يعرف شهر شتنبر في المغرب كل سنة ” حمى ” الدخول المدرسي والتي أضحت موعدا للعائلات كي تطرح نفس التساؤل ما هي جدوى التعليم في ظل هذا المناخ غير واضح الأفق بالنسبة لأطفالهم في ظل الغلاء المتواصل لفاتورة الدخول المدرسي وتدني جودة التعليم، وأصبحت هذه ” الحمى ” فرصة يقتنصها أصحاب المدارس الخاصة المتخصصين في التعليم الأولي الذين أصبحوا يتفننون في لائحة طلباتهم كل سنة من كتب وكراريس بكل الأشكال والأحجام وحقائب…إلخ٫ وكأنهم رفعوا شعار ” في ذلك فليتنافس المتنافسون “٫ غير أنهم رفعوه في فواتيرهم فقط.
و أمام هذا المشهد المتكرر تقف الوزارة الوصية موقف المتفرج٫ فلا هي قادرة على إعطاء بديل متكامل وناجع تكون هي المشرفة عليه بشكل مباشر ولا هي قادرة على مراقبة ” بزنس ” الدخول المدرسي وفوضى الخواص٫ وهنا نتحدث فقط عن المدارس الخاصة التي لا يهمها سوى الربح المادي دون بذل أي عناء للرفع من جودة التعليم والنهوض بهذا القطاع الذي ظل يعاني منذ تطبيق المغرب لسياسة التقويم الهيكلي في ثمانينات القرن الماضي٫ ،هنا نتحدث أيضا عن الوزارة الوصية الملقاة على عاتقها الوقوف عند كل التجاوزات ومراقبة الجودة وإعطاد بدائل أيضا كي يكون ولوج التعليم على قدم المساواة بين كافة أبناء هذا الوطن.
« تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة » الفصل 31 من الدستور المغربي 2011 .
« التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة » الفصل 32 من الدستور المغربي 2011 .
طلبات غريبة ومكلفة والآباء هم المتضررون..
تظل جيوب الأسر هي المتضرر الأكبر خلال الدخول المدرسي الذي يتزامن مع عيد الأضحى٫وتعرف لوائح متطلبات مدارس التعليم الأولي الخصوصية انتفاخا غير مسبوق٫ وغرابة أيضا في توعية طلباتهم.
بعد حصولنا على لوائح بعض المؤسسات الخاصة لمقارنتها٫ استغربنا من قيمة الطلبات وكثرتها ونوعيتها٫ فمثلا ماذا سيفعل طفل لم يتعدى الثلاث أو الأربع سنوات ” بلفافة الطلاء ” ” rouleau de peinture “٫ ألا تكفي فرشاة صباغة وبعض الدهانات كي يرسم طفل الثلاث سنين؟
هل فوضى المناهج التعليمية نتيجة لقانون العرض والطلب؟
تختلف المجموعات التعليمية من مؤسسة إلى أخرى٫ وكل مؤسسة تعتمد سلسلة من الكتب وفق معاييرها الخاصة والتي في أغلب الأحيان ترضخ لقانون السوق٫ وتوجد العشرات من دور النشر المغربية أغلبها يهتم بمجال التعليم الأولي٫غير أن انفتاح السوق في وجه المنافسة الخارجية ودخول كتب من الشرق ومن الغرب موجهة للأطفال وضعف المراقبة يجعل من التعليم الأولي عرضة لمجموعة من التجاوزات وفريسة سهلة لأصحاب “ الشكارة ” الذي لا يهمهم غير الربح المادي٫ الشيء الذي يجعل من سوق الكتب التربوية يعيش حالة فوضى كبيرة٫ بحيث توجد العديد من سلسلات التعلم من الكتب المدرسية متعددة ومتضاربة فيما بينها٫ وتتجاوز العديد من هذه الكتب القواعد القانونية والعلمية المسطرة في الوثائق الرسمية للوزارة.
« خلصت مختلف التقارير المنجزة عن التعليم بالمغرب خلال السنوات العشر الماضية خاصة من طرف المجلس الأعلى للتعليم، واليونسكو، والبنك الدولي، إلى الضرورة الملحة لإرساء تعليم أولي معمم وذي جودة؛ باعتباره مرحلة قائمة الذات من شأنها تهيئ الأطفال للمرحلة الابتدائية وذلك من خلال استهداف تنمية الكفايات الأساسية للطفل ومهاراته اللغوية والتركيز على الأنشطة الحسحركية والتربية الفنية. ولم يفت هذه التقارير الإشارة إلى أوجه القصور وضعف الأداء الذي ميز هذا القطاع ». دراسة تشخيصية قامت بها وزارة التربية الوطنية سنة 2014 .
ضدا على القانون التنظيمي مدارس خاصة تبيع الكتاب المدرسي داخل مؤسساتها
أصبح هم الربح عند بعض المؤسسات التعليمية الخاصة أكبر من أي قانون٫ فأصبحت تتاجر حتى بالكتب المدرسية الشيء الذي يمنعه القانون التنظيمي 06.00 ٬ الشيء الذي أدى إلى احتجاج كتبيي المغرب في جهة الرباط–سلا–القنيطرة في الشهر الماضي ٫ والذي اعتبروه مخالفة لمقتضبات القانون المنظم الذي يعد بمثابة قانون أساسي للتعليم المدرسي الخصوص.
التنسيقية الوطنية لكتبيي المغرب: « تضُر بمصالح الكتبيين وبخزينة الدولة ومداخيلها الجبائية، كما أنها تخرج عن السكة الحقيقية المرسومة للمدرسة ألا وهي التربية والتعليم وكل ما له علاقة بالجانب البيداغوجي ».
في انتظار أن تمر “حمى” الدخول المدرسي، تليها “قيامة” الانتخابات٫ وفي ظل هذه الفوضى يظل مستقبل أطفالنا رهين بسياسة تعليمية مترنحة ومستوى جد ضعيف٫ سياسة مرتبطة باقتصاد السوق بالاساس٫ و بـ”مول الشكارة” الآمر الناهي في اختياراتنا.
عمدة مدينة الرباط تتفاعل مع فضيحة “تلقي الرشوة” في امتحانات الكفاءة المهنية
وجهت فتيحة المودني، رئيسة المجلس الجماعي للعاصمة، مراسلة إلى فاروق مهداوي، المستشار الجماع…