احتضنت مدينة القدس أمس الخميس 11 نونبر 2021 ندوة احتفالية بمرور ألف عام على وجود المغاربة في القدس، تجسيدا للعلاقة التاريخية الطويلة المميزة التي تربط أهل المغرب الأقصى بهذه المدينة.
وقد شارك في الندوة التي نظمها مركز دراسات القدس التابع لجامعة القدس بالتعاون مع مكتب تنسيق وكالة بيت مال القدس الشريف في القدس، الدكتور يوسف يوسف النتشة، مدير مركز دراسات القدس، و الدكتور نظمي الجعبة، أستاذ التاريخ في جامعة بيرزيت، وحضرها الدكتور محمد سالم الشرقاوي، المدير المكلف بتسيير الوكالة، ولفيف من الاكاديميين والمؤرخين والمثقفين والمهتمين والطلاب وعدد من المقدسيين من أصول مغربية.
كما شارك في التعقيب على الندوة، بواسطة تقنية المناظرة المرئية عن بُعد من الرباط، الأستاذ مولاي احمد العلوي العبدولاوي، الباحث والمختص في تاريخ القدس والمغرب.
وعبر الدكتور الجعبة في مداخلته الرئيسية في هذه الندوة بصفته مؤلف كتاب “مغاربة بيت المقدس”، الذي أصدرته الوكالة ضمن منشوراتها برسم سنة 2020، وتم تقديمه بالمناسبة، عن سعادته بالمشاركة في الاحتفال بانطلاق الألفية الثانية للوجود المغاربي بالقدس الشريف.
وذكر المحاضر أن الوجود المغربي في القدس يعود إلى صدر الإسلام، لكنه أصبح ملموسا منذ الفترة الفاطمية التي بدأت منذ سنة 358ه/969م واستمرت حتى سنة 465ه/1073م، حيث استقر المغاربة في المدينة المقدسة، وقد يكون في نفس المكان الذي نشأت فيه لاحقا حارة المغاربة في القدس الأيوبية، مما شكل نقلة نوعية في العلاقة التي ربطت المغاربة بالقدس.
وذكر الجعبة بأن الوجود المغربي في القدس أصيب بضربات عبر التاريخ، كانت أشهدها وطأة ما تعرضوا له، مع باقي أهل المدينة، بعد سقوطها بيد الفرنجة سنة 1099م، فذبحوا ونُكل بهم.
وجاءت المرحلة الثانية من العلاقة المغربية ببيت المقدس، بانضمام الكثير من المغاربة للجهود الجهادية التي أطلقها الزنكيون وبعدهم قادها صلاح الدين الأيوبي، وكانت المشاركة المغربية بشقيها الرسمي (الدولة) وبشقها الشعبي الجهادي، لتتجدد طموحات المغاربة باسترداد المدنية والاستقرار بها من جديد، إلى أن تكللت جهود صلاح الدين باسترداد بيت المقدس سنة 1187م، الأمر الذي كان له صدى واسع في المغرب.
ولما كان المغاربة من المجموعات السكانية الأكثر بروزا في المدينة – يقول المحاضر – فإن ذلك حذا بالملك الأفضل بن صلاح الدين الأيوبي أن يوقف عليهم مساحة رحبة متصلة مباشرة بالجدار الغربي للمسجد الأقصى وفي قلبها حائط البراق الشريف سنة 588ه/1193م، فيما أصبح يُعرف بحارة المغاربة.
وأغلب الظن – يقول الجعبة – بنى الملك الأفضل جامعا للمغاربة يحمل اسمهم يقع على بعد أمتار من حارتهم داخل المسجد الأقصى ويحمل اسمهم حتى اليوم، كما شيد مدرسة في وسط الحارة “المدرسة الأفضلية”، سنة 589ه/1194م، لتكون مركز استقطاب علمي لعلماء من أتباع المذهب المالكي، الذي اقتصر في القدس تقريبا على المغاربة.
وأضاف: “في الفترة المملوكية ازدادت أهمية حارة المغاربة، بالرغم من أعدادا من المغاربة المقادسة قد انخرطوا مع باقي المكونات السكانية للمدينة، إلا أنها بقيت جذابة للمغاربة القادمين إلى بيت المقدس بهدف الإقامة الطويلة أو الدائمة أو حتى بهدف الزيارة.
وفي هذه الفترة حبَّس المغاربة المزيد من الوقفيات على مصالح الحارة وسكانها، كذلك أهدى سلطان المغرب أبو الحسن المريني سنة 745ه/1344م إلى المسجد الأقصى واحدة من أجمل الربعات القرآنية والتي ما زالت محفوظة في المتحف الإسلامي في المسجد الأقصى، وقد كتبها السلطان بخط يده. وأسست في هذه الفترة زاوية المغاربة سنة 703ه/1303م، وتتابعت الوقفيات المغربية التي ضمنت استمرار الوجود والتراث المغربي في القدس الشريف إلى يومنا هذا.

التعليقات على ندوة احتفالية في القدس بالألفية الأولى لوجود المغاربة في المدينة مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

قريبا.. بودكاست نقاش.. رفيقي: “الجنس والمال وراء رفض الإسلاميين لتحديث المدونة والفقه ذكوري”