تعالى مؤخرا النقاش السياسي حول اللائحة الوطنية للشباب، وأفرز لنا شيئا فشيئا أراء مختلفة، وصل بعضها لحد التنافر، منها من هو مع الإبقاء على هذه اللائحة في الانتخابات المقبلة لسنة 2021، ومنها من هو ضد الاحتفاظ بها.

وخرج بعض القياديين في عدد من الأحزاب المغربية، منهم من يرافع من أجل إلغاء لائحة الشباب في الانتخابات التشريعية المقبلة، بحيث اعتبرها ريعا وجب إيقافه، وفي المقابل تحدثت عدة قيادات شبابية عن أهمية هذه الآلية في ضمان حضور مهم للشباب في البرلمان المغربي، في حين يرى عدد من المهتمين أن هذا النقاش جزء كبير منه مغلوط، ولم يطرح الأسئلة الحقيقية حول بنية الأحزاب ذاتها وحضور الشباب في مراكز قرارها.

ويفتح “الأول” نقاش اللائحة الوطنية للشباب، بين الفاعلين السياسيين، ويطرح ثلاثة أسئلة مهمة، تتمحور حول تجربة لائحة الشباب في البرلمان، وعن أهمية استمرارية التجربة من عدمها، وفي حال إلغائها، فهل هناك من صيغ أخرى ستضمن حضور مهم للشباب، وهل الصيغ المقترحة الآن مثل “لائحة الكفاءات” هي صيغة قابلة للتحقيق على أرض الواقع؟.

وفي هذا السياق، وجه “الأول” هذه الأسئلة إلى ابتسام عزاوي، البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، وعضو لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج، والتي انتخبت لعضوية مجلس النواب المغربي سنة 2016، عن اللائحة الوطنية للشباب.

* في البداية، ما هو تقييمكم لتجربة لائحة الشباب في البرلمان؟

  • أعتقد أن تجربة لائحة الشباب في البرلمان بعد مرور استحقاقين انتخابيين 2011 و2016، تجربة تستوجب التقييم أولا، لها إيجابياتها ولها سلبياتها.
    اللائحة الوطنية للشباب، كآلية من حيث المبدأ، هي آلية ديمقراطية مهمة، مكنت الشباب الذي يعتبر نسبة كبيرة في المجتمع المغربي، من ولوج مؤسسة البرلمان، ومن إيصال صوت الشباب المغربي داخل قبة البرلمان.
    لكن طبعا كانت هنالك عدد من الهفوات، لا بطريقة اختيار الأحزاب لمن يمثلها في لائحة الشباب كما هو الحال بالنسبة للائحة النساء، كما هو الحال كذلك في الدوائر المحلية المباشرة، وواقع العملية الانتخابية، للأسف يجعل من الأحزاب قد تستند على معايير غير المعايير المفروض اعتمادها، كالاستحقاق والتراكم النضالي والكفاءة إلى غير ذلك، إلى اعتبارات أخرى قد تكون لها علاقة بالمحسوبية الحزبية أو القرابة العائلية أو النفوذ المالي أو نوع آخر من النفوذ.
    لكن إجمالا، أستطيع أن أقول أن اللائحة الوطنية في شقيها، الشباب والنساء، إيجابية إجمالا بغض النظر عن بعض الهفوات، لأنها مكنت عددا مهما من الطاقات من شباب وشابات من كفاءات سياسية واعدة وقادرة على أن تلعب أدوار طلائعية وتفهم الرهانات الاستراتيجية للبلد وقادرة على إيصال صوت الشباب ولعب أدوار مهمة في مجلس التشريع ومراقبة العمل الحكومي والدبلوماسية البرلمانية، لأنه لاحظنا أن اللائحة الوطنية للشباب تضم شبابا مكونا وحاملي شواهد عليا، في حين أن البرلمان المغربي وللأسف اليوم في 2020، فيه أكثر من 100 نائب برلماني لا يتوفر على شهادة البكالوريا، وهذا مؤسف جدا، لأن بلدنا يستحق نخبا أفضل من هذه النخب، كي تكون هناك قدرة على الإنتاجية أعلى وتشريعات بجودة أفضل.

* هل أنتم مع استمرار التجربة أم مع إلغائها؟

  • في ظل عدم وجود آليات أخرى تضمن ولوج الشابات والشباب للمؤسسة البرلمانية، وفي ظل واقع انتخابي صعب وله قواعده التي يستحيل معها أن يلج الشباب معها إلى البرلمان بالطريقة المباشرة، مهما كان درجة كفاءته ومهما كانت درجة وعيه السياسي وقدرته الترافعية، في ظل هذه الظروف، أنا مع المطالبة والتشبث بالحفاظ على اللائحة الوطنية للشباب، مع طبعا إيجاد آليات لإلزام الأحزاب لتفادي عدد من المظاهر السيئة التي لاحظناها من محسوبية من ريع من استغلال قرابات عائلية إلى غير ذلك، فهذا مؤسف جدا، لأن لائحة الشباب هي آلية فقط وطريقة استخدامها هي التي تجعلنا نصنفها في خانة الريع، أو غير الريع، إذا استعملناها بمفهومها الراقي وأهدافها، وأسباب النزول، فأكيد ستكون آلية مهمة جدا، وستعطي صورة مشرفة جدا على الشباب المغربي وستسمح بأن يكون عندنا برلمان في مستوى طموحات الشابات والشباب المغربي، وللأسف لا زالت هنالك اليوم هوة كبيرة بين انتظارات الشباب المغربي وما بين الاشتغال داخل البرلمان المغربي.
    أنا ضد كل الأصوات التي تنادي بإلغاء لائحة الشباب دون إيجاد بدائل، وللأسف اليوم في النقاشات الدائرة حول تعديل أو مراجعة القوانين الانتخابية، هناك غياب للنقاش معايير أو آليات أخرى يتم مناقشتها، كإجبار جميع الأحزاب علي ترشيح نسبة 25 في المائة من الشباب في جميع الدوائر، وآليات مادية من طرف وزارة الداخلية لتحفيز الشباب على الترشح، كمنع أي نائب برلماني من الصعود للبرلمان لأزيد من ولايتين، منع ترشيح نواب برلمانيين غير حاملين للشهادات، فأي مستوى تشريع سيقومون به وأية مستوى لمراقبة العمل الحكومي أو تقييم للسياسات الحكومية سيقومون به، فما بالك بالدبلوماسية البرلمانية وهم لا يتقنون لا لغات أجنبية ولا حتى التحدث باللغة الرسمية للبلد بشكل سليم ورصين.
    فمن أجل تجويد المؤسسة البرلمانية، نحتاج تجويد طبيعة النخب التي تلج لهذه المؤسسة، نعم أنا مع الحفاظ على اللائحة الوطنية للشباب.

* هل يمكن البحث عن صيغة أخرى مثل فكرة الكفاءات المطروحة؟

  • فكرة لائحة للكفاءات هي فكرة مستفزة للغاية، وأعتبرها فكرة رهيبة وفظيعة وكارثية، لأنه لما نقول أننا سنعتمد لائحة للكفاءات فهذا يعني أنه من سيلج البرلمان خارج هذه اللائحة فهم ليسوا بكفاءات، كما قلت عندنا 100 نائب برلماني لا يحمل شهادة البكالوريا، فعندما نتحدث عن لائحة الشباب ليس فقط كمعطى عمري، أقل من أربعين سنة، طبعا السن مهم لكن يجب أن يتوفر على كفاءة وله دبلومات ووعي يفهم سياسة البلد وعدد من الأشياء، فنحن لا نتكلم عن الشباب كمعطى عمري وعن النساء كمعطى فيزيولوجي، إطلاقا.
    فمسألة اقتراح لائحة الكفاءات، أولا فيها نوع من الظلم للشباب، لأننا سنحرمهم من “الكوطا” المخصصة لهم، ثانيا هو فتح الباب للقيادات السياسية الشائخة التي لا تستطيع أن تترشح في اللوائح المباشرة، على مصراعيه من أجل الولوج للمؤسسة البرلمانية على أنهم كفاءات، وهو أمر غير مقبول.
    فنحن لسنا في حاجة إلى لائحة خاصة بالكفاءات، نحن في حاجة إلى أن يكون كل المترشحين وجميع من يصعدون للبرلمان كفاءات، وليس تخصيص لائحة معينة.
التعليقات على جدل اللائحة الوطنية للشباب.. البرلمانية ابتسام عزاوي: أنا ضد الأصوات المنادية بإلغاء اللائحة وفكرة “الكفاءات” مستفزة وفظيعة وكارثية مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

الغموض يلف صفقة تفويت “مارشي الجملة” لبناء ملعب الهوكي بالرباط

علامات استفهام طرحها مستشارون بمجلس مدينة الرباط، بعد نشر وثيقة عبر بوابة الصفقات العمومية…