة للاستعمال الشخصي للقنب لأغراض غير طبية. وتشدد الهيئة على أن مفهومي إلغاء التجريم” و”إلغاء العقاب” يختلفان عن السياسات التي سمح صراحة بالتقنين أو إنشاء سوق منظمة”.
وقالت الهيئة بأن الأطر القانونية الوطنية التي سمح باستعمال القنب لأغراض غير طبية، تنتهك اتفاقيات مراقبة المخدرات التي تنص على أن أي شكل من أشكال استعمال المخدرات يجب أن يقتصر على الأغراض الطبية والعلمية.
وذكرت الهيئة الدول الأعضاء بأن الاتفاقيات ملزمة وأن تقنين القنب لأغراض عير طبية يشكل انتهاكا للاتفاق، وتشير الهيئة إلى أن الاتفاقيات تنطوي على قدر من المرونة عندما يتعلق الأمر بإلغاء التجريم أو إلغاء العقاب بوصفهما سبيلين بديلين للجرائم المتعلقة بالقنب.
وشددت الهيئة على أن ما هو متاح من البيانات الموثوقة عن آثار تقنين القنب قليل ولا يكفي لاستخلاص استنتاجات ذات مغزى.
كما لاحظت أنه ينبغي مواصلة دراسة آثار تعاطي القنب على الأفراد والمجتمعات قبل اتخاذ المزيد من القرارات الملزمة الطويلة الأجل.
وشجعت الهيئة على إجراء مناقشة مفتوحة بين الدول الأعضاء في اتفاقية 1961 بشأن اثار تقنين القنب، وتستمر في تواصلها مع الحكومات من أجل مساعدتها عى تنفيذ الاتفاقيات، ويشمل ذلك تعزيز أهداف الاتفاقيات في إطار المرونة المتاحة من خلال اعتماد نهج متوازنة ومتناسبة تقوم على أسس احترام حقوق الإنسان والنهوض بالصحة والرفاه.
نادية العلوي: الحكومة تواصل تنزيل نفس الأولويات والتشكيك في منهجية الحوار الاجتماعي هو هدر للزمن السياسي
أكدت نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية، على أن الحكومة تواصل تنزيل نفس الأولويات م…