“كان يوم خميس، قبل 45 سنة من اليوم، في دجنبر 1975، حوالي الساعة الثالثة والنصف زوالاً بينما القائد الاتحادي والمحامي والصحفي عمر بنجلون يعود من مقر جريدة الاتحاد الاشتراكي بمدينة الدار البيضاء، بشارع المسيرة تقدم نحوه شخص نزل بنجلون من سيارته، متجهاً لمصافحة ذلك الشخص. إلا أن شخصا آخر همّ عليه من الخلف وانهال عليه بقضيب حديدي، ثم باغته الشخص الأول بآلة حادة في القلب”؛ لا يزال هذا المشهد يتردد وسط “الرفاق” تتناقله الأجيال لتبقى ذكرى اغتياله راسخة في الأذهان.
مباشرةً توجهت الاتهامات لإخوان عبد الكريم مطيع، وعبد الإله بنكيران في الشبيبة الإسلامية، حيث جرى إصدار الحكم في 18 شتنبر 1980 على المتورطين في جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وتكوين عصابة إجرامية بعقوبات متفاوتة بين الإعدام والسجن المؤبد في حق المعتقلين والغائبين وبراءة بعضهم أمثال كمال إبراهيم، قبل أن يتمتع المتورطون بعفو ملكي بعد ذلك.
إلأ أن رفاق عمر بنجلون في مختلف التنظيمات السياسية اليسارية والتقدمية، ظلوا يطالبون بمحاكمة المتورطين الرئيسيين، معتبرين أن من تمت محاكمتهم هم مجرد “أدوات ميدانية”، وأن “القرار السياسي” لإغتيال عمر بنجلون جاء “من فوق”؛ وقد سبق للمرحوم أحمد بنجلون الكاتب الوطني السابق لحزب الطليعة، وشقيق عمر بنجلون، أن صرح بأن: “أحمد سعد ومصطفى خزار كانا مجرد أدوات استعملا لاغتيال عمر وتصفيته نحن لسنا انتقاميين ولا نريد لهما أن يقبعا مدى الحياة في السجن. إن القتلة الحقيقيين لازالوا في حالة فرار وعلى قيد الحياة فإن التاريخ سيحاكمهم وسيسميهم”.
وبين إتحاد عمر وإتحاد اليوم بعد مرور 45 سنة على الاغتيال، جرت مياه كثيرة تحث الجسر، وتغير الواقع وأصبحت المطالبة بالكشف عن الحقيقة الكاملة التي يرفعها الاتحاديون عند حلول كل ذكرى لاغتيال عمر بنجلون تخفت سنة بعد سنة حتى أصبحت منعدمة على الأقل عند حزب الوردة بصيغته الحالية.
لقد كان عمر بنجلون أحد القيادات البارزة في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، والذي كان من مهندسي “الوضوح الإيديولوجي” للاتحاد بتبنيه الاشتراكية العلمية، والتحول إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وقد جمع المناضل التقدمي بين التنظير الفكري والعمل التنظيمي، والنقابي حيث قاد ما يشبه الحركة التصحيحية داخل الاتحاد المغربي للشغل، في معركة ضد ما كان يصفها بـ”البيروقراطية النقابية”، ويعتبر عمر بنجلون المؤسس لنقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وأول أمين عام لنقابة البريد.
وظل طيف عمر بنجلون حاضراً دائماً وسط اليساريين وخصصاً التنظيمات السياسية التي خرجت من رحم الاتحاد الاشتراكي، وظلت أوراقه وخططه التنظيمية ومقولاته الفكرية مرتبطة بممارسة هذه التنظيمات على مدار سنوات طويلة.
واليوم مع حلول ذكرى اغتيال عمر بنجلون، قليلة جداً هي التنظيمات السياسية التي أعلنت عن إحيائها، والتذكير بها كجزء من التاريخ المشترك لقوى اليسار المغربي، تاريخ مليء بالتضحيات والقادة السياسيين الذين افتقدتهم الساحة السياسية المغربية، والذين كانت لديهم مشاريع مجتمعية يتصارعون من أجل تحقيقها. عوض الصراع من أجل نيل المناصب الوزارية. وصراع “المقاعد” ولو على حساب هذا الإرث الكفاحي.
ملف “إيسكوبار الصحراء”.. النيابة العامة تردّ على طلبات الدفاع بخصوص استدعاء أحمد أحمد ومسؤولين في البرلمان
في أول ردّ لها على طلبات دفاع المتهمين في ملف مابات يعرف بأسكوبار الصحراء، المعتقل على خلف…