القصة الكاملة لمقال “وصم” اللاعب أبو خلال بالتطرف الديني وخلق ضجة دفعت ناشره إلى سحبه والاعتذار

أثار مقال تم نشره على موقع “آشكاين” جدلا واسعا على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تسبب هذا المقال الذي نعت فيه كاتبه زكرياء أبو خلال بـ”السلفي”، وبأنه يتبنى “فكرا متطرفا وقام باختراق المنتخب المغربي”، (تسبب) في غضب واسع على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، ليصبح التفاعل معه مؤسساتيا رسميا.

ونشر موقع “آشكاين” مقالا بعنوان “أبو خلال، سلفي بالمنتخب الوطني” قبل ثلاث أيام، اعتبر من خلاله أن احتفالات لاعب المنتخب الوطني رفقة العناصر الوطنية “تشويش” على إنجاز الأسود، وهو ما اعتبره صاحب المقال أنه ” تصرفات وإيحاءات ذات مرجعية دينية سلفية، إلى درجة دفعت بإعلام أجنبي إلى الحديث عن اختراق داعشي للمُنتخب الوطني”وهو ما استوجب حسب كاتب المقال “التنبيه قبل فوات الآوان”.

أولى ردود الفعل التي تلت نشر المقال كانت من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، التي اعتبرت أن الكاتب تماهى في تطرقه للمنتخب الوطني ولاعبه أبو خلال مع الإعلام الأوروبي الذي يعاني من “رهاب” لأي شيء له طابع إسلامي أو عربي.
وطالب عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي من الموقع المذكور، سحب المقال وتقديم اعتذار للاعب أبو خلال، الذي ساهم في الإنجاز التاريخي الذي حققه المنتخب الوطني خلال كأس العالم بقطر، مستغربين لمثل هكذا مقال مليء بالتحريض ضد اللاعب في الوقت الذي يحتفي فيه الملك والشعب بهذا الإنجاز.

الجامعة تندد باستهداف لاعبي المنتخب

ودخلت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على الخط، حيث أصدرت بيانا تشجب من خلاله مضامين هذا المقال، وتنفي فيه “الاتهامات الباطلة التي طالته في هذا المقال”.
وقالت الجامعة في بلاغها الذي أصدرته أمس الأحد “على اثر نشر أحد المواقع الالكترونية لمقال يمس شخص وسلوك اللاعب الدولي المغربي زكرياء ابوخلال​ اثناء مشاركته​ صحبة النخبة الوطنية في نهائيات كاس العالم قطر 2022..تنفي الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم نفيا قاطعا​ الاتهامات الباطلة​ التي طالته​ في هذا المقال​”.
وشددت الجامعة في بلاغها على أن زكرياء أبو خلال ​”ابان​ عن سلوك​ مثالي إلى جانب زملائه​ من أجل​ تحقيق نتائج مشرفة للنخبة الوطنية في هذا المحفل العالمي”.
وعبرت الجامعة عن “ادانتها الشديدة​ في تعاطي​ هذا الموقع​ الإلكتروني مع شخص وسلوك اللاعب​ زكرياء ابو خلال​ ومن خلاله​ لصورة المنتخب الوطني​ بكل فعالياته”، مؤكدة أنها “ستلجا إلى المساطر القانونية​ لحماية أعضاء المنتخب الوطني​ لكرة القدم ودحض​ كل​ ​ادعاءات باطلة تمس سلوكهم أو حياتهم​ الشخصية أثناء ممارسة مهامهم الوطنية”.

المجلس الوطني للصحافة
ولم يتأخر المجلس الوطني للصحافة عن التفاقل مع القضية المثارة، حيث اعتبر في بلاغ له أن ما نشره “آشكاين” حول اللاعب زكرياء أبو خلال “وصم غير مقبول”، مشددا على أن المقال “لا يمكن اعتباره عملا صحافيا بأش شكل من الأشكال، لأن لا علاقة له بتغطية حدث رياضي حظي بمتابعة واسعة، من طرف الجمهور المغربي والعالمي”.
وسجل المجلس أن التركيز من طرف الصحافة على أي شخص بسبب انتمائه العرقي أو الديني، يعتبر “وصما غير مقبول، ترفضه كل مواثيق أخلاقيات الصحافة، ومنها ميثاق أخلاقيات المهنة، المعتمد وطنيا، كما أعده المجلس، والمنشور في الجريد الرسمية، كما ينص على ذلك القانون”.
واستنكر المجلس “هذا السلوك من طرف الصحيفة المذكورة”، منبها إلى “خطورة الانسياق وراء الإثارة المجانية، لا سيما وأن بعض وسائل الإعلام الأجنبية حاولت الإساءة للمنتخب المغربي، من خلال تحريف سلوك لاعبيه، خلال تعبيراتهم العفوية عن تشبثهم بقيمهم الأصيلة، الثقافية والعائلية”.
وأشار المجلس إلى أنه سيعرض طبقا لميثاقه والقانون الذي يؤدر عمله، هذا المف على لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية.

هاشتاغ “كلنا أبو خلال”

وانتشر على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي، هاشتاغ “كلنا أبو خلال” بالعربية والفرنسية، حيث انخرط العديد من مشجعي المنتخب الوطني، بالإضافة إلى سياسيين ومفكرين وأكاديميين ورياضيين مغاربة، في هذه الحملة الداعمة للاعب المنتخب الوطني.
ومن جهته، أدان سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة السابق، ما جاء في هذا المقال، مشيدا برد فعل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم حيث قال “هذا هاشتاق ردا على الصحافة الصفراء التي لم يعجبها تدين اللاعب الوطني أبو خلال، وشكرا للجامعة الملكية لكرة القدم على موقفها الصارم”.

هذا هاشتاغ ردا على الصحافة الصفراء التي لم يعجبها تدين اللاعب الوطني أبو خلال، وشكرا للجامعة الملكية لكرة القدم على موقفها الصارم#كلنا_أبوخلال#Weareaboukhlal pic.twitter.com/uFq8tWJxD6

— سعد الدين العثماني EL OTMANI Saad dine (@Elotmanisaad) December 25, 2022

وتجاوزت ردود الأفعال التراب الوطني، حيث أدان نادي تولوز الفرنسي، الهجوم الذي تعرض له اللاعب زكرياء أبو خلال، بإصدار اتهامات في حقه، والتي أثارت جدلا واسعا في الساعات الماضية.

وكتب نادي تولوز تدوينة عبر حسابه الرسمي في “تويتر”: “يدين النادي الاتهامات التي وجهتها أحد المواقع بخصوص لاعبنا زكرياء أبوخلال ويقدم دعمه للاتحاد المغربي لكرة القدم لضمان دعمه الكامل وثقته في لاعبنا”.

وتابع النادي الفرنسي في تدوينة ثانية له: “يدين النادي الاتهامات الكاذبة التي يوجهها هذا الموقع والتي لا أساس لها من الصحة والمهينة والتي تلحق الضرر بصورة لاعبنا، ويحتفظ بالحق في استخدام كافة سبل الإنصاف المتاحة للدفاع عن صورة وسلامة زكرياء”.

سحب المقال وإعادة نشره

وعلى خلفية هذا التفاعل الكبير الذي عرفه هذال المقال، سحب موقع “آشكاين” المقال المذكور، ليعيد نشره فيما بعد مع توضيح حول “خلفية مقال أبو خلال”، اعتبر من خلاله أن “النقاش العمومي حر ضمن ثوابت المملكة، وأن كل رأي يحترم وليس هناك أي عقد في كتابة آراء مثل هاته التي كتبت في المقال المذكور”، وأن الجريدة “مفتوحة للنقاش العمومي وترحب بكل مقال أو ردود على مقالات تحترم حرية التعبير كما تقرها بلادنا في دستورها وفي قوانينها”، وأشار التوضيح إلى أن الموقع قام بحجب المقال يوم السبت 24 دجنبر، ” احتراما لعدد من الآراء التي رأت أنه لا ينبغي نشره في مثل هذا السياق المطبوع بالنصر”، مضيفا “غير أن بلاغ الجامعة اضطرنا لإعادة نشره اليوم الأحد حتى يقف الجميع أو من لم يتمكن من قراءته سابقا، للنظر في لغة المقال التي كانت موضوعية ولم تمس بأي شكل من الأشكال جوانب شرف أو عرض أو غيرها، وإنما ناقشت فكرة عامة قد تفيد نقاش التدين في المغرب الذي يتعرض لتوغل مذاهب مشرقية غير منسجمة مع الثقافة المغربية”.

توقف الموقع وعودته إلى العمل

وشهد موقع “آشكاين” توقفا صباح اليوم الاثنين، حيث نشرت إدارة الموقع إخبارا قالت فيه “نعتذر لقراء وزوار موقع آشكاين الإخباري الأعزاء وذلك عن حدوث عطل فني في أنظمة الموقع، ونخبرهم أن أشغال الإصلاح والمعالجة جارية في هذا الوقت مع خالص الشكر والتقدير”، ليعود الموقع إلى العمل بعد مدة قصيرة.

الموقع يسحب المقال ويقدم اعتذار لأبو خلال

سحب موقع “آشكاين”، بشكل “نهائي”، المقال الذي نشره في وقت سابق بعنوان “أبو خلال سلفي بالمنتخب الوطني”، مقدما من خلاله اعتذارا رسميا للاعب الفريق الوطني.

وقال الموقع في بلاغ له “قررت جريدة “آشكاين” الرقمية، تلقائيا، السحب النهائي للمقال الذي نشرته في وقت سابق، بعنوان: “أبو خلال سلفي بالمنتخب الوطني”. وتقدم الجريدة اعتذارا رسميا للاعب الفريق الوطني، زكرياء أبو خلال، عما قد يكون لحقه من آذى معنوي نتيجة لما احتواه المقال من عبارات، عن غير قصد، أو بسبب التحوير والتحريف المغرض لمضامينه ومقاصده من طرف البعض، بالرغم من التوضيح الصادر عن الموقع حول خلفيات نشر المقال المشار إليه”.

وأكد الموقع أنه “لم ولن يتخلف يوما عن مواكبة الإنجازات الوطنية والانخراط في الدفاع عن قضايا الأمة المغربية وتوابتها، وتدين كل المحاولات الرامية إلى الاصطياد في المياه العكرة والتشكيك في وطنية ومهنية هذا المنبر”.

وتابع “وإذ نجدد في “آشكاين”، اعتذارنا للاعب الفريق الوطني المغربي، زكرياء أبو خلال، الذي نكن له ولاختياراته الشخصية كل التقدير والاحترام، نؤكد أننا نحتفظ لأنفسنا بالحق في اتباع المساطر القانونية ضد كل من شهر أو يشهر بمنبر “آشكاين” وطاقمه، وحرض ضدهم بأية وسيلة كانت”.