رسمت الجمعية المغربية لحقوق الانسان، في تقرير لها حول الوضعية الحقوقية لسنة 2020، أصدرته، اليوم الخميس، صورة “قاتمة ” حول حقوق الانسان في البلاد.
ورصدت الجمعية ما وصفتها ب”الخروقات الحقوقية” في ما يتعلق بالحقوق السياسية والمدنية، اتهمت فيها الدولة ب”التضيق” و”قمع” حرية التنظيم والتجمع والاحتجاج السلمي.
وسجل تقرير الجمعية ما اعتبره “مواصلة الدولة تضييقها التعسفي الممنهج على الحريات العامة وقمعها للحق في حرية التنظيم والتجمع والاحتجاج السلمي، ومحاصرة المنظمات الديمقراطية المناضلة ولا سيما المنظمات الحقوقية المناضلة، ونالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان النصيب الأوفر من حملة التضييق والمنع والحصار التي استهدفتها بهدف إضعافها وشلها ووضع حد لنشاطها وفاعليتها الاجتماعية، فبالإضافة إلى منعها من حقها في الاشتغال في القاعات العمومية والخاصة، فقد تمت متابعة ومحاكمة العديد من أعضائها وعضواتها، وحرمان العديد من فروعها من الحصول على وصل الإيداع القانوني المؤقت أو النهائي، بل إن السلطات المحلية في العديد من المناطق رفضت تسلم الملفات القانونية لمكاتب الفروع التي تم تجديدها بمبرر التعليمات. كما أن الدولة لجأت، في الكثير من الحالات، وخارج أي إطار قانوني، إلى الاستعمال المفرط للقوة لتفريق وقفات ومسيرات احتجاجية سلمية مما عرض العديد من المحتجين/ات إلى إصابات متفاوتة الخطورة، ولم يسلم من ذلك حتى المارة الذين تصادف وجودهم بأماكن الاحتجاج”. يقول التقرير.
مضيفاً، “استمرار اعتقال الدولة للعديد من المدافعين/ات على حقوق الإنسان ونشطاء الحركات الاجتماعية المناضلة والصحفيين المستقلين والمدونين، وتوظيف القضاء للزج بهم/ات في السجون بعد محاكمات شكلية انتفت فيها شروط وضمانات المحاكمات العادلة، كما رفضت الدولة إطلاق سراح معتقلي الراي والمعتقلين السياسيين الذين كان يقضون محكوميتهم في العديد من السجون، ومن ضمنهم معتقلو حراك الريف وحراك جرادة وبني تجيت والاتحاد الوطني لطلبة المغرب ومن تبقوا من معتقلي مجموعة بلعيرج وبعض معتقلي ما يسمى السلفية الجهادية الذين حوكموا في غياب أية إثباتات للتهم التي أدينوا من أجلها”.
كما يوجد، حسب التقرير، “عدد من المعتقلين في السجن رغم إصدار فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي أراء بشأنهم تعتبرهم معتقلين تعسفا ويطالب الحكومة المغربية بإطلاق سراحهم. وفي هذا الإطار فقد أحصت الجمعية، بناء على ما توفر لديها من لوائح المعتقلين ما مجموعه (226 ما بين معتقل رأي ومعتقل سياسي ومتابع في حالة سراح خلال سنة 2020، غادر منهم السجن ما مجموعه 137 قبل متم سنة 2020، وبقي منهم إلى حدود نهاية 2020، 89 معتقلا)
وشدد التقرير على استغلال الدولة لجائحة كورونا، بشكل فج لممارسة المزيد من الانتهاكات والإجهاز على الحقوق والحريات، وهذا ما جعل المغرب من بين الدول التي أشارت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت إليها، في تنبيهها إلى سوء استعمالها للقرارات المتعلقة بالحجر الصحي وحالة الطوارئ، واستغلالها لتبرير انتهاكها لحقوق الانسان ففي ظل الوضعية المتسمة بالحجر الصحي وحالة الطوارئ، تعرض العديد من المواطنين/ات لمختلف ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، سواء في الشارع العام، أوفي مراكز الاحتجاز، من سجون ومراكز الاعتقال، أوفي مراكز التوقيف التابعة للأجهزة المخابراتية المدنية والعسكرية، أو التابعة للشرطة والدرك والقوات المساعدة، أو الملحقات الإدارية لوزارة الداخلية، أو مراكز الإيواء الخاصة بالمهاجرين، أو المستشفيات ومصحات الأمراض النفسية، أو مراكز إصلاح الأحداث، وفي هذا السياق فقد سجلت الجمعية وتابعت، خلال سنة 2020، العديد من الانتهاكات المرتبطة بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ وعلى سبيل المثال فقد وقفت الجمعية في 23 مايو 2020 و02 يونيو 2020 عند حملات التوقيف وإلقاء القبض على عشرات الآلاف من المواطنين والمواطنات، بلغ عددهم تسعين ألف شخص بسبب خرقهم لحالة الطوارئ الصحية، تم اقتياد 4362 شخصا منهم إلى المحاكم في حالة اعتقال تحت تدابير الحراسة النظرية، وهي الأرقام التي أعلنت عنها النيابة العامة؛ وتسجل الجمعية أن التشدد الذي طبع هذه الحملات كان منبعه، من بين عوامل أخرى، توجيهات النيابة العامة التي أوصت الأجهزة التابعة لها بذلك”.
وقالت الجمعية في تقريرها، أن “الاستمرار في انتهاك الحريات الفردية، وضمنها الحق في حرية المعتقد وحرية الضمير، رغم أنها جزء لا يتجزأ من الحقوق والحريات العامة التي يمكن أن يمارسها الفرد ضمن نطاق الجماعة أو ضمن حياته الخاصة، وهي منصوص عليها في كافة الإعلانات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وفي الدستور المغربي”.
مضيفةً، “فممارستها تصطدم بما يسمى “ثوابت الأمة” و”الهوية الثقافية الثابتة ” للشعب المغربي، ومع القوانين التعسفية التي تجرم العديد من هذه الحريات، إذ ما زال القانون الجنائي المغربي يجرم العلاقات الجنسية الرضائية خارج إطار الزواج، كما يجرم الأشخاص المنتمين للأقليات الجدنرية ويعتبر هويتهم إخلالا بالحياء العام حسب المواد 489 و490 و491 من القانون الجنائي. وقد سجلت الجمعية أن ولوج النساء للحقوق الفردية هو الأكثر عرضة للتضييق والانتهاك بسبب النظرة الدونية اتجاه المرأة المتفشية في المجتمع”.
وبخصوص اتهامات التجسس.فرغم نفي الحكومة المغربية هذه “الإدعاءات”، قالت الجمعية المغربية لحقوق الانسان في تقريرها، “فقد واصلت الدولة انتهاكها للحياة الخاصة لبعض المواطنين، وخاصة لنشطاء حقوق الإنسان والصحافيين المستقلين والمعارضين السياسيين، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، فقد كشف تقرير لمنظمة العفو الدولية في يونيو2020 عن عمليات تجسس باختراق الهواتف الخاصة لبعض النشطاء والصحفيين، منهم الصحفي عمر الراضي، بواسطة تطبيق تنتجه شركة “إسرائيلية” وتبيعه خصيصا للحكومات، وقد تصادف ذلك مع ما تعرض له عمر الراضي من استدعاءات واستنطاقات متكررة من طرف أجهزة الأمن حيث ترافق أيضا مع حملة إعلامية تحريضية ضده توجت باتهامه بالاغتصاب والمس بأمن الدولة، وتم وضعه تحت تدابير الحراسة النظرية”.
وتطرق تقرير الجمعية لقضية الصحفي سليمان الريسوني، وملف الاستاذ الجامعي المعطي منجب، حيث جاء فيه، “كما تعرض الصحفي سليمان الريسوني لحملة تحريضية مشابهة من طرف بعض المواقع الإلكترونية الموالية للدولة، إلى درجة أن أحد هذه المواقع حدد الفترة الزمنية التي سيعتقل خلالها، وهي الفترة التي اعتقل فيها بالفعل؛ ونفس الشيء تعرض له، وبشكل مماثل الناشط الحقوقي والصحفي الأستاذ الجامعي المعطي منجب”.
وفي نفس السياق، تقول الجمعية، إنه “تم انتهاك حرمة المنازل، وتوظيف مخبرين لمراقبة تحركات الناس، واختراق الرسائل النصية أو الاتصالات الرقمية الأخرى التي تنتهك الخصوصية، لاستعمالها في حملة التحريض ضد المدافعين/ات على حقوق الإنسان ونشطاء الحركات الاجتماعية والصحفيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي؛ وتجدر الإشارة ان الجمعية رصدت حالات انتهاك حرية المعتقد وحرية الضمير ومختلف الحريات المشار إليها سواء عبر التقارير الواردة من فروعها أو مما تداولته وسائل الإعلام، وأصدرت بشأنها بلاغات وبيانات ومراسلات للجهات المعنية”.
وتابعت الجمعية قائلة، أنها “رصدت العديد من المحاكمات التي انتهكت فيها شروط وضمانات المحاكمة العادلة، وقد تم تدوين أبرز هذه المحاكمات في التقرير”.
وحول وضعية السجون سجلت الجمعية في تقريرها “تفاقم تدهور وضعية السجون والسجناء، بسبب السياسة الجنائية المتبعة من طرف الدولة التي تقوم على منطق العقاب والتأديب والزجر وليس على مبدأ الإصلاح والتربية والإدماج، فالسجناء الذين غصت بهم سجون البلاد هم، في المنطق الرسمي، مجرمون لا يستحقون العيش بكرامة، لهذا يزج بهم في سجون هي أقرب إلى إسطبلات منها إلى مؤسسات للتربية وإعادة الإدماج، ومن أبرز ما سجلته الجمعية عن أوضاع السجون أنها تشكو من الاكتظاظ المتصاعد، فحسب الاحصائيات الصادرة عن رئاسة النيابة العامة والمندوبية العامة لإدارة السجون، فإن سنة 2020 اتسمت بارتفاع مقلق لعدد الوافدين الجدد على المؤسسات السجنية، حيث بلغت 14917 وافدا جديدا ضمنهم 4082 إناث بنسبة 3.89 %، والأحداث 4306 بنسبة 4.10 %، وهو ما يؤكد أن ظاهرة الاكتظاظ مازالت تطبع واقع السجون ببلدنا، فهو يُحَولُ حياة السجناء إلى جحيم ويَحُولُ دون تنفيذ برامج التأهيل وإعادة الإدماج، ودون التمتع بالحقوق التي تضمنها المواثيق الدولية لحقوق الانسان وذلك في تناقض تام مع نداءات المفوضية السامية لحقوق الإنسان للدول المطالبة بالتخفيف من ظاهرة الاكتظاظ من جراء وباء كوفيد، حيث أن الواقع اتجه إلى منحى الرفع من وثيرة الإيداع بالسجن وتم تغييب العقوبات البديلة غير السالبة للحرية، ومما فاقم من أوضاع السجون والسجناء في ظل هذا الاكتظاظ أن جل السجون المغربية لا تتوفر على قاعات للطعام، حيث يضطر السجناء إلى تناول وجباتهم في ظل شروط لا إنسانية، مما يجعل الكثير من السجناء يشكون من قلة وسوء التغذية، وفضلا عن ذلك، فإن أغلب السجناء لا يتمتعون بنظام حماية من الأمراض وخاصة المعدية منها، كما لم تتم حمايتهم من العدوى بجائحة كوفيد 19، حيث أصيب العديد منهم بها، إذ تم تسجيل 621 حالة مؤكدة إلى غاية 31 دجنبر 2020، تماثل للشفاء منها 604 حالة، وتوفي 11 مصابا، كما تم تسجيل 115 حالة إصابة وسط الموظفين، و8 حالات وفاة، وكل ذلك يتم في ظل معاملات قاسية وحاطة من الكرامة، مما جعل العديد من السجناء يكسرون حاجز الخوف ويتقدمون بشكايات إلى إدارة السجن أو إلى الجهات المعنية، فحسب إحصائيات المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج فإن عدد الشكايات والتظلمات المتوصل بها سنة 2020 من طرف السجناء بلغت 1477 شكاية وتظلم، تأتي في مقدمتها الشكايات المتعلقة بسوء المعاملة ب 556 شكاية، تليها الشكايات المتعلقة بالحرمان من الرعاية الصحية ب 332 شكاية وتظلم، ثم الشكايات المتعلقة بظروف الاعتقال ب 109 شكاية، ثم الحرمان من برامج التأهيل لإعادة الإدماج ب 42 شكاية، كما دفعت هذه الوضعية المزرية العديد من السجناء إلى الدخول في إضرابات عن الطعام احتجاجا على ما يعانونه من جحيم في سجون المملكة، إذ بلغ عدد المضربين عن الطعام سنة 2020 حسب المندوبية العامة للسجناء وإعادة الإدماج، ما مجموعه 1011 سجينا”.
وأضافت: “وقد اتسمت سنة 2020 بارتفاع عدد الوفيات في السجون، إذ بلغت 213 حالة (210 رجال و3 نساء)، وهو ما شكل زيادة في عدد الوفيات بالمقارنة مع سنة 2019، بلغت 42 حالة وفاة، ضمنها 11 حالة فقط نتجت عن الإصابة بكوفيد 19”.
أخنوش يترأس الوفد المغربي المشارك في مؤتمر المناخ “كوب 29” في باكو
استقبل رئيس جمهورية أذربيجان، إلهام علييف، والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ا…