بمناسبة حلول الذكرى الأولى لتشغيل القطار فائق السرعة ”البراق”، نظم المكتب الوطني للسكك الحديدية يومه الأربعاء بالرباط، لقاء صحافيا قدم خلاله حصيلة إنجازات ما وصفه ب”الأيقونة الجديدة” للعرض السككي منذ ولوجها سوق النقل ببلادنا، وكذا بسط تأثيراتها الإيجابية المتعددة الجوانب على مختلف الأصعدة.
وبهذه المناسبة، قدم محمد ربيع الخليع، المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، عرضا مستفيضا حول حصيلة السنة الأولى من الاستغلال لقطار البراق. وفي البداية، ذكر بأنه في إطار سياسة الأوراش الكبرى التي ما فتئت تشهدها المملكة وفقا للرؤية الملكية، شهد القطاع السككي إنجاز مشاريع استثمارية مهيكلة مكنت من تحديث وتعزيز الشبكة السكك الوطنية والتي تفضل الملك محمد السادس بتدشينها في نونبر 2018. ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بالقطار فائق السرعة البراق، وتثليث الخط السككي بين القنيطرة والدار البيضاء والثتنية الكاملة للخط السككي الرابط بين الدارالبيضاء ومراكش وكذا بتشييد محطات من الجيل الحديد.
وفي هذا الإطار، شكل قطار البراق قاطرة حقيقية لمرحلة جديدة أحدثت نقلة نوعية في تجويد الخدمات وبلورة عروض جذابة للنمط السككي تستجيب على أكمل وجه لتطلعات مختلف شرائح الزبناء.
وعليه، سجلت حصيلة السنة الأولى من استغلال قطار البراق إقبالا واسعا ومستمرا على استعماله. فمنذ يناير 2019 إلى غاية أكتوبر، إنهم مليونين ونصف من المسافرين الذين اختاروا التنقل عبر قطارات البراق (ثلاثة ملايين من يناير إلى دجنبر 2019) من خلال 7000 رحلة بمعدل بلغ 8250 مسافر يوميا.
ويرجع هذا النجاح الهائل إلى المزايا الملموسة من طرف الزبناء نذكر منها التقليص في مدد السفر (طنجة – الدار البيضاء مثلا في ضرف فقط 2س و10 دقيقة)، والرفع من وتيرة القطارات (28 ذهاب وإياب في اليوم)، والدقة في المواعيد بنسبة انتظام تناهز 97٪، ونظام تعريفي مرن وفي متناول مختلف الشرائح، وكذا توفير مزيد من ظروف الراحة والمقاعد المضمونة والخدمات ذات القيمة المضافة بالمحطات وعلى متن القطارات … كلها مزايا ملموسة للزبناء لقيت استحسانا كبيرا كما يتضح ذلك من خلال نسبة الرضا المسجلة والتي تصل إلى 92٪.
أما من حيث الجدوى والفعالية، فقد حقق البراق إنجازات جد مرضية بفضل تمويل معقلن واستثمار ناجع ومنظومة تعريفية ملائمة للقدرة الشرائية لمختلف الشرائح، وكذا تكلفة استغلال جد تنافسية. كل هذا أفضى منذ السنة الأولى من الاستغلال إلى نتائج جد مشجعة: استطاع هذا الرمز للحركية المبتكرة، أن يسفر عن هامش تشغيل (marge opérationnelle)يوازي السقف الأعلى المحقق على مستوى قطارات مماثلة عبر العالم ممكنا بذلك من تغطية جميع نفقات التشغيل.
وباعتباره رافعة للتحول، فقد امتدت تأثيرات “البراق” لتحدث تجديد جدري على مستوى مختلف مكونات العرض السككي بفضل اعتماد مفهوم جديد للسفر وإعادة بلورة مسار الزبون وتوفير خدمات مبتكرة وذات قيمة مضافة…، وبذلك سجلت كل من القطارات المكوكية الجهوية وقطارات الخط “الأطلس” كذلك ارتفاعا مضطردا في نفس المنحى التصاعدي الذي عرفه البراق.
كما سجل البراق آثارا إيجابية واضحة ومتعددة الأبعاد، كمحفز للدينامية الاجتماعية والاقتصادية ورمز لعهد جديد من الحركية المستدامة. فإلى جانب تحسين مستوى التثمين والتسويق الترابي، فقد امتدت إيجابياته لتشمل مجالات متنوعة كالتهيئة الحضرية والعقار، فضلاً عن الرفع من الجاذبية الاقتصادية والسياحية للمدن المعنية.
وللاحتفال برمزية هذه الذكرى الأولى وتقريب ‘البراق’ أكثر من زبنائه والتذكير بإنجازاته وآثاره الإيجابية، أطلق المكتب حملة تواصلية على مختلف القنوات الإعلامية تشمل أساسا أنشطة مرتبطة بالمسؤولية الاجتماعية موجهة نحو الأطفال والطلاب وكذا أنشطة بالمحطات وعروضا لأثمنة تخفيضية وتحفيزية.
وعلى هامش هذا اللقاء الصحفي، ترأس محمد ربيع لخليع والسيد مهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، حفل تدشين منحوتات فنية بمحطتي الدار البيضاء المسافرين والرباط أكدال تحت شعار “الفن والسفر”.
وقد تم انجازهما من قبل الفنانين الشهيرين حسن درسي ومحمد الباز: الأولى تحت عنوان “مرحباً” وهو عمل فني كبير يمثل معلمة، تتخللها 29 كلمة بلغات متعددة من بين الأكثر تداولا في إفريقيا لتقدم “الترحيب” لكل المسافرين. وهي صيغة للتعبير والتذكير بالانتماء الإفريقي العميق للمغرب وإبراز طابع الترحيب للمحطة. أما بالنسبة للقطعة الفنية الثانية، المشيدة أمام المحطة الجديدة الرباط أكدال، فقد حرص الفنان على إنشاء منحوتة ضخمة للمغرب توحي للزوار بمفهوم جديد للسفر والتواصل بين مختلف جهات المملكة. فقد انطلق الفنان من مبدإ أن الحدود المختلفة بين جهات المملكة ليست سوى روابط تمثل شبكة مثالية للتواصل بين مختلف الجهات. روابط رمزية لا يعرف سر مدها بإتقان سوى الفن والقطار لرسم خطوط المستقبل!
ومن خلال هذه المبادرة، يسجل المكتب الوطني للسكك الحديدية والمؤسسة الوطنية للمتاحف التزامهم في إطار التوجهات الملكية الكبرى الهادفة إلى دمقرطة الفن وجعله في متناول جميع الشرائح.