قدّم رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في أول جلسة مساءلة له حول السياسة العامة بمجلس النواب، مساء أمس الإثنين، رزمة من الإجراءات التي تعتزم حكومته القيام بها لتعزيز بناء الدولة الاجتماعية.
وسجل أخنوش في معرض كلمته أمام البرلمانيين أن الحكومة واعية بحجم الطلب الاجتماعي المتزايد على الخدمة العمومية من صحة وتعليم وخلق فرص تشغيل، متعهدا بتجاوز مواطن النقص في السياسات الاجتماعية، بالنظر إلى عمق القناعة الحكومية الراسخة، المسنودة بأوراش ملكية مفتوحة ورؤية متكاملة لتكريس وتعزيز مكتسبات المغرب في المجال الاجتماعي.
وقال رئيس الحكومة: “إننا لا ندعي في هاته التجربة الحكومية أننا سننطلق في الإصلاحات الاجتماعية من فراغ، كما ليس من مبادئنا نكران إنجازات الآخرين. بطبيعة الحال، سنثمن ما تحقق من إنجازات كنا مشاركين فيها، وسنعمل على تجاوز مواطن النقص والقصور بما نملكه اليوم من شرعية دستورية وسياسية تخول لنا ما عجزنا عن القيام به ونحن نشارك في تجارب حكومية سابقة، لم نتولى قيادتها”.
مداخل بناء الدولة الاجتماعية
أكد عزيز أخنوش، أن هاجس الدولة الإجتماعية، كما انتهى إليها تقرير النموذج التنموي، حاضر بقوة ضمن الإجراءات والقرارات العمومية التي ستتبناها الحكومة طيلة ولايتها الانتدابية، التي تعد، بحسبه، “ولاية تأسيسية لتنزيل المحاور الكبرى للنموذج التنموي وخياراته الاستراتيجية واقتراحاته التدبيرية”.
وأوضح المتحدث أن البرنامج الحكومي، تضمن مجموعة من الإلتزامات الدالة على البعد الاجتماعي للسياسات العمومية المقبلة، مشيرا إلى أبرزها المتمثلة في إحداث مليون منصب شغل صافي خلال 5 سنوات المقبلة، تفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة، إخراج 1 مليون أسرة من دائرة الفقر والهشاشة، تعميم التعليم الأولي لفائدة كل الأطفال ابتداء من سن الرابعة مع إرساء حكامة دائمة وفعالة لمراقبة الجودة، تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، ورفع نسبة نشاط النساء إلى أزيد من 30% عوض 20% حاليا.
وخلال سنتي 2023 و2024، يضيف أخنوش، ستعمل الحكومة على ضمان تعويضات عائلية لكل الأسر للحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة ودعم التمدرس في سن مبكرة، لتباشر ثم سنباشر سنة 2025 توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد لكافة النشيطين وتعميم التعويضات العائلية والتعويض عن فقدان الشغل.
إصلاح المنظومة الصحية وتخصيص 6 مليار درهم لتأهيل المستشفيات
وضعت الحكومة استراتيجية واضحة المعالم لإصلاح المنظومة الصحية ترتكز على أربعة مبادئ توجيهية تتمثل، وفق ما أعلن عنه أخنوش، في تثمين الموارد البشرية بكل فئاتها، تأهيل العرض الصحي لمؤسسات الرعاية الصحية الأولية والمراكز الاستشفائية والإقليمية والجهوية والجامعية، إحداث مجموعات صحية جهوية مع مأسسة إلزامية الولوج إلى مسلك العلاجات عبر مراكز الصحة الأولية والإحداث التدريجي لنظام “طب الأسرة”، وإحداث بطاقة صحية ذكية لكل مواطن مغربي، تحد من الإنفاق المباشر للمرضى، خصوصا ذوي الدخل المحدود، على الخدمات الصحية وتمكن من التتبع الدقيق لمسار كل مريض عبر ملف طبي مشترك بين كافة المتدخلين من مؤسسات صحية، عمومية وخاصة، والهيئات المدبرة للتأمين الصحي عن المرض والهيئة المقننة.
وقد خصصت الحكومة، في إطار مشروع قانون المالية للسنة المالية 2022، ميزانية تقدر بـ6 مليار درهم لتأهيل البنيات الإستشفائية وتعزيز تجهيزاتها، وهو ما يشكل زيادة قدرها 2,7 مليار درهم أي 64% مقارنة مع سنة 2021.
وأفاد أخنوش بأن أهم المشاريع التي سيتم إنجازها، ستتركز حول إطلاق بناء المركز الاستفائي الجامعي الجديد ابن سينا الذي ستخصص له 1,1 مليار درهم، تأهيل 1.500 مؤسسة للرعاية الصحية الأولية باعتمادات تقدر ب 500 مليون درهم ومواصلة بناء وتأهيل 30 مركزا استشفائيا جهويا وإقليميا من خلال رصد 600 مليون درهم إضافية للإعتمادات المخصصة سنويا لهذا الإجراء والمقدرة بمليار درهم.
إصلاح المنظومة التعليمية
كشف رئيس الحكومة أن الأخيرة تحضر خطة وطنية للرفع من القدرات التكوينية لهيئة التعليم، مشيرا إلى أنه في أفق إحداث كلية خاصة لتكوين الأساتذة، يكون الولوج إليها على أساس انتقائي للحاصلين على الباكالوريا؛ قامت الحكومة هذه السنة بوضع شروط لانتقاء المرشحين، تهدف إلى الاستثمار في تكوين الأساتذة على المدى البعيد ولتعزيز كفاءاتهم، باعتبار هذا الورش ركيزة أساسية من ركائز الإصلاح التربوي.
وأشار أخنوش إلى أنه سيتم تفعيل هذا التوجه من خلال تعزيز التكوينات الأساسية والمستمرة للفاعلين التربويين، والتي رصد لها غلاف مالي يقدر بـ500 مليون درهم برسم سنة 2022، كما سيتم تخصيص 400 مليون درهم لتأهيل البنيات التحتية والتجهيزات بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين التابعة لها.
وأفاد بأنه تم تخصيص حوالي 77 مليار درهم لقطاع التعليم في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2022، أي بزيادة 5 مليار درهم مقارنة بالسنة الماضية، مع إحداث 18.144 منصب مالي، كما تم الرفع من ميزانية الاستثمار لهذا القطاع بـ40%، وذلك من أجل تحقيق 1,9 مليار درهم لتسريع تنفيذ برنامج تعميم التعليم الأولي من خلال إحداث وتأهيل وتجهيز الحجرات، وكذا تدبيرها بهدف بلوغ 100% كنسبة تمدرس بالتعليم الأولي في أفق سنة 2028، و2,3 مليار درهم لتعزيز العرض المدرسي، و2,6 مليار درهم لتأهيل البنيات التحتية والتجهيزات المدرسية، منها 560 مليون درهم لاستبدال البناء المفكك.
وعقب استعراضه هذه المعطيات، شدد عزيز أخنوش على أن حكومته “ماضية بكل ثبات في طريق تحقيق التزامها في البرنامج الحكومي ببناء أسس الدولة الاجتماعية”، مبرزا تخصيصها ما يفوق 40% من مجموع النفقات المبرمجة في مشروع قانون المالية لقطاعي التعليم والصحة، وما يناهز 54% من مجموع المناصب المالية المحدثة.
دعم القدرة الشرائية للمواطنين
أكد أخنوش أن الحكومة خصصت في إطار دعمها للقدرة الشرائية للمواطنين، 8 مليار درهم لأداء المتأخرات المتعلقة بترقية الموظفين لسنتي 2020 و2021، والتي تم ضخها في كتلة الأجور بعد سنتين من التجميد، و10 مليار درهم لصندوق التماسك الاجتماعي والحماية الاجتماعية منها 4,2 مليار درهم لضمان الحق الدستوري لما يفوق 11 مليون مغربي من الفئات الفقيرة والهشة في الولوج إلى العلاج، عبر تمكينهم من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض وفتح باب ولوجهم إلى الاستشفاء في القطاعين العام والخاص، والاستفادة من نفس سلة العلاجات للأجراء في القطاع الخاص.
كما خصصت 3,5 مليار درهم لدعم تمدرس الأطفال في إطار برامج تيسير ودعم الأرامل ومليون محفظة، و1,7 مليار درهم لشراء الأدوية، ودعم المؤسسات الاستشفائية، لتمكين الفئات المعوزة من الولوج للعلاج، إضافة إلى ضخ 3,5 مليار درهم لدعم تشغيل الشباب، سواء الذين فقدوا عملهم نتيجة الأزمة عبر منحهم 250.000 فرصة شغل مؤقتة خلال سنتين، في إطار برنامج “أوراش” الذي خصص له 2,25 مليار درهم، أو الذين يريدون خلق مقاولة صغيرة في إطار برنامج “الفرصة” والذي ستخصص له ميزانية 1,25 مليار درهم، في إطار قروض شرف دون فائدة تستهدف حوالي 50 ألف شاب مقاول، بالإضافة لإعطاء دينامية جديدة لبرنامج “انطلاقة”، علاوة على توجيه 500 مليون درهم لدعم الأشخاص في وضعية إعاقة.
إضافة إلى ذلك، رصدت الحكومة 250 مليون درهم لتقوية دور الحضانة للأطفال دون سن الرابعة، خاصة في الأحياء الهامشية وفي القرى، لتمكين الأطفال في هذه المناطق من التعلم منذ سن مبكرة وتشجيع النساء على العمل، مع تخصيص 200 مليون درهم لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في الإدارة العمومية، وهو ما سيمكن فئات عريضة من المواطنين من حقهم في الولوج إلى الخدمات الإدارية دون صعوبات في التواصل.
تقليص الفوارق المجالية
تعهد رئيس الحكومة بالعمل على تقليص الفوارق المجالية، من خلال إيلاء الأهمية لصندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية الذي تناهز الاعتمادات المبرمجة فيه 2,25 مليار درهم، تضاف إليها 2 مليار درهم كاعتمادات للالتزام، وحوالي 4 مليار درهم كرصيد من السنوات الماضية، ستمكن من تنزيل كل البرامج والمشاريع المبرمجة لتمكين هذه المناطق من الولوج إلى الخدمات الأساسية.
وخلص رئيس الحكومة إلى أن الأخيرة “تتطلع من خلال البرنامج الحكومي، إلى منح الفرصة لكل المغاربة من أجل بناء مستقبل أفضل، في ظل دولة الحق والقانون والحريات والعدالة الاجتماعية والمجالية”، مشيرا إلى أنها حددت أهدافا واضحة ومؤشرات مرقمة تيسر الربط بين المسؤولية والمحاسبة، مشددا بالقول: “لن تكون هذه الحكومة حكومة لتدبير الأمر الواقع، بل حكومة لإبداع الحلول”.
التعليقات على إصلاح المنظومتين الصحية والتعليمية ودعم القدرة الشرائية للمواطنين.. هذه إجراءات أخنوش لتعزيز بناء الدولة الاجتماعية كما لخصها في أول جلسة مساءلة له بمجلس النواب مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

مندوبية الحليمي ترصد تحسنا في مؤشر ثقة الأسر خلال الفصل الثاني من سنة 2024

أظهرت نتائج البحث الدائم حول الظرفية لدى الأسر، المنجز من طرف المندوبية السامية للتخطيط، أ…