تجري خلال الأيام الأخيرة التي أعقبت إنتخابات 8 شتنبر الماضي، “حركة” غير عادية في صفوف الاتحاديين والاتحاديات غير الراضين على النهج الذي اتخذه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مع القيادة الحالية للحزب والتي يقودها إدريس لشكر الكاتب الأول، حيث أصدر مجموعة من القياديين السابقين، وأعضاء بالمجلس الوطني الحالي للحزب، والمكتب الوطني للشبيبة السابق، بياناً معلنين عن انبثاق حركة تصحيحية جديدة أطلقوا عليها اسم “التوجه الديمقراطي” والتي تدعو للتغيير داخل الحزب.
وكشفت مصادر جد مطلعة أن المبادرة تأتي كتجميع للمبادرات السابقة التي لم تكتمل مثل مبادرة مجموعة العشرة التي كانت مشكلة من محمد الدرويش، عبد الكبير طبيح، سفيان خيرات، كمال الديساوي، والمرحوم عبد الوهاب بلفقيه، وفاء حجي، حسناء أبوزيد، محمد العلمي، عبد الله لعروجي، مصطفى المتوكل، ومبادرات أخرى كمجموعة “حزب البديل”، بالإضافة إلى أسماء بارزة، مثل أحمد رضى الشامي، ضمن ماسمي بـ”الاشتراكيون الجدد”.
مصادرنا أوضحت أن “لشكر يحاول أن يناور من خلال إعلانه عن عقد مؤتمر وطني في دجنبر، حيث سيتم عقد مؤتمر على المقاس تنظيمياً وبحضور الموالين لتوجهه فقط، مما سيعيد إنتاج نفس التوجه، وتستمر هيمنته على الحزب، إذ لحدود اللحظة لم يتم عقد المجلس الوطني الذي سيقرر في اللجنة التحضيرية. هذه الأخيرة التي تحتاج إلى حوالي أربع أشهر على الأقل من أجل الإعداد الأدبي والتنظيمي الجيد للمؤتمر والانفتاح على جميع الاتحاديين حتى الغاضبين والمعارضين للشكر ومن معه، من أجل مصالحة حقيقية وليست، مصالحة الواجهة”.
ويبقى السؤال المطروح، بالنظر إلى حجم المبادرات التي شهدها الاتحاد الاشتراكي والتي كان دائماً إدريس لشكر يخرج منها منتصراً، هل تستطيع هذه المبادرة تحقيق ما عجز عنه سابقوها من مبادرات؟
وفي هذا السياق توصل “الأول” ببيان من أعضاء “التوجه الديمقراطي” بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، جاء فيه “إن شعورنا بمسؤولياتنا التاريخية والأخلاقية، ومن منطلق الإيمان بالالتزام السياسي والوفاء لمبادئنا التي دفع من أجلها شهداؤنا ومناضلاتنا ومناضلونا ثمنا باهظا، والانتماء الفكري لعقيدتنا السياسية وكذا انطلاقا من إحساسنا بالخوف إلى حد التذمر على الواقع الذي يعرفه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وعلى المصير الذي يواجهه جراء المزالق القاتلة التي طبعت سلوك الكاتب الأول الحالي للحزب ومكتبه السياسي اللذان تنكرا لتاريخ مشعّ أطر وقاد فيه حزبنا نضالات الجماهير الشعبية في التئام تام مع همومها وطموحاتها وآمالها، هو الذي جعلنا اليوم نخاطب عموم المناضلات الاتحاديات والمناضلين الاتحاديين والرأي العام الوطني المغربي، بعدما خاض حزبنا عقودا طويلة من معارك الصمود والشرف شكلت فترة امتحان أفرزت مناضلات ومناضلين أفذاذ سوف تحتفي بهن وبهم وبأسمائهن وبأسمائهم ذاكرتنا الحزبية والذاكرة الوطنية مادامت هناك ذرة وفاء وإباء واعتراف، معارك بوأت حزبنا بأن يقود نضالات تعلقت بها الجماهير الشعبية، ملتحما فيها بآمالها وتطلعاتها وانتظاراتها المشروعة”.
وتابع البيان، “ينطوي سجالنا الداخلي الراهن على مخاض عسير نحتج من خلاله على تخلي القيادة الحالية عن جلّ ثوابت العمل السياسي وفك ارتباطها العضوي بفكر اليسار بمبرر البراغماتية الموازية لقرصنة التنظيم الحزبي وجعله في خدمة مصالح الكاتب الأول ومكتبه السياسي خدمة لأجندات مشبوهة جعلت بينه وبين الجماهير الشعبية مسافة شاسعة بالحجم الذي أصبحت به علاقة الاتحاديات والاتحاديين الأوفياء بحزبهن وبحزبهم”.
وأضاف إتحاديو التوجه الديمقراطي، “نخاطبكم ونحن تنخرنا خيبة أمل لسببين اثنين، أولهما أننا لم نكن نتصور أن تصل الأمور بالقيادة الحالية إلى هذا المستوى من الانحراف والاستهتار والبؤس السياسي؛ وثانيهما درجة العهر السياسي الذي مارسته هذه القيادة من خلال استنجادها بالسلطة والمال ما جعلها تنخرط في مسلسل تجويف الحزب وتجفيفه من كل منابع النضال الصادقة فكريا وعضويا وتحويله لحزب في خدمة أجندات صناع الخرائط السياسية لدرجة عرضهم أنفسهم في طوابير بيع الذمم في سوق النخاسة”.
وقال البيان، “يجمع كل المتتبّعين والمناضلات والمناضلين أن الكاتب الأول الحالي يستفرد بكل القرارات، ويفرض أسلوبا سلطويا فرديا على تدبير الشأن العام الحزبي، وأنه لم يخض معركة واحدة من أجل مصالح المجتمع وفئاته العريضة من المحرومين والمستضعفين بل خذل حركات الاحتجاجات المجتمعية المشروعة ذات المطالب الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية المشروعة ولم يصدر عنه أي موقف معارض لأي قرار حكومي، كما حصل في حراك الريف وحراك الخبز الأسود بجرادة… ليحقّ لنا اليوم أن نتساءل: أين نحن كاتحاديات واتحاديين من ذلك التراث الفكري السياسي والنضالي الذي أسس لها القائدان المرحومان الشهيد المهدي بنبركة والزعيم عبدالرحيم بوعبيد ورفاقهما؟”.
وسجل أصحاب البيان، ” بهذا الصدد وبكل أسف انزلاق القيادة الحزبية الحالية في مسارات مغلوطة شكلت وتشكل ظاهرة مأساوية خطيرة ارتكزت في فعلها على صور الانتهازية والتّملّق أوصلت العديد من الطفيليات والطفيليين المعادين للخط السياسي النضالي إلى الأجهزة المسؤولة وبالتالي التعطيل الكامل للأجهزة الحزبية وفي مقدمتها إلغاء دور المكتب السياسي والكتابة الوطنية وتعطيل مؤسسات الحزب التشريعية والرقابية ابتداء بالمجلس الوطني للحزب الذي أريد له أن يصبح جهازا تابعا للكاتب الأول مرورا باللجنة الوطنية للأخلاقيات والتحكيم والتي بسبب ذلك لم تتدخل ولم تبادر للإضطلاع بأي دور من أدوارها رغم النزاعات التنظيمية الشاملة التي تعيشها أغلب البنيات التنظيمية الحزبية والقطاعية داخل الوطن وخارجه بسبب تدخلات الكاتب الأول دائم الإبعاد كل من لا يسايره في مخططاته الاستبدادية المشبوهة والهجينة بشكل مناقض لنظامي الحزب الأساسي والداخلي وهو ما يصدق كذلك على اللجنة الوطنية لمراقبة المالية والإدارة والممتلكات…”.
وحسب بيان “التوجه الديمقراطي، “لقد أمعن الكاتب الأول، في تصفية رصيد الحزب النضالي وتراثه التاريخي، بل ذهب ومازال إلى حد المتاجرة بهذا الرصيد في تنكّر صارخ لأرواح الشهداء معلنا بكل وقاحة في أكثر من مرة :” لي بغى الشهداء يمشي يزورهم في مقابرهم..” معتمدا في ذلك على تمييع الأجهزة الحزبية المسؤولة وتعويمها بعناصر دخيلة لا علاقة لها بالخط الفكري والنضالي للحزب جاهدا في التخلص من المحتوى الإيديولوجي والسياسي والتنظيمي، تارة بالمحاربة والتضييق، وتارة بطرده لأطر ومسؤولي ومؤطري القواعد الحزبية المناضلة، في تحدّ فاضح للروح الجماعية الحزبية، غير عابئ لا برادع تنظيمي ولا بوازع أخلاقي، معتمدا في ذلك على ترسانة قانونية هندسها وفصلها على مقاس نزواته تجعل منه كاتبا أولا مستبدا ومتحكّما في سابقة لم يشهدها تاريخ الحزب”.
وأعلن البيان، بناء على هذه الاعتبارات،”أننا على طرفي نقيض مع هذه القيادة ومع ما أنتجته ونؤكد أن عمق صلتنا بجماهيرنا هو الوفاء للميثاق السياسي والاجتماعي والاقتصادي والحقوقي والاستراتيجي الذي أسس له حزبنا، والروح التي اكتسبناها في كل محطة تعرض فيها مناضلو ومناضلات حزبنا للمضايقات والاعتقالات والتغييب القسري والاختطافات والاغتيالات، ولا يفوتنا أن نذكركم اليوم أننا لازلنا ننعي عريس الشهداء المهدي بنبركة بدون كفن ولا قبر، ولازلنا ننعي شهيد “المحرر” عمر بنجلون ضحية الظّلاميّة والتسلّط، ولازلنا ننعي الشهيد الشاب محمد كرينة في اتصالنا الروحي والوظيفي والعضوي بالقضية الفلسطينية كأنبل قضية عرفتها وتعرفها الإنسانية في العصر الحديث”.
وأشار البيان إلى أن “أزمة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اليوم، هي أزمة بنيوية تخضع لحسابات ذاتيّة ضيقة، تسبّبت فيها قيادته المنحرفة التي حادت عن خط النضال الأصيل، وأرخت العنان للانصهار في كل مناسبة انتخابية تملق إثم استجداء فارتزاقا حول موائد اللئام”.
وتابع البيان قائلا، “يحيلنا هذا إلى التذكير بتاريخ 8 شتنبر 2021 الذي أسدل فيه الستار مرة أخرى على محطة انتخابية أجمعت جل منصات التتبع الموضوعي للواقع السياسي العامّ أن هذه الانتخابات شهدت سباقات محمومة باستعمال المال العام والخاص والنفوذ لاستمالة الناخبين في ظل ترحال حزبي سياسي غير مسبوق لتفرز في الأخير، ما سيسميه الكاتب الأول الحالي “عرسا للديمقراطية بالمغرب” قبل أن يتحول لديه إلى “الثالوث المتغول”، في ظل ترحال حزبي سياسي غير مسبوق ناسيا أنه مارس أقصى درجات “التغول” على مناضلات ومناضلي حزبه في طريقة تدبيره لملف انتخابات 2021 العامة، رغم انتهاء مدة انتدابه القانونية منذ 21 ماي 2021 …”.
مضيفاً، “فشلت هذه القيادة وكان حتما عليها أن تفشل في استغلال هاته المعركة الديموقراطية لتتجذر أكثر في أوساط الجماهير الشعبية بالاعتماد على المناضلات والمناضلين الحقيقين وتعميق الوعي لدى الجيل الجديد من الاتحاديات والاتحاديين وبدل ذلك، آثرت الانفتاح على ما سمته زورا وتضليلا “فعاليات وطنية” لا لشيء إلا لأنها تملك الأموال دون السؤال عن مصادرها، علما أن بعض هؤلاء الرحل الوافدين لفظتهم أحزابهم الإدارية الأصلية ورفضت ترشيحهم لهذه الانتخابات، ليحضنهم الكاتب الأول الحالي للحزب ليتصدّروا واجهة العمل الانتخابي الحزبي ما سيفرز لا محالة منتخبين، باسم وردة الشهداء، بطعم الجهل والأمية والانتهازية المقيتة”.
ومن هذا المنطلق، يقول البيان، “تصدر مشهد الانتخابات في جل الدوائر التي غطاها حزبنا من لا صلة لهم به لا فكريا ولا نضاليا، بعد أن تجاوز الكاتب الأول في ذلك للأجهزة الحزبية الشرعية المنتخبة محليا وخلق من أجل ذلك تنظيمات حزبية موازية غير شرعية، سماها تنسيقيات جهوية وإقليمية وعين لهما منسقين خارج إطار اختصاصاته وصلاحياته وخارج إطار القانون المنظّم لعمل الحزب، ولقد كانت النتيجة النهائية للولاء الأعمى والانبطاح خدمة لأجندات أولياء أمر الكاتب الأول الحالي أن تبخرت كل الآمال التي علقها على أولياء أمره بعد أن أحالوه قهرا وقسرا بشكل مذل ومهين على المعارضة”.
وأوضح البيان، “ولقد كان إعلان الكاتب الأول عن تاريخ انعقاد المؤتمر الوطني في نهاية ديسمبر القادم كسبيل للتغطية عن فشله ونهاية وهمه ووهم مريديه متطاولا مرة أخرى على القوانين التي سنّها لنفسه ولأجل ذاته وذوات مريديه، ولذلك وجب علينا مرة أخرى التذكير بأننا لن نركن للاختيارات التي هوت بحزبنا في أتون التبعية والاستجداء والانهزام والفشل، لنعلن: طبقا للقوانين الحزبية – على علاتها – الجاري بها العمل، أن تحديد وقت انعقاد المؤتمر الوطني من اختصاص المجلس الوطني للحزب”.
وقال أعضاء التوجه الديمقراطي، حسب البيان، “غيض من فيض، وشعور بالغضب يحدوه الأمل، أردنا أن نتبادله مع باقي الاتحاديات والاتحاديين ومن خلالهم مع باقي المواطنين والمتتبعين والعاطفين والغيورين على الحزب وعلى الوطن ويحدونا الأمل أن ينتصر في الأخير الاختيار الحقيقي القائم على الثوابت الأصيلة لحزبنا، ونتوق إلى توحيد الرّؤى والجهود لتصحيح مساره التاريخي والنضالي والفكري وإحيائه من جديد، ونرتكز في معاركنا بالاحتكام إلى مفهوم “حزب مؤسساتي” تصاغ قوانينه بذهنية راقية جماعية تنتصر للديموقراطية فكرا وممارسة وتشلّ تحركات وآمال الوارثين لجينات التحكم والتسلط، حزب يمتلك الحصانة المعنوية والذاتية يحافظ فيها على الضمير الجمعي للحزب ويرتقي به، قاطعا الطريق على جميع الطموحات الغير المشروعة المغذية بالفكر الانتهازي الضيق، ومنتصرا للانتصارات والتطلعات التي تطمح إليها جماهيرنا الشعبية التواقة إلى غد أفضل، وإلى مغرب الحريات والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية ووطن يسع الجميع وعلى مسافة واحدة من كل مواطنيه.. وبقدر ما نخاطب أخواتنا الاتحاديات وإخواننا الاتحاديين نهيب بكل الغيورات والغيورين على حزبنا الانخراط في معركة استعادة الاتحاد الاشتراكي لوهجه ولخطه الأصيل ووضع حد لهذا الوضع المأساوي التنظيمي والسياسي البئيس بإنهاء أسباب وجوده تغوله”.
قرعة كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات (المغرب 2024).. لبؤات الأطلس في المجموعة الأولى إلى جانب كل من الكونغو الديمقراطية والسنغال وزامبيا
أسفرت قرعة كأس أمم إفريقيا للسيدات (المغرب 2024)، التي جرت اليوم الجمعة بمركب محمد السادس …