عزيز الرامي ( و م ع)
في العصر الحالي، أصبحت الرقمنة تجتاح غالبية مناحي الحياة. فجزء مهم من مقتنيات المغاربة يتم الآن عبر نقرة واحدة. وخلال هذه الفترة التي تسبق عيد الأضحى، بدأت عملية اقتناء أضحية العيد تنتشر ولو بشكل خجول في العالم الافتراضي. وإذا كان التوجه نحو شراء الخروف عبر شبكة الأنترنت يفرض نفسه سنة بعد أخرى، إلا أنه لم يلق بعد اهتماما على نطاق واسع.
فمع إكراهات الحياة التي تفرضها الحداثة، والتأثر المتزايد لدى البعض بنمط الحياة في الغرب، يلجأ عدد من المغاربة، وإن كانوا قلة، إلى اقتناء أضحية العيد عبر الأنترنت.
ويتعلق الأمر هنا بموظفين ورجال أعمال، ومستخدمين بالقطاع الخاص، أو ببساطة أناس لم يعودوا يحبذون فكرة الذهاب إلى الأسواق في هذه المناسبة، وأصبحوا يفضلون اقتناء أضحية العيد عبر الأنترنت.
وللقيام بذلك، يلجأ هؤلاء إلى مواقع الإعلانات المبوبة، حيث بدأت عملية بيع الأغنام تنشط منذ بضع سنوات. ويلجأ مربو الماشية إلى هذه المواقع الالكترونية فور حلول “موسم العيد”، أي قبل عشرة أيام تقريبا من يوم العيد، الذي يصادف هذه السنة يوم 12 غشت . يقول أحمد فؤاد، وهو مربي ماشية في مزرعة بضواحي الرباط، يقترح على زبنائه سلالات الأغنام الشهيرة مثل السردي والبركي، التي تلقى إقبالا كبيرا عند المغاربة “بالنسبة لنا، فإن طريقة البيع هاته مناسبة للمشترين والبائعين على حد سواء”. بالإضافة إلى ذلك، يقدم أحمد لزبنائه خدمة إيصال الأضحية إلى المنزل “التي يمكن أن تتم ليلة العيد، بل وحتى يوم العيد”. وبالمقابل، ولضمان جدية المشتري، يفرض البائع أداء مبلغ يعادل 20 إلى 25 بالمائة من المبلغ الإجمالي للخروف .
ويؤكد أن الأعلاف المستخدمة لتغذية الخرفان “عضوية بالكامل”، مبرزا أنه حتى كمية المواد المخصصة لتعليف أضاحي العيد محددة من قبل مهندسي معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط. ورغم أن زبناء أحمد ليسوا ك ثرا، إلا أنه يعبر عن ارتياحه لكون الأوفياء منهم والراضين عن جودة منتوجه يشكلون أحسن وسيلة للترويج لنشاطه “فهؤلاء من يجلبون لي سنويا زبناء جددا من الراغبين من التخلص من العناء المرافق لاقتناء الخروف”.
السيد سمير طالبي من بين المغاربة الذين أصبحوا خلال السنوات الأخيرة يفضلون الاستعانة بالأنترنت لاقتناء أضحية العيد، حيث يؤكد هذا الموظف الأربعيني أن “اقتناء الأضحية عبر شبكة الانترنت يجنبه المجهود الشاق وعبء البحث والتأكد من الجودة”. ويؤكد سمير ، الذي اعتاد على هذه الوسيلة للشراء “منذ عدة سنوات”، ثقته في مزوده فيما يتعلق بجودة الأعلاف المقدمة للخروف، ولكن “أيضا بالسعر ، والذي يكون عادة متوافقا مع سعر السوق، أو أحيانا أقل “.
وبالقرب من تيفلت، شرق مدينة الرباط، تقترح فوزية أغناما “عضوية مئة في المئة”. وقد قررت هذه الأخيرة التي تملك مزرعة تشتغل في المجال منذ حوالي عشر سنوات، أن تخوض هذه السنة ولأول مرة تجربة البيع عن طريق الأنترنت، حيث أكدت أنها متفائلة بشأن مستقبل هذا النوع من البيع.
وقالت “لقد تلقينا الكثير من الطلبات سواء من الزبناء المعتادين أو من مستهلكين جدد”، مشيرة إلى أنه رغم أنها لا توفر إلا الحد الأدنى من الخدمة، والتي لا تشمل خدمة التوصيل إلى المنازل، فإن ” الكثير من الزبناء يحجزون أضحياتهم، ويأتون لتسلمها ليلة العيد”.
وإذا كان هذا التوجه الجديد لم يلق بعد إقبالا واسعا، بسبب التقاليد وقلة الثقة في التجارة الإلكترونية، فيبدو أنه يمضي نحو الترسخ على المدى الطويل في الثقافة والعقليات، خاصة في ظل التحولات القوية التي يشهدها المجتمع المغربي.